اعتمد النظام الليبي في مواجهة المعارضة على الحرب النفسية، خاصة بعد سقوط عدد من المدن التي كان يسيطر عليها الثوار، إذ شن كل من العقيد معمر القذافي وابنه سيف الإسلام سلسلة تصريحات ومواقف من شأنها باعتقادهما شل قدرة الثوار ودفع المعارضة إلى الانكفاء. إذ بعد أن أعلن العقيد القذافي تصميمه على سحق من أسماهم "أعداء الشعب" وأن قواته قادمة إلى بنغازي معقل الثوار، توعد سيف الإسلام بإنهاء الثورة خلال يومين. وقال لتلفزيون "يورو نيوز" ومقره فرنسا أمس: إن القوات الليبية تقترب من بنغازي وإن كل شيء سينتهي خلال 48 ساعة. وسئل ابن القذافي عن المناقشات الجارية في المحافل الدولية عن فرض حظر جوي وقال: إن العمليات العسكرية انتهت وإن كل شيء سينتهي خلال 48 ساعة. وأعلن أن القوات الليبية أصبحت قريبة من بنغازي وأن أي قرار سيتخذ سيكون متأخرا. وخيم الهدوء صباح أمس في بنغازي، وسمعت طلقات نارية في الصباح غير أن الثوار أفادوا بأنها طلقات فرح بعد ورود شائعات عارية عن الأساس بحسب شهود في طرابلس، عن قصف استهدف باب العزيزية مقر القذافي. وقال القذافي في كلمة بثها التلفزيون الليبي مساء أول من أمس "إذا كانت هذه مؤامرة خارجية سنسحقها وإن كانت داخلية فسنسحقها، إذا كانت زندقة أو دروشة سنسحقها وسنهزمها". ناعتا المتمردين ب"الجرذان والكلاب الضالة". وأضاف "الاستعمار سيهزم، وفرنسا ستهزم، وأميركا ستهزم، وبريطانيا ستهزم". وردا على هذا الخطاب العنيف، أعلن الجيش الليبي في بيان أنه سيشن عملية وشيكة على بنغازي على مسافة ألف كلم شرق طرابلس. وفي التطورات الأمنية، أفاد متحدث باسم الثوار أمس بأن القوات الموالية للقذافي شنت أمس هجوما على مدينة مصراتة (غرب) التي يسيطر عليها الثوار، ما أدى إلى سقوط أربعة قتلى على الأقل ونحو عشرة جرحى، إلا أن طبيبا قال: إن عدد القتلى 5 والجرحى 11. وقال هذا المتحدث في اتصال هاتفي مع فرانس برس: إن المدينة تتعرض لهجمات من كل الجهات. ولا يزال الثوار يسيطرون على المدينة، ونجحوا في عطب دبابتين لقوات القذافي كانتا تهاجمان من جهة الجنوب. وأضاف من مكان وجوده في أحد المستشفيات "سقط أربعة شهداء من بينهم مدنيان أصيب منزلاهما بالقصف العشوائي". وأشار إلى أن "الثوار صدوا الهجوم. الآن كثافة القصف انخفضت نسبيا". مؤكدا أن الاتصالات شبه مقطوعة في المدينة. وهاجمت القوات الحكومية الثلاثاء الماضي بالطيران والمدفعية أجدابيا محور الطرق الاستراتيجي وآخر مركز للثوار قبل بنغازي الواقعة على مسافة 160 كلم إلى الجنوب، وقطعت الطريق الرئيسي بين المدينتين. واستبعدت الدول الكبرى في مجموعة الثماني خلال اجتماع في باريس الخيار العسكري لوقف تقدم قوات القذافي لعدم قيام إجماع حوله، واكتفت بإطلاق وعد بطرح قرار جديد هذا الأسبوع في الأممالمتحدة ينص على عقوبات مشددة. ودانت قوى أجنبية القمع، لكنها لم تبد حماسة كبيرة للعمل على دعم انتفاضة المعارضة الليبية. وعمل المؤيدون لفرض منطقة حظر طيران لوقف الضربات الجوية للحكومة الليبية على تداول مشروع قرار في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أول من أمس يسمح بمثل هذه الخطوة، لكن دولا أخرى قالت: إنه ما زالت هناك تساؤلات. ووزعت بريطانيا ولبنان مشروع قرار فرض حظر الطيران خلال اجتماع مغلق بعد أن دعت جامعة الدول العربية مجلس الأمن يوم السبت إلى فرض منطقة حظر وسط زحف قوات القذافي بهدف القضاء على قوات المعارضة المتمركزة في الشرق.