اتهمت مثقفات وتربويات النظام التعليمي بقتل محبة الشعر وروح الإبداع لدى أطفال المرحلة الابتدائية، بسبب نمطية أداء معلمي ومعلمات الصفوف المبكرة للأناشيد. وقالت نائبة رئيسة اللجنة النسائية بنادي الطائف الأدبي سارة الأزوري: إن هذه الأناشيد ارتبطت بالمفاهيم الدينية والوطنية دون الاهتمام بالمتغيرات المرتبطة بالمرحلة الطفولية وظروف العصر وثقافته، مشيرة إلى أن المعلمين والمعلمات قُُيدوا بطريقة معينة في أداء الأناشيد، هذه المرحلة أساءت للشعر ومحبته لدى الأطفال. وأضافت الأزوري التي ألقت محاضرة الأسبوع المنصرم في نادي الطائف الأدبي حول هذه القضية: أن لغة الأناشيد الخاصة بالصفوف المبكرة بالمرحلة الابتدائية لغة جامدة ومرتبطة بالمفاهيم الدينية والوطنية إضافة إلى سطحيتها فنيا، وضربت مثالاً بنشيد "طفل مجد" ذاهبة إلى القول بعدم وجود ما يستفز الخيال أو الابتكار، ولا نصوص تحارب الفكر المنحرف. وتطرقت إلى أهمية تزويد الطفل بحصيلة لغوية جيدة بحيث تتسرب في اللاوعي والدليل على ذلك ما انتهجته ثقافتنا في حفظ القرآن والحديث، مؤكدة ضرورة العناية بهذه الأناشيد لأنها تركز على سلوكيات عامة والطفل بحاجة إلى غرس قيم سلوكية بحيث يتم التوافق بين ما اكتسبه الطفل من المدرسة وما يحيط به خارجياً، مشيرة إلى أن القيم تبقى نظرية إذا لم تتحول إلى سلوكيات مترجمة. التربوية زبيدة الردهان قالت في هذا السياق: إن الطفل يحتاج إلى التعليم من قبل والديه منذ بداية نطقه الحروف لأنه مولود على الفطرة، وأهم خطوة لتعليم الطفل هي تنمية قدرته على الإلقاء الجيد والجرأة في الحديث دون تلعثم، والطفل في مجتمعنا السعودي في مراحله المبكرة جداً ربما لا يستطيع الإجابة عن أي سؤال من قبل شخص قريب أو بعيد حتى لو كان السؤال تقليديا: "ما اسمك؟ وكم عمرك؟ وفي أي مرحله تدرس؟"، مضيفة أن "الطفل لدينا يتلعثم وربما لا يرد وأحيانا يختبئ في أمه، بينما في بعض البلاد الأخرى نجده يجيب بطلاقة وجرأة، فالثقة يتعلمها الطفل من أسرته ومن معلمه. وبينت الردهان أن مادة الأناشيد مادة مغناه تختلف عن القراءة والكتابة، فهي تحاكي الحقيقة مثل "البستان، المدرسة، الوطن" ينبغي أن يكون هناك صور بلاغية ولغة قوية تشد انتباه الطالب والطالبة، ولا بد من إكساب التلاميذ ثروة لغوية تساعدهم فيما بعد على استنتاج أي صورة، كما أن أسلوب القصة يحرك الوجدان، فهي تؤثر وتشد الطالب وتوقظ انتباهه، ومنها القصص القرآني، والقصص النبوي. وأوضحت المعلمة بإحدى المدارس الثانوية "نورة البقمي" أن هذه الأناشيد لا تزال تتخذ صفة البساطة في اللغة والبعيدة تماماً عن الإجادة، كما أن طريقة تدريس هذه الأناشيد نفّرت كثيراً من الطالبات من القراءة الجيدة للنصوص وخاصة تلك القراءة المتمثلة للمعنى، ويغلب على جميع الطالبات القراءة السريعة والمتعثرة التي تكاد تمتلئ بالأخطاء، إضافة إلى ارتباك الطالبات أثناء القراءة للنصوص الشعرية، وأضاف: ليست هذه الحال لدى الطالبات فقط، بل لدى بعض المعلمين والمعلمات لجميع المراحل، حيث يجدون حرجاً أثناء قراءة النصوص الشعرية. بينما ذكرت الطالبة بالصف الثالث الابتدائي "سلمى الحارثي" أنها دائماً ما تصاب بضعف في صوتها من شدة صراخها أثناء أداء النشيد مع المعلمة في الحصة، وقالت: إننا جميعاً نقوم بترديد النشيد وراء المعلمة متابعين فيها طريقة أدائها، وقد يعلو الصوت وينخفض حسب طريقة المعلمة. يذكر أن فعاليات الأسبوع الثقافي للمرأة والطفل بنادي الطائف الأدبي الذي انتهت فعالياته الأسبوع المنصرم قد ناقشت كثيراً من الإشكاليات التي تعوق رعاية المواهب، وتحد من قدرة النشء على القراءة الصحيحة وأداء الأناشيد بأسلوب ينمي الإحساس بالكلمة ويخلق آفاقاً رحبة للخيال والفكر والإبداع، وصاحبها معرض تشكيلي تم إعداده من مواهب طالبات جامعة الطائف في الفن التشكيلي والتصوير الفوتوجرافي إضافة إلى بعض لوحات الدكتورة وفاء خنكار.