فيما ارتفعت تحويلات العاملين في المملكة من 57.294 مليار ريال في عام 2006 إلى 98.127 مليار ريال في 2010 بزيادة نسبتها 71.3% تمثل 40.88 مليار ريال، توقع اقتصادي وصول إجمالي التحويلات للعام الجاري إلى نحو 110.6 مليارات ريال. وقال عضو جمعية الاقتصاد السعودية، عبدالحميد العمري في تصريح إلى "الوطن": إن حجم التحويلات المالية للعمالة الأجنبية من الاقتصاد السعودي للفترة منذ مطلع 2006 إلى نهاية الربع الأول من عام 2011 بلغ نحو 414.6 مليار ريال، مقدرا أن يرتفع إلى نحو 500 مليار ريال بنهاية 2011، مبينا أن التحويلات تشكل أكثر من 13% من حجم الاقتصاد السعودي غير النفطي. وأشار العمري إلى أن تلك التحويلات المالية للعمالة الأجنبية تمثل أحد أخطر عمليات التسرّب المالي والاقتصادي التي تعمل على إضعاف دورة الأموال في النشاط الاقتصادي المحلي. ونوه إلى أن حجم عوائد الاستثمار الأجنبي في الاقتصاد الوطني المحولة إلى الخارج خلال نفس الفترة من 2006 إلى نهاية الربع الأول من عام 2011 بلغت نحو 168.1 مليار ريال، والتي نتجت عن تدفق استثمارات أجنبية إلى الاقتصاد الوطني للاستثمار بصورة مباشرة في العديد من القطاعات الاقتصادية الحقيقية باستثناء سوق الأسهم السعودية. وأشار إلى أن الاستثمارات الأجنبية وفقاً لتلك الإحصاءات تمكنت من تحقيق عوائد على استثماراتها في الاقتصاد الوطني تجاوزت 31.2%، موضحا أن إجمالي تلك التحويلات المالية إلى الخارج خلال الفترة من 2006 إلى نهاية الربع الأول من عام 2011، والتي تشمل تحويلات العمالة وعوائد الاستثمار، بلغ نحو 582.7 مليار ريال بما يصل بها إلى نحو 17% من حجم الاقتصاد غير النفطي. وأبان العمري أن تطور تلك الأرقام يكشف عن عدد من التحديات التي يواجهها الاقتصاد الوطني منها ارتفاع معدلات البطالة بين الشباب السعوديين، حيث كان من المتوقع أن تستفيد العمالة السعودية من زيادة التدفقات الاستثمارية الأجنبية إلى المملكة والتي فاقت 538.1 مليار ريال، غير أنه كما يبدو أن المستفيد الأكبر كانت العمالة الأجنبية، وهو ما توضحه الزيادة السنوية في تحويلاتها التي بلغ متوسط معدل نموها السنوي 14% غير استفادتها من زيادة الطلب عليها من قبل قطاع الأعمال السعودي الذي لا يزال يُفضّل استقدامها مقارنة بتوظيفه العمالة الوطنية. وقال "رغم النظرة المتفائلة عن بدء تطبيق برنامج نطاقات المستحدث من وزارة العمل إلا أن الأمر لن يتغير كثيرا مستقبلا، فالتحويلات ستواصل ارتفاعها وتوظيف العمالة الوطنية سيقتصر على فتح الفرص الوظيفية المنخفضة الدخل، ذلك أن برنامج نطاقات يعاني من خلل يتمثل في آلية احتسابه معدل السعودة، ودخول الشركات الكبرى في النطاق الممتاز والأخضر يؤكد هذه الحقيقة الخطيرة، إذ إنها تعد المتسبب الأول في ارتفاع معدلات البطالة بين السعوديين، كما أنها تمثل الشركات الأكثر استقداما للعمالة الأجنبية". وذكر العمري أن السياسات الاستثمارية التي حاولت فتح الفرص الاستثمارية المحلية أمام الاستثمار الأجنبي لم تفلح في خلق فرص عمل أمام العمالة الوطنية بقدر ما أنها فتحت فرصا أوسع وأكثر مرونة لزيادة الاستقدام وسياسات سوق العمل. من جانبه قال الخبير الاقتصادي عبدالمحسن البدر في تصريح إلى "الوطن": إن التحويلات المالية للعمالة الأجنبية تحمل أبعادا اقتصادية وأمنية واجتماعية مهمة، وتحويل الأموال على افتراض التحويل النظامي من خلال المؤسسات المالية العاملة في المملكة له علاقة كبيرة بقيمة الريال كعملة، وبالتالي ربط الريال بالدولار قد لا يظهر هذا الخطر المالي على الريال السعودي. وأضاف: إذا كانت هناك تكهنات بفك ارتباط الريال فإن ذلك يحمل تأثيرات على مدفوعات الحساب الجاري في ميزان مدفوعات المملكة، وتمثل مصدرا للعملة الصعبة بالنسبة إلى الدول التي يحول إليها العاملون مدخراتهم في مقابل التخلص من الريال خصوصا في ظل الارتفاع الكبير لحجم تلك التحويلات التي بلغت نحو 975 مليار ريال خلال 37 عاما أي خلال الفترة من 1975 إلى 2002، واليوم نجدها تصل 500 مليار ريال خلال ال6 السنوات الأخيرة، وهذا معدل زيادة كبير جدا يجدر التنبه له. وأضاف البدر: أن الأرقام الكبيرة الحجم من التحويلات تعكس الواقع لحجم العمالة الأجنبية التي تعمل في المملكة مقابل ارتفاع أرقام البطالة لدى الشباب السعودي. وأشار إلى أنه رغم التجارب الكبيرة في إحداث تغيير في المعادلة إلا أن جميع الجهود السابقة لم تستطع إيجاد حل مستدام لمشكلة السعودة، مبينا أن هذا التهديد يزيد إذا ما علمنا أن العمالة الوافدة تستحوذ على 60 إلى 70% من فرص العمل في دول مجلس التعاون الخليجي.