طالب خبراء مختصون في الصحة البيئية ومرض التوحد بإجراء المزيد من البحث والتدقيق في مواد كيماوية ربما يكون لها دور كبير بالإصابة بمرض التوحد وغيره من الاضطرابات العصبية. ومرض التوحد عبارة عن اضطرابات عصبية تؤدي إلى إعاقات سلوكية، وخلل في عمليات التواصل الاجتماعي بين المريض، وبقية أفراد المجتمع. ونقل موقع CNN العربي أمس عن مديرة برنامج الأبحاث في جمعية التوحد دونا بيروللو قولها "إننا نعيش ونتنفس، ونبدأ حياتنا مع عائلاتنا مع وجود خليط من المواد الكيماوية السامة، وتعرض متواصل لمستويات قليلة من هذه المواد السامة، وذلك في تناقض كبير مع الطريقة التي يتم فيها اختبار هذه المواد لغايات الأمن والسلامة". وأضافت "أن مواد كالرصاص والزئبق وغيرهما من الكيماويات المسببة لتسمم الأعصاب لها تأثير كبير على تطور الدماغ عند مستويات كان يعتقد في وقت سابق أنها آمنة". من جانبها أوضحت إيرفا هيرتز بيكوتا من قسم الصحة البيئية في جامعة كاليفورنيا أن مختلف الاضطرابات الناجمة عن التوحد يتم تشخيصها الآن بمعدلات غير مسبوقة، وأرجعت ذلك جزئيا إلى التطور الكبير في الأدوات والمعايير المتبعة في عملية التشخيص، ولكن هناك مجموعة أخرى من العوامل لابد من أن تؤخذ بعين الاعتبار، بما فيها ما تتعرض له ممن يعتبرن أمهات في المستقبل، وبالتالي أطفالهن الذين لم يولدوا بعد. وأوضحت الدراسات وبقوة وجود عامل جيني وراء الإصابة بالمرض، ولكن أصبح واضحا فيما بعد وجود نوع من التفاعل بين قابلية هذه الجينات للإصابة ومواد كيماوية موجودة في البيئة، حيث بينت إحدى الدراسات الصادرة عن الفريق الذي تقوده بيكوتا ونشرت نتائجها في مجلة علم الأوبئة أن فيتامينات ما قبل الولادة، والتي يتم تناولها قبل الحمل يبدو أنها تتفاعل مع جينات التأيض الموروثة، ولذلك فإن النساء اللواتي لم يتناولن مثل هذه الفيتامينات، ولديهن نمط جيني عالي الخطورة، فإن هناك احتمالية كبيرة بأن ينجبن أطفالا مصابين بالتوحد. وقالت بيكوتا "من المعروف أن الجهاز العصبي المركزي للجنين يكون عادة حساسا بالنسبة لكثير من المواد الكيماوية، مشيرة إلى أن هرمونات مثل الأستروجين والأندروجين تعتبر ضرورية جدا لنمو الدماغ بشكل سليم، كما أن المركبات التي تعطل نمو الغدد الصماء بحاجة للمزيد من البحث. وأوضحت بيكوتا أن "مادة (بيسفينول أ) الموجودة في العلب البلاستيكية لحفظ الأطعمة وعبوات المياه هي أيضا من بين المواد الأخرى التي تسبب قلقا كبيرا بهذا الشأن، لأنها ربما تتدخل في نظام إفراز الأستروجين الطبيعي في الجسم، كما أن المواد المضادة للميكروبات والتي تضاف للصابون ومعاجين الأسنان وغيرها من المنتجات يمكن أن يكون لها دور في تعزيز النشاط الاندروجيني في الجسم، وهذا يعني أن هذه المواد ربما تلعب دورا كبيرا في انتشار مرض التوحد وغيره من اضطرابات الجهاز العصبي.