فرضت جائزة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمية للترجمة في دورتها الرابعة لعام 2011، التي حدد مجلس أمنائها إقامة حفل إعلان أسماء الفائزين بها بمدينة الرياض غداً، فرضت منذ انطلاقها قبل أربع سنوات عالميتها وصدارتها لأكبر الجوائز الدولية المعنية بالترجمة، من خلال نجاحها في استقطاب كبريات المؤسسات العلمية وخيرة المترجمين من جميع أنحاء العالم. ومع الإعلان عن الأعمال الفائزة بالجائزة في دورتها الرابعة تتجلى علامات تميز هذه الجائزة، ومؤشرات نجاحها في تحقيق أهدافها لمد جسور التواصل الثقافي بين الشعوب، وتفعيل الاتصال المعرفي بين الحضارات الإنسانية, وفي السطور التالية ملامح من مسيرة الجائزة. انطلاقة الجائزة في التاسع من شوال 1427ه، الموافق 31 أكتوبر 2006 صدرت موافقة مجلس إدارة مكتبة الملك عبدالعزيز العامة على إنشاء جائزة عالمية للترجمة تحمل اسم "جائزة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمية للترجمة"، وذلك انطلاقاً من رؤيته في الدعوة لمد جسور التواصل الثقافي بين الشعوب، وتفعيل الاتصال المعرفي بين الحضارات، لما فيه خير وسعادة الإنسانية، وجاء الإعلان عن موافقة خادم الحرمين الشريفين على إطلاق الجائزة في الثالث عشر من صفر 1428- الموافق 3 مارس، وذلك في مؤتمر صحفي أقيم على هامش فعاليات معرض الرياض الدولي للكتاب، لتبدأ أعمال الدورة الأولى من الجائزة رسمياً. رسالة الجائزة جاءت الجائزة تجسيداً حياً لرؤية خادم الحرمين الشريفين الداعية إلى التواصل الفكري والحوار المعرفي الثقافي بين الأمم وإلى التقريب بين الشعوب، انطلاقاً من أهمية الترجمة كأداة رئيسية فاعلة لتحقيق هذه الأهداف ووسيلة لتأصيل ثقافة الحوار وترسيخ مبادئ التفاهم والعيش المشترك ورافد لفهم التجارب الإنسانية والإفادة منها. وتتخطى الجائزة بعالميتها كل الحواجز اللغوية والحدود الجغرافية لتوصيل رسالة معرفية وإنسانية ذات أهداف سامية طالما دعت إليها القيادة الرشيدة وترجمتها جهود ومبادرات خادم الحرمين الشريفين من أجل تحقيق الأمن والسلام الدوليين. أهداف واضحة وقد حددت جائزة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمية للترجمة أهدافها، لتكون تعبيراً دقيقاً عن رؤى المليك في التواصل الفكري والحوار المعرفي والثقافي بين الأمم، وسعيه المتواصل للتقريب بين الأمم والشعوب، وإرساء دعائم صلبة للتعاون والبحث عن نقاط الالتقاء المشتركة بين الحضارات الإنسانية، واستثمارها لكل ما فيه الخير والسعادة للعالم أجمع، وذلك من خلال تشجيع الترجمة من اللغة العربية وإليها في مختلف مجالات العلوم الإنسانية والطبيعية, وإثراء حركة تبادل الأفكار والخبرات والمعارف. وتركزت أهداف الجائزة، وفق ما نصت عليه لائحتها، حول الإسهام في نقل المعرفة من اللغات المختلفة إلى اللغة العربية، وتشجيع الترجمة في مجال العلوم من اللغة العربية وإليها، وإثراء المكتبة العربية بنشر الأعمال المترجمة المتميزة، وتكريم المؤسسات والهيئات التي أسهمت بجهود بارزة في نقل الأعمال العلمية من اللغة العربية وإليها, والنهوض بمستوى الترجمة وفق أسس مبنية على الأصالة والقيمة العلمية وجودة النص. مجالات الجائزة وحرصاً على تحقيق أهداف الجائزة، تم تحديد خمسة مجالات للتنافس فيها، تشمل: جائزة لجهود المؤسسات والهيئات، وأخرى في ترجمة العلوم الإنسانية من اللغة العربية، وثالثة في ترجمة العلوم الإنسانية من اللغات المختلفة، ورابعة في ترجمة العلوم الطبيعية إلى اللغة العربية، وخامسة في ترجمة العلوم