تباينت آراء المثقفين حول توجه وزارة الثقافة والإعلام للتمديد لمجالس إدارات الأندية الأدبية لنهاية العام الهجري الجاري، وتكوين لجنة خماسية لإعادة صياغة اللائحة التنظيمة للأندية الأدبية، كما كشف وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبد العزيز خوجة، في لقائه مع رؤساء الأندية الأدبية، على هامش ملتقى نادي القصيم الأدبي السنوي، قبل يومين. وفيما يرى بعض المثقفين أن توجه الوزارة يعطي فرصة أكبر لإعادة صياغة بعض بنود اللائحة، التي تنظم عمل الأندية، وتعديلها بما يتفق مع تطلعات المثقفين، وصف البعض ذلك التوجه بما يمكن تسميته ب"تأجيل لحظة الاستحقاق الانتخابي"، وهو يشير إلى "عدم الشفافية في تشخيص الحالة الثقافية". وأضاف آخرون أن "الخطوة التي اتخذتها الوزارة، تعبر عن رؤية غير واضحة فيما يتعلق بمسألة الانتخابات، وقبل ذلك تكوين الجمعيات العمومية"، متسائلين "من يضمن ألا تمدد الوزارة لمجالس الأندية، لسنة وسنتين أوثلاث!". أمر متوقع الناقد محمد العباس، قال في حديثه إلى "الوطن" إنه يضع إعلان الوزارة ضمن "تأجيل لحظة الاستحقاق الانتخابي. وهو أمر متوقع من المؤسسة التي عودت المشهد، والمثقفين على التعاطي معهم من منطلق إملاء القرارات والتسويف، وعدم الشفافية في تشخيص الحالة الثقافية، وكذلك طرح الحلول". مضيفا أن "المثقف ارتضى لنفسه هذا الدور، الذي لا يعتمد على المشاركة الفعلية في رسم خطط التنمية الثقافية، بقدر ما هو مجرد مستقبل ومستجيب لمرئيات المؤسسة، وما تقترحه من خطط". وأشار عباس إلى أن مثل هذا القرار "سيتم تقبله من قبل أغلب المثقفين، لأننا تعودنا على ضعف مناعة المشهد الثقافي، وهو أمر غير مستغرب إلى أن تتضح الرؤية، بشأن المدة التي اقترحتها الوزارة مرة أخرى". معتقدا أن المثقفين بحاجة إلى "اتخاذ موقف واضح وجريء، عوضا عن الاستمرار في الاستجابة الدائمة والسلبية، لكل ما تمليه المؤسسة". غياب الرؤية ولم يذهب رئيس نادي المنطقة الشرقية الأسبق، جبير المليحان، بعيدا عن رأي العباس، حيث يرى أن مسألة التأجيل تشير إلى أن "وكالة الوزارة للشؤون الثقافية، لا تملك رؤية واضحة، وهي غير جادة في مسألة الانتخابات". معتبرا أن "الانتخابات تبقى مسؤولية المثقفين أنفسهم، ويجب المطالبة بالانتخابات، وعدم الاستمرار بمسلسل التعيين الذي لا ينتهي". وهو في هذا الصدد عبر عن مخاوفه قائلا "من يضمن ألا يمدد التأجيل لسنة ثانية وثالثة؟"، متسائلا "أين هي الانتخابات؟، وأين الالتزام بالبنود؟! ولماذا لا تقوم الوزارة بمسؤوليتها القاونية؟، ولماذا لا يطالب المثقفون بحقهم بدلا من هذا التخبط، وهذه التأجيلات غير المبررة، خصوصا وقد صدرت اللائحة؟". المليحان رأى أنه إذا كان في اللائحة عيوب، فذلك "لا يعني ألا تجري عملية الانتخابات، ويمكن معالجة بعض البنود التي تحتاج إلى معالجة وتغيير". المتشبثون هذه الرؤية النقدية لعملية التأجيل، شارك العباس والمليحان فيها، الأكاديمي عبدالله الجميلي، وهو في حديثه مع "الوطن" قال إنه كان يتوقع تأجيل هذه الانتخابات، والسبب بحسب وجهة نظره، أن هذا التأخير "يخدم مصالح أناس تعودوا على التشبث بالكراسي، وعضوية المؤسسات الثقافية، لسنوات طويلة، حتى لو كانوا أبعد الناس عن خدمتها". مبينا في الوقت عينه "إذا كان التعديل سوف يطال شيئاً من اللوائح التنفيذية، وليس هناك نية مبيتة لإلغاء الانتخابات، كان الأولى تفعيل