حذر عضو هيئة التحقيق والادعاء العام بالمنطقة الشرقية محمد بن عبدالله الطريم من مخاطر جرائم غسيل الأموال، مبينا أن دخول تلك الأموال إلى الأسواق سيؤدي إلى التضخم، في حين أن خروجها سينتج عنه الانكماش ثم الكساد. وأكد أن جريمة غسيل الأموال تنطوي على مجموعة جرائم تتم في آن واحد تضرب النظام الاجتماعي والاقتصادي. وأوضح الطريم في محاضرة أقيمت أمس بغرفة الشرقية أن غسيل الأموال يعرف ب"إعادة تدوير الأموال الناجمة عن الأعمال غير المشروعة في مجالات وقنوات استثمار شرعية لإخفاء المصدر الحقيقي لهذه الأموال ولتبدو كما لو كانت قد تولدت من مصدر مشروع" ، مشدداً على أن هذه العملية تقوم بها منظمات الجريمة التي تتعامل في الاتجار بالمخدرات والعقاقير المؤثرة على العقل والاتجار في الرقيق والأعضاء البشرية، فضلا عن الرشوة والابتزاز وفرض الإتاوات، وعمولات بيع السلاح وعمولات الفساد الإداري في مختلف صوره وأشكاله. وقال الطريم إن المال المراد غسله عندما يحل في أسواق دول ما فإنه يعني زيادة بمقدار حجمه في العرض النقدي لهذه الدول بما يفوق كثيرا مقدار ناتجه القومي من السلع والخدمات، الذي سيؤدي حتما إلى "التضخم"، وعندما يحين موعد رحيل هذا المال وتصديره إلى الخارج حيث موطنه الأصلي، فإن ذلك يتسبب في نقص السيولة في الدولة المضيفة له، وهو ما يعني الانكماش ثم الكساد. وأضاف أن ما بين هاتين الدورتين الاقتصاديتين تتذبذب بشدة أسعار صرف عملة الدولة المضيفة للمال المغسول. وذكر أن منظمات غسل الأموال تفضل غالبا المضاربة على العقارات والمجوهرات بما يرفع قيمتها السوقية بغير مبرر وبما قد يضر بالغالبية من أبناء هذه الدولة . وأشار إلى أن عمليات غسيل الأموال تؤثر على الاقتصاد القومي من خلال دعم الجرائم مثل المخدرات والفساد الإداري والفساد السياسي وغيرها، حيث تؤدي إلى هروب جانب من الدخل القومي المشروع إلى خارج البلاد وهي حصيلة النقود التي يستولي عليها بطرق غير شرعية، وهو ما يعني إضعاف الدخل القومي المحلي وما يرتبط به من آثار انكماشية تؤدي إلى تراجع معدل زيادة الدخل القومي سنويا. ولفت إلى أن عمليات خروج الأموال إلى الخارج في سلسلة حلقات غسيل الأموال تؤدي إلى زيادة العجز في ميزان المدفوعات، وحدوث سيولة في النقد الأجنبي تهدد الاحتياطات لدى البنك المركزي من العملات الحرة. وقال الطريم إن غسيل الأموال يتسبب في إنهاك البنوك المتورطة في عمليات الغسيل، والبورصات التي تستقبل الأموال الناتجة عن هذه الجريمة، حيث يكون اللجوء إلى شراء الأوراق المالية من البورصة ليس بهدف الاستثمار، ولكن من أجل إتمام مرحلة معينة من مراحل غسيل الأموال ثم يتم بيع الأوراق المالية بشكل مفاجئ، مما يؤدي إلى حدوث انخفاض حاد في أسعار الأوراق المالية بشكل عام في البورصة، ومن ثم انهيارها بشكل مأساوي. وذكر أن جريمة غسيل الأموال تتسم بعدة خصائص، أبرزها أنها جريمة ذات بعد عالمي، ساهم التقدم العلمي وتطور وسائل الاتصالات في تطورها وسرعة انتشارها، وتتم غالبا بشكل منظم، لذلك فهي من الجرائم الدولية الخطرة، كما أنها من الجرائم التي تعتمد الوسائل التقنية الحديثة لذلك فهي ظاهرة تتصاعد بشكل مخيف فالغسل الإلكتروني يتم في بضع دقائق.