كشفت دراسة عن وجود 17 مصابا ببكتيريا المكورات الرئوية بين كل 100 ألف من الأطفال حتى الخامسة من العمر في المملكة سنويا، وهي تعد معدلات مرتفعة مقارنة بالدول الأوروبية وأميركا. استغرق إعداد الدراسة أربع سنوات، ونشرت نتائجها في النشرة الدولية للأمراض المعدية، وشملت 82 حالة من بين الأطفال، وحتى سن الخامسة الذين تعرضوا لأمراض ناتجة عن بكتيريا المكورات الرئوية في كل من المنطقة الوسطى والمنطقة الغربية من المملكة، منهم 19 حالة إصابة بالتهاب السحايا أو الحمى الشوكية بنسبة 23,2% من إجمالي عدد الحالات، و63 حالة إصابة بتجرثم الدم "بنسبة 76,8% من إجمالي عدد الحالات". ولم تلحظ فروق جوهرية في معدلات الإصابة بين الذكور والإناث، في حين ارتفعت حالات الإصابة بمقدار 4 أضعاف خلال السنة الأولى من العمر مقارنة بالسنوات الأربع التالية. جاء ذلك خلال المحاضرة التي ألقاها أول من أمس استشاري ورئيس قسم الأمراض المعدية للأطفال بمستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث بالرياض الدكتور سامي حجار بعنوان "الأمراض الناتجة عن بكتيريا المكورات الرئوية" التي حضرها أكثر من مئتي طبيب واستشاري في طب الأطفال. وأكد الدكتور حجار ل"الوطن" أن الدراسات أوضحت أن الجل المعقم المتواجد في الصيدليات يعد عاملا مساعدا في الخفض من الأمراض وانتشار البكتيريا ومن ضمنها بكتيريا الستبرتوكوكس بنيمونيا، مشيرا إلى أنه لا بد من أن ينتظر الشخص المستخدم للجل حتى تجف اليد من المعقم. وأوضح أن هناك بعض أنواع البكتيريا أصبحت مقاومة للمضادات الحيوية، وذلك بسبب عملية الإسراف في استخدام المضادات الحيوية في وقت لا يحتاج المريض لها، مشيرا إلى أن البكتيريا أصبحت تتبادل الجينات الحاملة للمقاومة من المضادات الحيوية فيما بينها، وانتجت لنا بكتيريا مقاومة لمعظم المضادات الحيوية. وحذر الحجار في محاضرته من ارتفاع معدلات انتشار الأمراض الناتجة عن بكتيريا المكورات الرئوية بين الأطفال، والتي تستوطن الجهاز التنفسي العلوي، وقد تنتشر إلى مناطق أخرى من الجسم، وتتسبب في العديد من الأمراض المعدية الخطيرة بين الأطفال والبالغين على حد سواء مثل التهاب السحايا أو الحمي الشوكية، والالتهاب الرئوي، والتهاب الأذن الوسطى، وتجرثم الدم. وأوضح أن استخدام اللقاح الواقي من سبع من سلالات المكورات العقدية أظهر فعالية كبيرة، وساهم في خفص معدلات الإصابة بمرض المكورات الرئوية الانتشاري في الولاياتالمتحدة الأميركية وكندا ودول أوروبا، وذلك بنسبة 94% بين عامي 1998م و2004م، وكذلك ساهم في تخفيض معدلات الإصابة بالالتهاب الرئوي بشكل عام بنسبة 39% وحالات الالتهاب الرئوي الناتج عن المكورات الرئوية على وجه الخصوص بنسبة 65%. وتشير تقديرات منظمة الصحة العالمية إلى أن المكورات الرئوية تعد سببا رئيسيا للوفاة بين حديثي الولادة والأطفال حتى سن الخامسة، حيث يصل عدد الوفيات الناتجة عنها نحو 1,6 مليون حالة وفاة سنويا حول العالم في كل الأعمار، نصفها تقريبا من الدول النامية. وأوضح حجار أن معدل انتشار الأمراض الناتجة عن المكورات الرئوية والأعباء الصحية والاقتصادية المرتبطة بها ربما تكون أعلى من ذلك، باعتبار أن الكثير من الحالات لم تتم دراستها نتيجة لخضوع المريض سابقا لعلاج بالمضادات الحيوية، وعدم وجود إثبات ميكروبيولوجي. وأشار إلى وجود أكثر من 90 نمطا أو سلالة من سلالات المكورات الرئوية، غير أن الدراسات الطبية الحديثة أثبتت أن 13 سلالة منها هي التي تتسبب في غالبية أمراض المكورات الرئوية، ومن بينها "نمط 19A" الذي تسبب في ارتفاع معدلات الإصابة بالأمراض الناتجة عن المكورات الرئوية في كل من الولاياتالمتحدة الأميركية وبريطانيا والعديد من الدول الأوروبية الأخرى. وأضاف حجار: أنه في حين تتوفر عدة أصناف من المضادات الحيوية الفعالة ضد المكورات الرئوية، إلا أن مقاومة جرثومة الالتهاب الرئوي المتزايدة للمضادات الحيوية الشائعة تؤكد الحاجة إلى توفير واستخدام اللقاحات التي تغطي أكبر عدد ممكن من سلالات المكورات الرئوية، ويتم استخدامها بداية من عمر ستة أسابيع وحتى خمس سنوات.