"تخطي الحدود، دخول غير مشروع، دخول الحدود مخالف" تهم سجلت بجانب أسماء سعوديين اعتقلوا في العراق، اختلف مصطلحها وتوحد مضمونها وهي الدخول إلى الأراضي العراقية بطريقة غير مشروعة. إضافة إلى "تهم غير معروفة" لمن اعتقل من دون معرفة تهمته الحقيقية إلى جانب تدوين عبارة "لا يعلم عنه شيء". ملف شائك اختلفت حكايات السجناء السعوديين في العراق واتفقت نهاياتهم خلف الأسوار، فيما وصفت بعض المنظمات ملف المعتقلين في العراق ب"الشائك" لعدة أسباب منها عدم توفر أرقام فعلية بعددهم لدى السلطات العراقية وعدم توقيع اتفاقية تبادل السجناء المحكوم عليهم بين المملكة والعراق. وفتحت "الوطن" هذا الملف لمعرفة العدد الفعلي للمعتقلين السعوديين في العراق حيث أكد السفير العراقي بالرياض غانم الجميلي أن العدد يتجاوز ال100 معتقل، في حين لا يوجد لدى الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان سوى 56 اسم معتقل حسب تظلم أهاليهم. وأولت الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان في المملكة هذا الملف اهتماما بالغا من حيث خطاباتها المتكررة لعدة جهات عراقية من بينها وزارة حقوق الإنسان العراقية والسفارة العراقية بالرياض باحثة عن مخرج للمعتقلين السعوديين في العراق، وفتحت الملف بعد أن لجأ إليها عدد من أهالي المعتقلين والذي احتوى 56 معتقلاً في السجون العراقية توزعوا على 10 سجون شملت "سوسة، الناصرية، منطقة القائم، أم قصر معتقل بوكا، سجن الكاظمية شعبة رقم 5، العراق، الموصل، كروبد بغداد، سجن المطار، إضافة إلى معتقل أبوغريب الذي أغلق مؤخرا". وكررت الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان خطاباتها بعد وفاة معتقل سعودي في سجن سوسة السليمانية عام 1428 يحمل الرقم 3264 محكوم عليه بالسجن 15 سنة وفق المادة 10 من قانون الجوازات "حسب مضمون خطاب جوابي لسفارة العراق بالرياض" التي أكدت أنه أجري التحقيق من مركز شرطة بيرمكرون وأرسلت جثة المعتقل السعودي إلى الطبابة العدلية في السليمانية حيث كان النزيل يعاني من مرض سرطان الدم وأرسل عدة مرات إلى مستشفى بيرمكرون للعلاج. قاعدة العراق على الجانب الرسمي، أكد مصدر أمني ل"الوطن" الحرص على إعلان قوائم بمن تتوفر معلومات عنهم، فيما خفت حدة التغرير بالسعوديين بعد فتوى المفتي العام للمملكة الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ التي حذر فيها من الذهاب إلى خارج المملكة بحجة الجهاد في سبيل الله لاضطراب الأوضاع والتباس الأحوال وعدم وضوح الرايات مما يترتب عليه مفاسد عظيمة، بالإضافة إلى ارتفاع مستوى الوعي العام بالمملكة عن فكر القاعدة وما يحيط به من شبهات في ضوء جهود وزارة الداخلية لمكافحة الفكر الضال وتجارب من تمكنوا من العودة من العراق وتسليم أنفسهم للجهات الأمنية بالمملكة. غياب المعلومات وأشار المصدر إلى أنه لا يتوفر حالياً أي تنظيم رسمي لتبادل المعلومات بانتظام بين الجهات الأمنية بالمملكة والعراق. وأكد المصدر أن حدود المملكة مع العراق تخضع لإجراءات حازمة ومشددة للحيلولة دون التسلل من خلالها إلى العراق أو العكس، ولم يسبق أن سمعنا عن أي ملاحظات ذات علاقة بالإجراءات الأمنية المعمول بها على الرغم من عدم كفاية الإجراءات المساندة على الجانب العراقي من الحدود، فيما يتم في العادة استدراج المغرر بهم إلى دول أخرى يتم المرور منها إلى داخل العراق وفق تدابير تشمل استقبالهم ونقلهم وتوفير الملاذ الآمن لهم. وشدد المصدر على حرص المملكة على المشاركة في كافة اللقاءات التي تعقدها دول الجوار مع العراق، وتسعى لرفع مستوى التعاون معها للحيلولة دون مرور من تنجح القاعدة