تسبب حريق هائل أمس في تدمير 7 مبان أثرية بمنطقة جدة التاريخية. وكان الحريق بدأ في أحدها وانتقل للمباني الأخرى في دقائق قبل أن تصل آليات الدفاع المدني إلى بقية المباني. وتحولت "الرواشين" الخشبية إلى كُتل من الجمر، فيما فر الأهالي من مساكنهم مذعورين من سحب الدخان والنار. ووصف مدير عام السياحة والثقافة بأمانة جدة المهندس سامي نوار الحادث ب"الخسارة الفادحة" وأردف قائلا: أخشى أن يأتي يوم تفقد فيه سياحة جدة التاريخية أهم وأبرز مقوماتها التي تتمثل في هذه المباني التي تبدو وكأنها "تنتحر" بشكل جماعي بسبب الإهمال وتخلي مُلاكها عنها!. الناطق الإعلامي لمديرية الدفاع المدني بمنطقة مكةالمكرمة النقيب عبدالله بن محمد العمري أوضح أن الحريق نشب في 7 عمائر متجاورة في المنطقة التاريخية وتحديدا في حارة "المظلوم" وجميعها مأهولة بالسكان من مختلف الجنسيات مشيرا إلى أن البلاغ وصل لغرفة العمليات في الساعة الثانية والنصف الذي صادف وقت "الذروة" عند خروج معظم الموظفين والطلاب من مقار أعمالهم ومدارسهم إلى جانب تجمهر المئات من سائقي السيارات على جنبات الطريق المؤدي للموقع الأمر الذي سبب نوعا من إعاقة الحركة لآليات الدفاع المدني التي هرعت منها 10 فرق لموقع الحريق، وأضاف العمري أن الحريق انتقل من مبنى إلى آخر من خلال "الرواشين" الخشبية بسرعة مذهلة ما جعل رجال الإنقاذ يباشرون عملهم سريعا مستخدمين الكمامات لإنقاذ بعض السكان الذين كانوا لا يزالون بداخلها فيما أخليت كامل المستودعات التجارية والمباني المجاورة. وقال العمري إن فرق الإطفاء عمدت للتركيز في استخدام مادة الرغاوي في الإطفاء في محاولة لتجنيب المباني القديمة الانهيار عند استخدام "المياه"، وأضاف أن أحد المباني انهار أثناء عمليات الإخماد تبعه انهيار جزئي لمبنيين آخرين فيما تمكنت فرق الإطفاء من السيطرة على الحريق تماما خلال 3 ساعات من العمل المتواصل. وحول الإصابات أو الخسائر البشرية أضاف أنه لم تسجل أي إصابات أو خسائر بشرية عدا إصابة مواطن باختناق وتلقى الإسعافات في موقع الحادث فورا واختتم العمري أن فرق الإطفاء لا تزال مرابطة في الموقع للقيام بعملية التبريد والتأكد من توقف الأدخنة نهائيا فيما باشر فريق التحقيق أعماله للكشف عن أسباب الحريق الذي لم تتضح أسبابه بعد. ووصف مدير عام السياحة والثقافة بأمانة جدة المهندس سامي نوار في اتصال هاتفي حيث يُحَضِّر حاليا على رأس وفد للمشاركة بفعاليات مهرجان "الجنادرية" بالعاصمة الرياض أن الحادث يعتبر خسارة فادحة أخرى مُني بها الإرث المعماري التاريخي الذي تميزت به جدة متمنيا أن تتضافر كافة الجهود لوقف ما أسماه ب"الهدر" والفاقد المتزايد في مثل المباني التي بقيت صامدة مئات السنين لتلقى مصيرها من النسيان والإهمال من مالكيها الأصليين في ظل عدم وجود احتياطات للسلامة المدنية بشكل مناسب. "الوطن" حاولت الاتصال بمدير إدارة تطوير المنطقة التاريخية بجد الدكتور عدنان عدس إلا أن هاتفه المحمول كان مغلقا. شبكة إطفاء ذاتي أوضح مدير المركز الإعلامي بأمانة محافظة جدة أحمد الغامدي ل"الوطن" أمس أن الأمانة سبق وأن قامت بحملة تحذير لسكان المباني التاريخية في "البلد"، وطالبتهم بإخلائها للبدء في أعمال الترميم والتأهيل، وكان من ضمن تلك المواقع المباني السبعة التي تضررت من حريق الأمس. وأشار الغامدي إلى أن الأمانة والدفاع المدني وبتوجيهات من محافظ جدة الأمير مشعل بن ماجد انتهيا من تزويد كافة المنطقة التاريخية بشبكة إطفاء ذاتي كان من المقرر تشغيلها في بداية الشهر المقبل. وقال الغامدي: إن العديد من المواقع كانت تستخدم كمستودعات للبضائع وتم إخلاء جزء كبير منها الأمر الذي أسهم في تخفيض نسبة الخسائر المادية، مهيبا بملاك العقارات في جدة القديمة عدم التأجير على السكان خلال هذه الفترة خصوصا وأن غالبية سكان المباني التاريخية من مجهولي الهوية ويتكدسون بأعداد كبيرة في مساحات صغيرة تفتقد لاحتياطات السلامة.