لم يعد استخدام وسائل الاتصال الحديثة كجوالات الآي فون والحاسب الآلي للتواصل مع الآخرين من خلال مواقع "فيس بوك" و"تويتر" مقتصرا على فئة معينة، حيث فطن بعض العمالة المنزلية في المملكة إلى سرعة تأثيرها، وبدؤوا في استخدامها للتواصل فيما بينهم، من خلال إنشاء صفحات خاصة بهم يستغلونها في البحث عن وظائف، لا سيما للخادمات والسائقين الهاربين من كفلائهم، وإيجاد أماكن لإيوائهم، من خلال سماسرة محترفين يتقاضون جزءا معلوما جراء ذلك. إحدى العاملات أطلقت على نفسها في موقع "فيس بوك" اسم "جميلة مصطفى"، كشفت عن هويتها بأنها عاملة منزلية من إحدى الجنسيات الآسيوية، وأوضحت أنها هاربة من كفيلها، وتبحث عن عمل بديل، واشترطت للموافقة على العمل أن يتناسب الراتب مع طموحها لكنها لم تحدده، كما استفسرت عن عدد أفراد الأسرة، وهل تستطيع خدمتهم أم لا؟ موضحة أنها أنشأت موقعا خاصا على "فيس بوك" لتتعارف مع بني جلدتها، مشيرة إلى أنها أسهل وسيلة للتواصل معهم، كاشفة أن هروبها كان نتيجة للتخطيط المسبق مع أصدقاء لها عن طريق ذلك الموقع. وأكد سائق من جنسية آسيوية يدعى بصري مصطفى أنه يتواصل مع أصدقائه عن طريق "فيس بوك"، مشيرا إلى أن ذلك يفتح له آفاقا واسعة لمعرفة أشخاص متعددين من بني جلدته، موضحا أن الموقع أتاح له معرفة سماسرة متخصصين في توظيف العاملات والسائقين الهاربين بمبالغ مرتفعة، مما وفر له فرصة عمل مناسبة. من جهته، يرى اختصاصي تقنية المعلومات بالمركز الوطني للمعلومات المالية والاقتصادية بوزارة المالية، الدكتور فهد محمد الحربي أن سهولة الوصول إلى الإنترنت لدى غالبية العائلات السعودية مكّن العمالة المنزلية من السائقين والخادمات من استخدام هذه التقنية، والدخول لمواقع التواصل الاجتماعي، من خلال أجهزة اللاب توب والهواتف الذكية، مشيرا إلى أن صعوبة مراقبتهم من قبل أفراد العائلة أدت إلى انتشار استخدام العمالة لوسائل التقنية، حيث استغل بعضهم مواقع التواصل الاجتماعي للتخطيط للهروب من كفلائهم. وطالب الحربي بوضع تشريعات وضوابط تنظم وتجرم الاستخدامات السيئة لمواقع التواصل الاجتماعي، وبرامج الدردشة عن طريق الآي فون، إلى جانب فرض عقوبات رادعة لمن يسيىء استخدامها للإضرار والمساس بأمن الوطن، مؤكدا أن المجتمع في المملكة يفتقر إلى وجود دراسات وإحصاءات توضح حجم تفشي هذه الظاهرة، مؤكدا أن عددا من الدول المصدرة للعمالة، قامت بحملة توعوية لتحذير رعاياها من الراغبين بالعمل في المملكة من المخاطر المترتبة على إساءة استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، موضحا أن سن تشريعات صارمة تجرم الاستخدام السيىء لشبكات التواصل الاجتماعي سيعمل على تحجيم مثل هذه الظواهر السلبية. من جانبه، أشار مدير إدارة البرامج الإعلامية بالمركز الوطني للمعلومات بالرياض، الدكتور الربيع محمد الشريف إلى أن قضية العمالة المنزلية اتخذت منحى غريبا في الآونة الأخيرة، حيث وصلت في بعض الأحيان إلى حد المواجهة بين الكفيل والعامل، مؤكدا على استخدام بعض العمالة لوسائل التقنية في التواصل مع أبناء جلدتهم من سماسرة الخادمات والسائقين. وأوضح الشريف أن اختلاف الثقافة بين بيئة العمال والمملكة أثر عليهم، وجعلهم يتقاربون فيما بينهم، ويفكرون في ارتكاب بعض المخالفات كتهريب العمالة المنزلية، وتمرير المكالمات الدولية، وصنع الخمور والمسكرات، مشيرا إلى وجود شبكات توظيف عمالة من الباطن، حيث أصبح المكفول فيها كفيلا، لافتا إلى أن تضييق الأجهزة الأمنية وجهاز هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الخناق على أنشطة هذه العمالة المخالفة دفعهم إلى البحث عن وسائل اتصال أخرى آمنة لهم وبعيدة عن الرصد كفيس بوك وتويتر. ودعا الشريف إلى إشراك سفارات الدول التي ينتمي لها هؤلاء العمال في تحمل المسؤولية فيما لو صدر منهم ما يخالف الأنظمة المعمول بها في المملكة، والمساعدة في البحث عنهم، لأنه يسهل عليهم التعرف على مكانهم من خلال الاتصال بأهلهم في موطنهم الأصلي، مطالبا بضرورة وضع عقوبات صارمة على كل من يستخدم موقع "فيس بوك" من أجل التخطيط الإجرامي الذي يخالف أنظمة البلاد. وكشف الباحث في علم الجريمة لوزارة الداخلية الدكتور مضواح بن محمد آل مضواح أن نسبة ارتكاب العمالة المنزلية للمخالفات والجرائم تتراوح ما بين 60 إلى 75%، مشيرا إلى أن نسبة 95% من العمالة المنزلية الذين ارتكبوا جرائم ومخالفات قد استعانوا بتقنية الاتصال الحديثة لتنفيذ أعمالهم، وأن تقنية الاتصال من أخطر الأدوات إذا تم توظيفها في مجال الجريمة، لافتا إلى أن الأمر يزداد خطورة حينما يقرر بعض العمالة المنزلية القيام بعمل إجرامي مباشرة أو تسهيله لآخرين، ناصحا بأخذ الحيطة والحذر إزاء تلك الممارسات الخاطئة.