حفلت المسابقات الكروية مع انطلاقتها خلال الموسم الجاري بما فيها دوري زين للمحترفين بكثير من فواصل الشغب وصور الاحتجاجات الجديدة، فبعد أن ابتدعت الجماهير في المواسم السابقة تسليط أجهزة "الليزر" على اللاعبين، لوحت هذا الموسم بالنقود وحجزت لاعبين وحكاما داخل الملعب، وواصلت اقتحام الملاعب، كما كسرت حافلات الأندية. ولجأت جماهير ناديي الأهلي ونجران إلى صورة جديدة من الاحتجاجات بإشهار أوراق نقدية خلال مباريات فريقيها، فيما رشقت جماهير النصر الحكم في لقاء فريقها أمام التعاون. ولم يقف الأمر عند هذا الحد فحسب، بل تكرر في دوري أندية الدرجة الثانية، إذ شهدت مباراة الباطن والجبلين أحداثاً مؤسفة خارجة عن الروح الرياضية حيث قامت جماهير الباطن بقذف لاعبي الجبلين بالأحذية والعلب الفارغة من خلال المدرج القريب من اللاعبين، مما أدى لاحتجاز اللاعبين لمدة قاربت العشر دقائق وسط الميدان، الأمر الذي جعل رجال الأمن يتدخلون لإنقاذ الموقف وإخلاء المدرج من الجمهور حتى يتمكن اللاعبون من المغادرة. ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل فوجئ الجميع عند الخروج بتهشيم الزجاج الأمامي للحافلة المقلة للاعبين من مدينة حائل لحفر الباطن. وعلى ذات الخطى، تعرضت حافلة فريق درجة الشباب لكرة القدم لنادي الهلال إلى تكسير النوافذ من قبل الجماهير بالرس، ووصل الشغب إلى الدرجات السنية، فتعرضت حافلة شباب الهلال بعد نهاية مباراتهم أمام الخلود ضمن منافسات الدوري السعودي الممتاز للشباب لوابل من الحجارة من أحد المتهورين الذي وجه سيارته عكس اتجاه السير وواجه الحافلة في حالة شبه انتحارية، ثم رماها بوابل من الحجارة مما أدى إلى إصابة 3 لاعبين. واستمرت ظاهرة دخول بعض الجماهير لأرضية الملعب أثناء المباراة دون رادع كاف، وشهدت كثير من المباريات هذا الأمر بما فيها مباراة للمنتخب السعودي أمام العراق في الدمام. مسؤولية يرى بعض النقاد أن من أول الأسباب الرئيسة لهذه الحالات هم من يديرون دفة الأندية، رؤوساء وأعضاء شرف، لأن أحاديثهم المستفزة لجماهير الأندية الأخرى ترفع حدة الاحتقان وتقود للشغب، ويشير الطبيب المتخصص في علم النفس الدكتور محمد الشويعر أن "لشغب الجماهير عدة أسباب أولها عدم وجود نظام وقوانين لردع الشغب، ولن يتوقف الأمر عند هذا، بل سيزداد إذا لم تسن قوانين وأنظمه رادعة، ولا بد أن يكون هناك حق عام وحق خاص في حالة ضبط المشاغبين، الحق يخص الرئاسة العامة لرعاية الشباب، وبعد الانتهاء من الحق الخاص يحول المشاغب إلى الشرطة لأخذ الحق العام". وأضاف "كنت متواجداً في إحدى المناسبات الرياضية، ولم أشاهد لوحة أو أي إرشادات ونصائح للجماهير الرياضية تعرفهم بقيم الرياضة وأهدافها، وهذا تقصير كبير من قبل المسؤولين عن الرياضة، وخصوصاً مديري الملاعب، فيجب عمل كتيبات وبرشورات قبل كل مباراة وتوزيعها على الجماهير مع تذاكر المباريات ووضع أنظمة وقوانين على هذه المنشورات". وانتقد الشويعر بعض رؤساء الأندية، وقال "بعض رؤوساء الأندية يعتبرون مهمتهم وسيلة لتحقيق الذات والبحث عن مركز اجتماعي أو برستيج، إذ تشاهدهم يتحدثون عبر الإعلام بسبب أو بدون سبب وبدون فائدة، وما يقدمونه يبقى مجرد اتهامات وتشويه للرياضة، وهذا يدل على أنهم يبحثون عن الشهرة أكثر من الهدف الأساسي للرياضة". ويضيف "للأسف ما أشاهده عبر الفضائيات والصحف لأحاديث بعض رؤساء الأندية يدل على أنهم غير مؤهلين لقيادة الأندية المهمة لتنمية القدرات الجسدية والذهنية، فالرياضة قبل كل شيء أخلاق وتقبل الهزيمة بروح رياضية، وفي كل خسارة يتهمون أطرافاً بخسارتهم، ولا يعترفون بالتقصير الإداري أو تغييب اختيار عناصر الفوز". الرئاسة ونجوم الكرة وطالب الشويعر الرئاسة العامة لرعاية الشباب بتشكيل لجنة لدراسة أسباب الشغب الذي يزداد كل موسم، مقترحاً أن تتكون اللجنة من أساتذة في علم الاجتماع والطب النفسي لدراسة الظاهرة وأسبابها، وعمل بحوث ومقابلة بعض مثيري الشغب والتعرف عليهم عن قرب والأسباب التي أدت إلى هذه الظاهرة، وكذا وضع برامج إرشادية ونصائح يقدمها نجوم ولاعبو الأندية عبر التلفزيون أو الصحف، وقال "اللاعب أو النجم قدوة والجماهير تعشق لاعبها المميز، فبدلاً من تصاريح اللاعبين عن المباراة، يكون هناك نجم من كل فريق قبل المباراة بيومين يرشد وينصح الجماهير بالهدوء والالتزام بالتعليمات بدلا من تصاريحهم عن المباراة".