قدمت دار الأوبرا السورية، بالتعاون مع المركز الثقافي السوري في طهران، ومتحف طهران للفنون المعاصرة، أخيرا العرض المسرحي الإيراني "حالة عشق" عن جلال الدين الرومي أحد أشهر المتصوفين في التاريخ الإسلامي. وُلد في بلخ، لكنه أمضى أكثر أيامه في مدينة قونية، حيث يعتبره الإيرانيون إيرانيا، والأفغانيون أفغانيا، والأتراك تركيا، أما هو فكان يقول عن موطنه وأسلوبه في الحياة: أي تقدير هذا بأني لا أعرف نفسي/ لا شرقي ولا غربي ولا بري ولا بحري/ لا من كائنات الطبيعة ولا من الأفلاك الدائرة/ لا من الهند، ولا من الصين ولا من البلغار وسقسين/ ولا من أرض العراق ولا من أرض خراسان/ مكاني لا وجود له وعنواني بدون عنوان/ بدون جسم وبدون روح، ولكني روح من الأرواح. من أعمال جلال الدين الرومي (فيه ما فيه، مكاتبات، رباعيات، ديوان كليات شمس تبريزي، مثنوي، صقيل الأرواح)، والأخير كتاب أشعار عرفانية على شكل قصص. تميز العرض بمشهدية عالية، وبذخ في عنصر الإضاءة، جعل العرض كلاسيكياً بامتياز. كما أن تقسيم فضاء المسرح إلى مسارح مركبة، عبر تجزيء الخشبة بستارات دائرية متعددة، يوحي بالتواصل بين الممثل والمشاهد. إضافة إلى ذلك، كانت الموسيقى، عبر الآلات الموسيقية، والأصوات البشرية، عنصراً هاماً من خلال ظهور العازفين (مجيد علي زاده، إيثار ياور) على المسرح. الأمر الملفت هو قيام محمد حاتمي، وهو المخرج، بدور جلال الدين الرومي، إضافة إلى كونه أحد الأصوات الموسيقية، ومصمم مشاهد الإضاءة التي خطفت الأضواء من الممثلين رغم الإجادة. وحاتمي يتميز باشتغاله على المسرح التجريبي، بعد ست تجارب سابقة، قبل هذا العرض، الذي ينتمي إلى الاتجاه نفسه، مع مزج موفق، عبر ساعة ونصف من زمن العرض، بين المسرح الكلاسيكي والتجريبي، إذ نجد الجوقة، والأقنعة، والإيماء، والرقص، والغناء، في فضاء واحد، إضافة إلى شكل الأداء الذي يظهر "المبالغة" في الأداء، وهذا في الحقيقة هو نوع من الفخامة الاستعراضية، خاصة أن النص في معظمه يعتمد على أشعار جلال الدين الرومي. ومن ثم يمكننا الإشادة بأداء الممثلين والعازفين جميعاً، بدايةً من محمد حاتمي، وخاصة الممثلة رؤيا نونهالي (كراخاتون، الراوية).