ستظل الحكومة تلعب دوراً محورياً في تنشيط الاقتصاد السعودي بفضل الاحتياطات الضخمة والأصول الأجنبية التي تبنيها مؤسسة النقد العربي السعودي (ساما) في ظل النمو الخجول في إقراض البنوك المحلية إلى القطاع الخاص رغم أن السيولة لدى البنوك ما زالت في معدلات مرتفعة. ونمت القروض التي قدمتها البنوك إلى الشركات الحكومية والقطاع العام، ولكنه لم ينمُ إلى القطاع الخاص بصورة مشجعة ومقاربة لما كان عليه قبل الأزمة المالية العالمية في الوقت الذي زادت فيه البنوك من حجب السيولة المتوفرة لديها عن الشركات الخاصة، بحسب ما أوضحته بيانات (ساما) لشهر نوفمبر الماضي والتي نشرتها أول من أمس. وأظهرت بيانات ساما الشهرية تراجع نسبة النمو السنوية في الإقراض إلى القطاع الخاص من 4.1% في شهر أكتوبر الماضي إلى 3.7% في نوفمبر بعد وصول مطلوبات البنوك المحلية من القطاع الخاص إلى 776.3 مليار ريال خلال الأحد عشر شهراً الماضية، في الوقت الذي زادت فيه البنوك المحلية إقراضها إلى القطاع العام وإلى الشركات الحكومية بنسبة 11.6% لتصل إلى 201 مليار ريال نظراً للجوء العديد من الشركات الحكومية إلى الاقتراض لتمويل مشاريعها. وجاء هذا النمو الخجول في الإقراض في الوقت الذي ارتفعت موجودات البنوك المحلية بين أكتوبر ونوفمبر بنسبة 2% لتصل إلى 1.4 تريليون ريال بعد ارتفاع موجوداتها الأجنبية إلى 197 مليار ريال والنقد الموجود لديها والذي وصل إلى 16.5 مليار ريال حتى نوفمبر، إضافة إلى النمو في مستوى الودائع. وتتمتع البنوك السعودية بمستوى سيولة هو الأفضل في الخليج حيث إن معدل القروض إلى الودائع لديها لا يتجاوز 85% فيما تجاوز هذه المعدل نسبة 100% في الدول المجاورة نظراً لأن القروض المقدمة أكثر من الودائع الموجودة لديها. ويقول كبير الاقتصاديين في البنك السعودي الفرنسي الدكتور جون اسفاكياناكيس في تصريح إلى "الوطن": "لن ترى البنوك السعودية معدلات إقراض مكونة من خانتين قبل 2012 أو 2013 مثلما كانت عليه قبل الأزمة المالية العالمية." وخلال سنوات الطفرة التي سبقت الأزمة المالية العالمية، ازدادت مطلوبات المصارف المحلية من القطاع الخاص بواقع ثلاثة أضعاف بين الأعوام 2003 و2008. وتوقع اسفاكياناكيس أن تساعد مستويات السيولة العالية لدى البنوك المحلية من زيادة مستوى الإقراض إلى القطاع الخاص في العام القادم إلا أن نسبة النمو لن تتجاوز 9.3% خلال العام القادم في تقديراته. وقالت وزارة المالية في بيانها عن الميزانية العامة للدولة الأسبوع الماضي إن الودائع المصرفية ارتفعت خلال العام الجاري بنسبة 3.2% مقارنة بالعام الماضي. وارتفع إجمالي مطلوبات البنوك من القطاعين العام والخاص خلال الفترة نفسها بنسبة 6.2%، وواصلت البنوك تدعيم قدراتها المالية إذ ارتفعت رؤوس أموالها واحتياطاتها خلال الفترة نفسها بنسبة 10.7% لتصل إلى 181.1 مليار ريال. وستتمكن الدولة من الإنفاق بصورة كبيرة في الاقتصاد العام القادم وتمويل مشروعاتها نظراً لارتفاع أصولها لدى مؤسسة النقد سواء المحلية أو الأجنبية حيث واصلت ارتفاعها بفضل ارتفاع أسعار النفط التي ستقفل العام عند متوسط فوق السبعين دولاراً. وارتفع إجمالي الموجودات لديها بواقع 177 مليار ريال في نوفمبر الماضي مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي ليصل إلى 1.68 تريليون ريال. كما ارتفع 17.61 مليار ريال في نوفمبر مقارنة بأكتوبر الماضي. وأضافت المؤسسة في بيان أمس أن استثمارات المؤسسة في الأوراق المالية بالخارج ارتفعت بنحو 8% في نوفمبر الماضي مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي ليصل إلى 1.16 تريليون ريال. وتستخدم المملكة احتياطاتها لتمويل برنامج تطوير البنى التحتية الذي يمتد على خمس سنوات والبالغة قيمته 400 مليار دولار وسحبت من أجل هذا أموالاً من الاحتياطي لديها من أجل تمويله ولكن أسعار النفط ساهمت في ارتفاع أصول المملكة رغم السحوبات التي تمت.