الطبيعية من العربية إلى اللغات الأخرى، على أن يحصل الفائز في كل مجال من المجالات الخمسة على جائزة قدرها 500 ألف ريال، ليصل مجموع قيمة الجائزة إلى 2.5 مليون ريال سنوياً, وهو ما يجعلها الجائزة الأكبر عالمياً في ميدان الترجمة.. مقومات التميز كان لاقتران الجائزة باسم خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وارتفاع قيمة جوائزها المالية، أثرهما الكبير في ما حظيت به من اهتمام من قبل أكبر المؤسسات العلمية والثقافية المعنية بالترجمة في جميع أنحاء العالم، والتي تسابقت لترشيح أفضل الأعمال المترجمة للمنافسة عليها، هذا إلى جانب ما أتاحته الجائزة للمترجمين من الأفراد للتنافس على جوائزها، وفق مجموعة من المعايير والشروط الدقيقة التي تتعلق بالقيمة العلمية للعمل المترجم، واحترام حقوق الملكية الفكرية في الأعمال الأصلية والمترجمة، إضافة إلى عدد من المعايير الخاصة بجودة الترجمة والأمانة في النقل والتوثيق، وذلك في إطار رؤية شاملة تواكب التغيرات المعرفية، وتنتصر لمبدأ التنوع الثقافي الخلاق، وتؤكد وحدة الثقافة الإنسانية رغم تنوع فروعها ومجالاتها البينية من الفنون والآداب والعلوم الطبيعية والإنسانية والاجتماعية، وتمثل التلازم العضوي بين الأصالة والمعاصرة. الدورة الأولى عبرت الأعمال التي تقدمت للتنافس على الجائزة في دورتها الأولى عن عالمية الجائزة، حيث وصل عدد الأعمال التي تقدمت لها إلى 186 عملاً من 30 دولة عربية وأجنبية، خضعت جميعها لعدد من المستويات التحكيمية، من قبل لجان تضم نخبة متميزة من خيرة الخبراء والأكاديميين والمختصين في مجال الترجمة، قبل أن تعلن أسماء الفائزين، التي تصدرها مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بفوزه بجائزة الترجمة لجهود المؤسسات والهيئات، إلى جانب الفائزين ببقية مجالات الجائزة, واتفق العلماء والأكاديميون المعنيون بالترجمة على أن الجائزة حققت حلماً لمد جسور التواصل المعرفي مع الآخر. الدورة الثانية وتواصل نجاح الجائزة في دورتها الثانية، إذ بلغ عدد الأعمال التي تقدمت للمنافسة عليها 127 عملاً من 25 دولة، حيث شهدت هذه الدورة فوز مركز الترجمة بجامعة الملك سعود بالجائزة في فرع المؤسسات، في تأكيد متميز لجهود المؤسسات السعودية في مجال الترجمة من وإلى اللغة العربية. وشهدت الجائزة في دورتها الثانية إضافة نوعية كبيرة، وذلك بتكريم اثنين من أصحاب العطاءات المتميزة في ميدان الترجمة من وإلى اللغة العربية، هما الشاعرة الكبيرة سلمى الخضراء الجيوسي، والأكاديمي الألماني د.فاندرسش هارثموت، صاحب الإسهامات المتعددة في ترجمة الفكر العربي والإسلامي، هذا إلى جانب المبادرة الرائعة بإقامة حفل تسليم الجائزة بمؤسسة الملك عبدالعزيز للدراسات الإسلامية والعلوم الإنسانية بمدينة الدارالبيضاء المغربية، في تأكيد على عالمية الجائزة وتجاوز رسالتها الحدود الجغرافية، بنفس درجة نجاحها في تجاوز حدود اللغة في جميع فروعها، وهو الأمر الذي قوبل بتقدير كبير وإشادة من قبل رؤساء المراكز والهيئات العلمية والأكاديمية المعنية بالترجمة، الذين أكدوا أن جائزة خادم الحرمين الشريفين العالمية للترجمة من خلال هذا الانفتاح تؤكد عالميتها ووجودها في صدارة الجوائز الدولية المعنية بالترجمة، وتجسد بجلاء نبل وإخلاص مبادرات راعي الجائزة الملك عبدالله بن عبدالعزيز – يحفظه الله – لتعزيز فرص الحوار الفاعل بين الثقافات والحضارات، وإسهاماته المتعددة في مد جسور التواصل والتعاون بين كافة الدول والشعوب، في إجماع على أن نجاح هذا