حذر عدد من الخبراء المصريين من الاندفاع غير المتوازن فيما يتعلق بعلاقات مصر مع إيران، وأشاروا إلى أن تحسن العلاقات المصرية- الإيرانية لا بد أن يبنى على إطار من المكاشفة والمصارحة فيما يتعلق بطبيعة المطامع الإيرانية في منطقة الخليج والبلدان العربية. فمن جهته، حذر الخبير الاستراتيجي، اللواء طلعت مسلم، من أن "تحسن العلاقات المصرية الإيرانية يجب أن يقترن أولاً بإدراك المخاطر التي تهدد تلك العلاقات، وأهمها المخاطر التي تتعلق بالسياسة الإيرانية" مشيراً إلى أن "إيران تتعامل مع الجانب الديني باعتباره هو الأساس في توجهاتها الخارجية، بينما تتعامل مصر مع الجانب القومي باعتباره الخارطة التي تقوم عليها سياساتها الخارجية، وبالتالي لو لم يكن هناك توازن بين الجانبين الديني والقومي فستكون هناك مخاطر تستحق التوقف أمامها". وأضاف مسلم، في تصريحات إلى "الوطن"، أن "هناك مخاطر أخرى تهدد العلاقات المصرية الإيرانية، وهي مخاطر تتعلق بسلوكيات إيران تجاه دول الخليج العربي، مثل مشكلاتها مع دولة الإمارات حيث تصر إيران على احتلال ثلاث جزر إماراتية هي طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى، وكذلك علاقاتها بالتنظيمات الشيعية في العراق والبحرين، وعلاقتها بالحوثيين في اليمن. وكلها نماذج للمخاطر التي يمكن أن تنجم عن تطور العلاقات المصرية الإيرانية في حالة ما إذا لن نضع في اعتبارنا طبيعة سياسات وسلوكيات طهران". وحول ما إذا كان التقارب المصري الإيراني من شأنه أن يؤثر سلباً على التزامات مصر الأمنية تجاه دول الخليج في حالة ما إذا حدث تصعيد بين إيران ودول الخليج، قال مسلم إن "مصر ملتزمة بالدفاع عن أمن دول الخليج، وغيرها من الدول العربية، بموجب ميثاق جامعة الدول العربية" مضيفاً أن "على مصر ألا تنسى في الوقت ذاته أن دول الخليج لديها علاقات مع إيران، وأن من حق مصر أن تكون بينها وبين طهران علاقات جوار، لكنها علاقات يجب أن تقوم على المصارحة والمكاشفة، وليس مجرد علاقات منقوصة تتبدل تبعاً لتغير اتجاه الرياح". فيما ذهب الكاتب الصحفي سليمان جودة إلى أنه "ليست هناك مشكلة في أن تكون إيران دولة صديقة لمصر، لكن هذا لا يجب أن يكون على حساب عروبة مصر، وعلينا ألا ننسى أن القاهرة كانت تبدي رغبة صادقة في تحسن العلاقات مع طهران، لكنها كانت تفاجأ في اليوم التالي بتصريحات إيرانية تعيد فيها العلاقات بين البلدين إلى النقطة صفر". وأضاف جودة أن "صداقة القاهرةبطهران يجب أن تقوم على أساس محافظة إيران على مقتضيات تلك الصداقة وأهمها التوقف عن انتهاك سيادة الدول الخليجية والعربية وأن تتخلى عن أطماعها التوسعية في المنطقة كما هو الحال بالنسبة للبحرين". فيما حذر الكاتب الصحفي عباس الطرابيلي من تقارب "غير مدروس" بين القاهرةوطهران مؤكداً على "ضرورة بناء هذه العلاقة وفقاً للمعرفة الحقيقية بطبيعة الدعوات التوسعية الإيرانية". وقال الطرابيلي، في تصريحات إلى "الوطن"، إن "هذه الدعوات لم تتوقف في لحظة من اللحظات، والدليل على ذلك توالي المؤامرات الإيرانية وإشعال فتيل الثورات في أكثر من منطقة في الخليج العربي وفي شبه الجزيرة العربية كلها". وكان وزير الخارجية المصري نبيل العربي قد أكد أن إيران دولة من دول الجوار والحكومة المصرية لا تعتبرها دولة معادية أو عدوا. وقال العربي إن "إيران دولة من دول الجوار ولنا معها علاقات تاريخية طويلة وممتدة في مختلف العصور، والحكومة المصرية لا تعتبرها دولة معادية أو عدوا، ونفتح صفحة جديدة مع كل الدول بما فيها إيران".