الانتخابات وتنفيذها، فذلك لا يتعارض مع دراسة اللوائح وتعديلها". وختم الجميلي بالقول "أعتقد أن وزارة الثقافة والإعلام ممثلة بوكالة الوزارة للشؤون الثقافية، أصيبت بعدوى من وزارة الشؤون البلدية، التي أيضاً أجلت انتخابات المجالس البلدية". حرص الوزير النقد الذي وجهه عدد من المثقفين لخطوة تأجيل الانتخابات، اختلف معهم فيه عضو مجلس الشورى السعودي، الأديب حمد عبدالله القاضي، الذي ذهب إلى أن "وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبد العزيز خوجة، حريص على تشكيل جمعيات الأندية، تمهيدا للانتخابات، إلا أنه وبعد صدور اللائحة كانت هناك بعض الملاحظات عليها، سواء من رؤساء الأندية، أو من المثقفين. حيث إن بعض موادها تحتاج لدراسة وتأمل، مثل شروط العضوية، كأن يحمل مؤهلا باللغة العربية"، مشيرا إلى أن "هذا (شرط) ليس صحيحا، فهناك المئات من المبدعين والمثقفين ليس تخصصهم اللغة العربية، ومع هذا لهم عطاؤهم الثقافي الواسع، وأقرب مثال على ذلك، الراحل الدكتور غازي القصيبي، الذي تخصص في الشأن السياسي، وهو من أكبر المبدعين". وعليه فإنه يرى أنه "تحتاج اللائحة لبعض الدراسة والتأمل والتغيير في بعض موادها، تماهيا مع استشراف مستقبل خطابنا الثقافي، لذا رأى وزير الثقافة تأجيل اختيار الجمعيات العمومية، وبالتالي انتخاب أعضاء مجالس الإدارة، حتى تتم دراسة اللائحة، لتحقق الأهداف الثقافية التي صدرت من أجلها". إتاحة الفرصة القاضي وفي سياق حديثه، رأى أن التأجيل لمدة سنة يعني "إتاحة الفرصة للأندية الأدبية والمثقفين، لإبداء آرائهم باللائحة، وهذا يعني جدية الوزارة في قيام الجمعيات العمومية"، قائلا "أنا متفائل من أن دراسة وتغيير بعض مواد اللائحة، سوف تفتح المجال لكافة الأطياف الثقافية، للدخول في عضوية الجمعيات العمومية". نقاش الشروط الإشكالية الأساسية في الاشتراطات الموجودة في اللائحة، بحسب ما رصدته "الوطن"، تكمن في تركز النقاش بين المثقفين، حول مسألة شروط العضوية العاملة، وتحديدا فيما يتعلق ب"المستوى العلمي" لمن يرشح نفسه، أو أن يكون لديه كتاب مطبوع، وكذلك الشرط الذي يقضي بأن يمر على عضو الجمعية العمومية مدة ثلاثة أشهر، كي يتمكن من ترشيح نفسه، في حين لم يبقَ سوى أقل من شهر واحد، على بعض مجالس إدارات الأندية. وكل تلك العوامل بحسب آراء عدد من المثقفين، من شأنها أن "تدفع الوزارة إلى أن تجد نفسها مضطرة للتمديد لمجالس إدارات الأندية، وبالتالي تأجيل موعد الانتخابات". لجنة مراجعة وكان وزير الثقافة والإعلام، الدكتور عبدالعزيز خوجة، قد كشف ل "الوطن"، عن تشكيل لجنة من أعضاء الأندية الأدبية، لمراجعة اللائحة التنظيمية للأندية. وقال خوجة، لدى حضوره حفل افتتاح ملتقى نادي القصيم الأدبي السادس، مساء أول من أمس، إنه سيجيز ويعتمد اللائحة متى ما اتفق عليها. وتوقعت مصادر مطلعة، أن تتخذ وزارة الثقافة قرارا يقضي بالتمديد لجميع مجالس إدارات الأندية الأدبية، حتى نهاية العام الهجري الجاري، في الوقت الذي كشفت فيه معلومات، أن اللجنة المكونة لمراجعة اللائحة والرفع بها للوزارة، ستتشكل من أعضاء أندية القصيم، وجدة، والمدينة، وأبها، وتبوك. وأرجعت المصادر الخطوة ل"كثرة ما واجهته الوزارة من نقاش وملاحظات، من قبل عدد من رؤساء الأندية والمثقفين، حول ما اعتبر ثغرات في اللائحة التنظيمية، خصوصا فيما يتعلق بمسألة عضوية الجمعية العمومية".