المشروع الثقافي الرائد في دورتيه الأولى والثانية يؤكد أهميته في تفعيل حركة الترجمة من وإلى اللغة العربية، وتجاوب عدد كبير من المؤسسات العلمية في جميع أنحاء العالم مع ما تهدف إليه الجائزة من نقل المعرفة الإنسانية وتعظيم الاستفادة منها، وإتاحة الفرصة للإبداع العلمي العربي للإسهام بدوره في إثراء حركة التطور الحضاري في جميع المجالات، وأن عالمية الجائزة تدفع باتجاه تضييق الفجوة العلمية بين الشرق والغرب، وتدعم جهود الدول العربية لتلحق بركب التطور العلمي وتستفيد من معطياته لتحقيق التنمية الشاملة. وكان هذا الصدى الكبير الذي حققته جائزة خادم الحرمين الشريفين العالمية للترجمة، وتفاعل كافة المؤسسات الثقافية والعلمية معها ملمحاً لحالة من التأييد الدولي للمشروع الحضاري لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز لإشاعة قيم الحوار بين الحضارات، ودعوته المتجددة لنبذ دعاوى الصراع والسعي إلى نقاط الالتقاء المشتركة للتعايش في عالم يسوده السلام والتعاون من أجل تقدم ورخاء البشرية، في إشادة أن إقامة حفل تسليم الجائزة في دورتها الأولى بالرياض والانطلاق منها إلى عواصم دول أخرى يجسد هذا النهج للجائزة العالمية وهو النهج الذي تجلى أيضاً من خلال تنوع جنسيات الفائزين بها، في دلالات صريحة على دقة ونزاهة إجراءات تحكيمها، وهو ما اعترف به الفائزون بالجائزة وغير الفائزين على حد سواء وتأكيدهم على ما لمسوه من حرص راعيها على أن تكون وسيلة وأداة لخدمة الفكر والعلوم والمعرفة، وجسراً للتواصل بين الدول والشعوب دون أي حسابات أخرى، وليس أدل على ذلك من القيمة الرفيعة للأعمال الفائزة بها، وما تتضمنه من معرفة وأطروحات وأفكار تستهدف خير وتطور المجتمعات الإنسانية. الدورة الثالثة واستمر نجاح الجائزة في دورتها الثالثة في استقطاب خيرة المترجمين لتؤكد عالمية الجائزة، من خلال عدد كبير من الأعمال التي تقدمت للتنافس في فروعها الخمسة، والذي وصل إلى "118" عملاً تمثل 23 دولة عربية وأجنبية، بالإضافة إلى ما شهدته الجائزة من نقلة هائلة تجسدت في إقامة حفل تسليمها بمقر منظمة اليونسكو في العاصمة الفرنسية "باريس"، بحضور رموز الفكر والثقافة من جميع أنحاء العالم مع استمرار سنتها الخامسة في تكريم أصحاب العطاء المتميز في ميدان الترجمة من غير المتنافسين على الجائزة وهو ما عبرت عنه مدير عام منظمة اليونسكو "ايرينا بكوفا" بوصف حفل تسليم الجائزة بأنه يوم مشهود وعيد للثقافة ومناسبة لتعزيز مبادئ الثقافة في خدمة الشعوب. وتأتي الدورة الرابعة للجائزة لتؤكد أن هذا المشروع الثقافي والعلمي والمعرفي الرائد، أصبح علامة مضيئة ودورة فريدة، في عقد المشروعات الثقافية والعلمية العالمية الهادفة للتقارب الإنساني والتفاعل المستمر بين كل بني البشر، وذلك من خلال أكثر من 96 عملاً، تم ترشيحها للجائزة ليصل إجمالي الأعمال التي تقدمت للجائزة منذ انطلاقها إلى 462 عملاً مترجماً من جميع اللغات ومن كافة دول العالم، كما يؤكد أن الجائزة أصبحت مرصداً عالمياً يمكن من خلاله الوقوف على ملامح واقع الترجمة من اللغة العربية وإليها في مجال العلوم الإنسانية والطبيعية على حد سواء، ودليلاً لتصحيح أي قصور يمكن أن يؤثر في فاعلية الترجمة في بعض المجالات، وهو الأمر الذي يبعث على التفاؤل بأن يواصل هذا المشروع الرائد صعوده وإسهاماته في تعظيم الاستفادة من النتاج العلمي والفكري، وتقديم الإرث الثقافي للحضارة العربية الإسلامية إلى العالم، وإثراء المكتبة العربية بالأعمال المتميزة في علوم العصر.