استعرض عضو مجلس الشورى، أمين عام جمعية التاريخ والآثار لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية الدكتور أحمد عمر الزيلعي خلافات النقاد حول أصل الخط العربي، وما ذهب إليه بعضهم من أنه متولّد عن النبطية، وقول آخرين "إنه متولّد عن الخط المسند الجنوبي، مشيرا إلى وجود عدد من الأخطاء الإملائية واللغوية حتى في النقوش القديمة". وتحدث الزيلعي خلال محاضرة بعنوان "الآثار والنقوش الإسلامية، تطورها ومضامينها اللغوية والتاريخية"، أقيمت أول من أمس، في الجامعة الإسلامية بالمدينة عن النقوش الأثرية الكثيرة التي عثر عليها في جزيرة دهلك في البحر الأحمر وهي الجزيرة التي كان يُنفى إليها معارضو بني أمية من الأدباء والكتاب، مرجّحاً أن تكون مكة هي مصدر تلك النقوش إذ كان الحجاج يجلبونها بعد موسم الحج إلى دهلك لتوضع كشواهد على القبور، مستدلا بنوع الأحجار التي جاءت من بيئة مكة وما حولها لا من أحجار الجزيرة المرجانية، ونافياً أن تكون دهلك هي التي كانت تصدّر منها النقوش إلى مكة. ودعا الزيلعي إلى أهمية دراسة النقوش الإسلامية لما فيها من مضامين تاريخية، وكذلك أساليب فنية لرسم الحرف العربي وتطوره خلال القرون السابقة. وتحدث الزيلعي عن وجود نقوش بالخط العربي تعود إلى ما قبل الإسلام، مشيراً إلى النقوش التي وجدت على المنشآت التأسيسية مثل نقش سد معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه في منتصف القرن الأول الهجري، ونقوش وضعت علامات على أميال محددة في المسافات البريدية مثل بريد الكوفة، ونقوش على بعض التوسعات بمكة. وأشار إلى وجود عدد من الأخطاء الإملائية واللغوية حتى في النقوش القديمة، وإلى وجود أعراف سائدة في كتابة بعض الحروف مثل إسقاط الألف من بعض الكلمات، لافتاً إلى تطور الحرف في النقوش القديمة قرناً بعد قرن، وظهور الزخارف والتشكيل. كما عرض لبعض الأساليب اللغوية المستخدمة في كتابة النقوش ومنها السجع. ورصد الزيلعي كذلك عددا من الأشعار التي كشفت عنها تلك النقوش التي وجدت في مناطق متفرقة، والتي تنوعت مضامينها بين الرثاء وشعر الحكمة والمواعظ التي وجدت على شواهد القبور، خصوصا ما وجد منها في مكةالمكرمة سواء ما بقي في مقابرها أو ما صدر خارجها والتي من بينها نقوش وجدت في "جزر دهلك" في البحر الأحمر التابعة لجمهورية إريتريا. وتقدم النقوش بحسب الزيلعي رصدا يفيد المؤرخين والباحثين في تتبع مسيرة الحرف العربي ومراحل تطوره حيث ترصد بروز جملة من الخطاطين الذين كانت أسماؤهم ممهورة على تلك النقوش بمختلف عصورها ومنهم مبارك المكي، عبدالرحمن بن أبي حرمي، وميمون بن مبارك المكي، وكذلك أحمد بن الحسين، وأحمد الحفاظ. وعرض الزيلعي نقشين لرجلين متوفيين من منطقة "الجحفة" وكانتا لأسرة من آل جعفر الطيار حيث تكشف عن ظروف انتقالهم من مكانهم الأصلي بالقرب من ينبع إلى هذه المنطقة وذلك نتيجة للصراع الذي كان قائما بين بني حسن وبني جعفر في القرن الثالث الهجري. وكان الدكتور أحمد الزيلعي قد تحدث في بداية محاضرته التي شهدت عددا من المداخلات عن عدد من أنواع النقوش الإسلامية والتي من بينها النقوش الصخرية المتناثرة على صخور الجبال والتي نقشها العابرون والرعاة والمسافرون، والنقوش التأسيسية التي وجدت على صخور المباني والسدود.