بعد ثمانية أشهر من الجدال القانوني والصراع بين المسلمين والهولنديين، يضع القضاء الهولندي اليوم حداً فاصلاً بين السماح بإهانة الإسلام من منطلق حرية الرأي المزعومة، وبين احترام الإسلام كسائر الأديان السماوية، وعدم المساس به، وذلك في الحكم الذي ستصدره محكمة أمستردام ضد زعيم اليمين المتطرف جريت فيلدرز (عضو البرلمان ورئيس حزب الحرية)، في قضية هي الأولى من نوعها التي تشهدها البلاد، ويتهم فيها سياسي بإهانة الإسلام. ويترقب أكثر من مليون مسلم الحكم بمزيد من التوتر، أملا في أن تنصف المحكمة الدين الإسلامي من الإهانة والتطاول، وألاّ يكون الدين وسيلة للساسة لكسب الأصوات الانتخابية وتحقيق المكاسب السياسية، بينما يبدو فيلدرز أكثر ثقة في براءته، بعد أن طالبت النيابة ولأول مرة في تاريخ القضاء الهولندي بتبرئته من كل التهم المنسوبة إليه، وتحولت النيابة بذلك من دور الادعاء إلى دور الدفاع في سابقة قانونية فريدة بالبلاد. وترجع وقائع القضية إلى الرابع من أكتوبر الماضي، عندما أقام رئيس الرابطة المغربية بهولندا محمد الرباع، وعدد من أبناء الجالية الإسلامية والنشطين في مجال حقوق الإنسان ومكافحة العنصرية دعوى قضائية ضد فيلدرز، بسبب إهاناته المتكررة ضد الإسلام، واتهامه القرآن الكريم بالفاشية والتحريض على الإرهاب، وبكتاب كفاحي للنازي أدولف هتلر، وتحريضه الهولنديين على الكراهية والتمييز ضد المسلمين، بجانب عرضه في نهاية عام 2007 فيلما باسم "الفتنة"، طالب خلاله بإحراق المصحف وحظر تداوله بالبلاد. وفي حالة إدانة فيلدرز بالسجن أو الغرامة، سيكون من حقه استئناف الحكم، أما إذا صدر الحكم ببراءته، فلن يمكن استئناف الحكم من قبل المدعى العام كما هو معتاد في القضايا، لأن المدعي العام نفسه هو من طالب ببراءته.