علمت "الوطن" أن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان قد أعطت موافقتها الرسمية للنظر في واحدة من ستة طعون تقدم بها ممثلو الجالية العربية والإسلامية في سويسرا ضد مبادرة حظر بناء مآذن جديدة في البلاد. وقد دعت المحكمة الحكومة السويسرية إلى تقديم مطالعتها حول الطعن خلال أربعة أشهر من الآن. وقال المحامي الرئيسي في دعوى الاستئناف، رضا عجمي (سويسري من أصل تونسي) ل"الوطن": إنه بسبب الشروط العديدة والمعقدة التي تفرضها المحكمة الأوروبية لقبول الاستئناف، نكون قد اجتزنا عقبة إجرائية مهمة جداً فتحت أمامنا الطريق للدخول في مرحلة حاسمة نحو تفعيل الاستئناف". وأضاف "بفضل الله، ثم جهود الجالية الإسلامية، استطعنا أن نصل إلى هذه المرحلة، نحن سعداء جداً بهذا النجاح النسبي الإجرائي، ونقدِّر جهود كافة المحامين السويسريين الذين دعموا بخبرتهم هذا العمل، ونعد بالمواصلة ما استطعنا، إن شاء الله". وأوضح أن الخطوة الثانية تتمثل في دعوة الحكومة السويسرية إلى تقديم ملاحظاتها خطياً حول دعوى الاستئناف في موعد أقصاه 15 سبتمبر المقبل، بعد ذلك سيكون لدينا الحق في الرد على الرد السويسري، ثم يعاد الملف إلى الحكومة السويسرية للتعقيب، ثم يكون لدينا الحق كذلك في إبداء ملاحظاتنا على الرد السويسري الثاني، لتنتهي بذلك الإجراءات القانونية التمهيدية، وعند اكتمال المعلومات تصدر المحكمة الأوروبية حكمها النهائي. وتكمن الورقة القوية التي تملكها الحكومة السويسرية في هذه الدعوى في أن حظر بناء مآذن جديدة في البلاد إنما جاء عبر تصويت شعبي (في 29 نوفمبر الماضي) وليس عن طريق قانون فرضته الدولة. غير أن عجمي قال ل"الوطن" إن الإرادة الشعبية التي أقرت منع بناء المآذن هي نفسها التي أقرت الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، وهي التي أقرت إمكانية التقدم بمثل هذه الشكاوى. وأضاف أن قبول المحكمة الأوروبية النظر في الاستئناف، بحد ذاته، لا يعطي للقوانين التي تم الاستفتاء عليها حصانة غير قابلة للطعن. ويقر عجمي بأنه ليست هناك سابقة قانونية تم فيها نقض حكم قانوني تم إقراره عبر التصويت، لكنه قال إن الاستفتاء على منع بناء المآذن استند على أسس تتعارض مع القوانين الدولية، ومبادئ حقوق الإنسان، وكذلك القوانين الدستورية التي تكفل المساواة بين المواطنين. وأضاف أن الاستفتاء بني أيضاً على صورة خاطئة لصقها أصحاب المبادرة بالمسلمين، وعلى معلومات مغلوطة أعطيت للناخب السويسري وقد تم توضيح ذلك في دعوى الاستئناف. وأشار إلى أنه بسبب غياب السابقة القانونية "فإن قرار المحكمة الأوروبية المقبل يتمتع بأهمية قصوى لكل رجال القانون في كافة أنحاء العالم لأنه سيؤسس سابقة قضائية". وأعرب عجمي عن تفاؤله بنتائج الحكم الذي ستصدره المحكمة، غير أنه لم يستبعد أيضاً أن تجد سويسرا "بآلياتها الديموقراطية حلولاً أفضل من الحكم المنتظر للمحكمة الأوروبية، وقال "نحن مستعدون للتفاعل إيجابياً مع الحلول التي تكفل حقوق الجالية الإسلامية في البلاد". وتوقع المحامي السويسري أن يستغرق إصدار الحكم بضعة أشهر وربما بضع سنوات، مشيراً إلى أن قضاة المحكمة الأوروبية في استراسبورج (شرق فرنسا) يقبلون ما معدله 2000 دعوى استئناف في الشهر الواحد ويرفضون أكثر من ضعفي هذا الرقم. وقال: إنه في عام 2009 كانت هناك أكثر من 120 ألف دعوى استئناف ما زالت قيد النظر أمام المحكمة. والمنظمات الرئيسة التي تقدمت بالطعون هي كل من: "الرابطة الثقافية لمسلمي نيوشاتل"، و"رابطة المسلمين السويسريين"، و"مؤسسة الجالية الإسلامية في جنيف"، و"الرابطة الإسلامية في جنيف".