تشهد سوق خام الحديد في العالم مواجهات شديدة بين أكبر ثلاث شركات منتجة عالميا لخام الحديد، وهي فالي البرازيلية وريو تينتو البريطانية وبي إتش بي بيلتون الأسترالية، وبين شركات تصنيع الصلب التي تقاوم محاولات المنتجين الكبار لرفع أسعار الخام في الربع الثالث من هذا العام. والصين هي أكبر زبون للشركات الثلاث إلا أن الحكومة الصينية تقود حملة قوية لكسر احتكار المنتجين الثلاثة على خام الحديد كان من مظاهرها انخفاض استيراد الصين للخام من المنتجين الثلاثة في الأشهر الثلاثة الماضية. وللصين وجهة نظر قوية متعلقة بالمواجهات مع المنتجين الثلاثة، فقد خفضت أسعار الحديد والصلب بنسبة 10% في يونيو الجاري من أبريل الماضي بسبب توجه الحكومة للسيطرة على المضاربات العقارية في البلاد. ويترقب منتجو الحديد في المملكة مثل الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك) ما ستسفر عنه هذه المواجهات في الشهرين المقبلين التي سيتحدد على أساسها سعر إنتاج الحديد محليا. ويسعى المنتجون الثلاثة الكبار الذين يتحكمون في ثلاثة أرباع الإنتاج العالمي من خام الحديد المستخرج والمشحون على السفن إلى رفع الأسعار من خلال تخليهم عن البيع بنظام العقود الفصلية وبيعه بنظام السعر الفوري الذي يتغير يوميا للاستفادة من التغيرات في الطلب بسبب تحسن الأوضاع العالمية. وتوجد محاولات قوية للاندماج بين ريو تينتو البريطانية وبي إتش بي بيلتون الأسترالية ثاني وثالث أكبر المنتجين على التوالي، بهدف توفير 10 مليارات دولار سنويا من تكاليف الإنتاج، إلا أن هيئة المنافسة الأسترالية أعلنت أول من أمس تأجيلها لإصدار قرار بخصوص عملية الاندماج حتى منتصف شهر يوليو المقبل. وتسعى الشركتان لإنشاء شركة مشتركة بينهما يمتلكانها بالمناصفة قد تبلغ أصولها نحو 134 مليار دولار بحسب تقديرات مصرف يو بي إس السويسري. وإذا ما تم ذلك ستتمكن الشركتان من التحكم في الأسعار بصورة كبيرة نظرا لأن إنتاجهما المشترك للخام يصل إلى 45% من الإنتاج العالمي بحسب بيانات المنتجين الثلاثة. والمواجهة الأكبر حاليا تجري بين شركة فالي البرازيلية التي تنتج أكثر من ثلث خام الحديد عالميا والصين وهي أكبر زبون لشركة فالي التي حققت 32% من إيراداتها من السوق الصينية وحدها خلال الربع الأول. وخفضت الصين استيرادها لخام الحديد من شركة فالي بصورة كبيرة هذا العام، وهو ما أدى إلى انخفاض إيرادات فالي من الصين إلى 32% في الربع الأول من هذا العام مقارنة بنسبة 45% للربع نفسه من العام الماضي، بحسب بيانات لشركة كريديت سايتس الأمريكية. وتدرك شركة فالي البرازيلية التي تستطيع إنتاج حتى 300 مليون طن من خام الحديد سنويا مساعي الصين لتقليل استهلاكها من خام الحديد، ولذلك تسعى "فالي" للبحث عن أسواق جديدة بحسب ما ذكره الرئيس التنفيذي للشركة البرازيلية خوسيه كارلوس مارتين في الصين مطلع شهر يونيو الجاري. وتمكنت الصين من كسب المواجهات مع المنتجين حتى الآن إذ انخفضت أسعار الخام الذي يحتوي على نسبة 62% من الحديد الذي استوردته الصين انخفض في شهر مايو الماضي بنسبة 16% إلى 145 دولارا للطن وهو أشد انخفاض شهده الخام منذ مارس 2009. والحكومة الصينية لديها خطة جادة متوسطة المدى لإعادة ترتيب وضع صناعة الحديد والصلب فيها تم الإعلان عنها يوم الخميس الماضي ونقلتها وكالة الأنباء الصينية (شينخوا). وتهدف الخطة الصينية الجديدة إلى رفع اكتفاء الصين من الحديد والصلب المصنوع محليا من 44% في العام الماضي إلى 60% بحلول عام 2015، عبر تشجيع شركات الصلب الكبرى على الاستحواذ على الشركات الصغرى لخلق كيانات ذات كفاءة إنتاجية عالية. ووجهت الحكومة الشركات الكبرى الصينية إلى البحث عن مصادر مستدامة لخام الحديد من خارج البلاد يمكن الاعتماد عليها بصورة مستقبلية. وإذا ما تمكنت الصين من السيطرة على أسعار خام الحديد الذي تستورده فإن هذا سيؤدي إلى هبوط الأسعار عالميا، وسيدعم هذا الانخفاض في الأسعار رفض السلطات الأسترالية اندماج شركتي ريو تينتو وبي إتش بي بيليتون، والذي سينهي أي احتكار للشركتين مستقبليا. وتتوقف الأسعار في الربع الثالث على قدرة الشركات الثلاث من فرض نظام البيع بأسعار فورية بدلا من النظام القائم حاليا على السعر الفصلي والذي يتم البيع على أساسه لما يقارب من أربعة عقود. وترتبط شركة سابك بعقد مدته 10 سنوات مع فالي البرازيلية لتوريد 3.3 ملايين طن من كريات الحديد المعدة للتشكيل (البيليت). ولكن فالي كانت قد أعلنت أنها لن تلتزم بنظام التسعيرة القديمة وهو ما قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار منتجاتها مستقبلا.