في التغرير بهم وتجنيدهم للدخول إلى العراق، ودعوة دول الجوار إلى منع السعوديين من التسلل عبر حدودهم إلى العراق وإعادتهم إلى المملكة لإخضاعهم للأنظمة وبرامج المناصحة والرعاية المعمول بها في المملكة. تبادل سجناء من جهته، أوضح السفير العراقي في الرياض غانم الجميلي في اتصال مع "الوطن" أنه تم الاتفاق على مسودة اتفاقية تبادل السجناء المحكوم عليهم بين الحكومتين السعودية والعراقية وقال: نحن بصدد تحديد الموعد للتوقيع بين وزارتي الداخلية السعودية والعدل العراقية". وحول عدد السعوديين المعتقلين في العراق، أوضح الجميلي أنه تم تسليم السلطات السعودية قائمة بأسماء المعتقلين، وكشف أن عددهم نحو 107 معتقلين سعوديين. وقف الإعدامات وناشدت الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان بالمملكة الجمعة الماضي السلطات العراقية وقف إجراءات تنفيذ عقوبة الإعدام بحق عدد من الموقوفين السعوديين في السجون العراقية. وأكد رئيسها الدكتور مفلح القحطاني ل"الوطن" مطالبة الجمعية بتسليم السلطات العراقية نظيرتها بالمملكة المعتقلين السعوديين من خلال الإسراع في توقيع اتفاقية تبادل السجناء، مشدداً على ضرورة الإعلان عن أسماء وأماكن المعتقلين السعوديين في العراق. وكشف القحطاني عن ورود بعض الشكاوى من ذوي السجناء المسجونين في السجون العراقية، مشيرا إلى أنهم يطالبون بالنظر في وضعهم وإعادتهم للمملكة بالتعاون مع السلطات السعودية، وتطرق إلى جهد السلطات السعودية الكبير الذي تبذله في هذا المجال، وتمنى عودة السجناء الى المملكة وألا تنفذ أحكام الإعدام بحق من صدرت ضده من المعتقلين. معتقلون عرب وسعوديون من جانبه أوضح محمد القحطاني والد "عوض" المعتقل في سجن الناصرية بالعراق أن ابنه اختفى منذ 7 سنوات، وقال "بعد أن قضى العيد معنا عام 1425 وسافر ولم يعد"، مبيناً أنه بعد عدة أشهر من غيابه اتصل ليخبرهم أنه داخل العراق. وأضاف القحطاني في اتصال هاتفي مع "الوطن" أمس "ابني اعتقله الأميركيون في البداية ومن ثم جرى تسليمه للسلطات العراقية قبل نحو 3 سنوات"، وبين أن آخر إتصال تلقاه من ابنه المعتقل كان في عيد الأضحى الماضي. وأكد القحطاني أنه حكم على ابنه بثلاثة أحكام كانت في البداية بالإعدام وبعدها تخففت إلى السجن ولا يعلم كم مدة حكمه. ولفت القحطاني إلى أن ابنه أوضح من خلال اتصاله أنه معتقل في سجون الناصرية ويوجد برفقته 59 عربيا "داخل بركس واحد" من ضمنهم 9 سعوديين، ونوه بجهود وزارة الداخلية في هذا الجانب، مؤكدا أنها أفادته أن ابنه من الأشخاص الذين طالبت بإعادتهم إلى المملكة. تغرير أما سعد عوض القرني، ابن عم سعيد سعد القرني المعتقل في سجن سوسة العراقية، فأكد خلال اتصال مع "الوطن" أمس أن ابن عمه اليتيم من الأب كان طالبا في الجامعة وغرر به وهو لم يتجاوز 22 سنة من أحد أصحابه الذي ذهب معه وعاد لاحقا، وبين أن صاحبه أكد في وقت سابق أنه استشهد وبعدها عاد للمملكة ليؤكد لأهل القرني أن ابنهم معتقل في أحد السجون العراقية. وأوضح القرني أن قريبه اختفى عام 2003، وقال "حضر زواج لأحد أقاربه ثم سافر بعده بيومين بعد أن أكد أنه ذاهب إلى مكةالمكرمة لأداء العمرة ليتصل بأهله من الفلوجه ويؤكد لهم أنه ذهب للجهاد، ومن ثم اختفى منذ 3 سنوات"، مبيناً أن أهله يقومون بإرسال بعض الحاجيات التي تصله عن طريق إحدى الشركات توصيل "ملابس وقهوة وعسل وكتب" ويستلمها بعد 10 أيام من الإرسال. وأوضح القرني أنه صدر حكم بالسجن 15 سنة لابن عمه الذي أكد في آخر اتصال أن الأمور داخل السجن تحسنت عن الأول ولم يتطرق لتعرضه للتعذيب، وأعرب القرني عن تفاؤله بعودة ابن عمه اليتيم قريبا.