فيما توقعت الوكالة الدولية للطاقة نموا في إنتاج النفط الأميركي، ذكر تقرير لموقع معهد brookings، الأميركي للدراسات، أن أميركا لن تأخذ دور السعودية في سوق النفط، لعدة اختلافات، منها التكلفة المنخفضة لإنتاج النفط السعودي. توقعت الوكالة الدولية للطاقة في تقرير سوق النفط ليناير الجاري، نموا «انفجاريا» في إنتاج النفط الأميركي، كردة فعل لأسعار النفط المرتفعة. وفي جلسة الكونجرس الأخيرة، وصف المدير التنفيذي للوكالة، فاتح بيرول، الولاياتالمتحدة ب«زعيمة النفط والغاز في العالم بلا منازع في العقود العديدة القادمة». ومن المتوقع لإنتاج الولاياتالمتحدة 10 ملايين برميل في اليوم في 2018، متجاوزا بذلك إنتاج السعودية وبعد روسيا فقط. وقال تقرير لموقع معهد «brookings»، الأميركي للدراسات، إن الارتفاع المذهل في الإنتاج الأميركي يثير هذا السؤال، هل الولاياتالمتحدة تأخذ دور السعودية في سوق النفط؟ إنه سؤال مثير للاهتمام، و بالطبع سؤال يطرحه المديرون الحاليون مع تركيزه على «هيمنة الطاقة». ولكن الإجابة هي لا، فالصناعة الأميركية لن تلعب دورا مشابها للسعودية في سوق النفط، بغض النظر عن مدى نمو سوق النفط الأميركي. كي نفهم السبب من المفيد جدا معرفة أحداث سوق النفط المؤخرة. ليست منتجة مهيمنة الولاياتالمتحدة منتجة نفط مهمة، ولكن ليست منتجة «مهيمنة». أصبحت الولاياتالمتحدة منتجة نفط مهمة وغيرت نطاق سوق النفط العالمي، خصوصا مع قدرتها على إعادة التوازن السريع للسوق كردة فعل لتغيرات الأسعار. ولكن الاختلافات المهمة بين صناعات الولاياتالمتحدة والسعودية تعني أن الولاياتالمتحدة لن تستولي على الدور السعودي في أسواق النفط، حتى وإن كانت مستعدة للتفوق على السعودية من ناحية حجم الإنتاج. وصف مضلل أوضح التقرير أن هذا الاختلاف بين الخضوع للأسعار وصُنع الأسعار هو السبب الذي يجعل من وصف الولاياتالمتحدة ب«المهيمنة على الطاقة» بالوصف المضلل. أما بالنسبة ل«الهيمنة» فتوحي إلى القدرة على تحريك الأسواق، بينما القطاع الأميركي، بالرغم من قوته وأهميته المتزايدة بالنسبة لأمن الطاقة العالمي، إنه ليس منظما بالشكل الذي يجعله ينجح في النهاية. وهناك اختلاف آخر مهم بين إنتاج النفط السعودي والإنتاج في الولاياتالمتحدة، هو التكلفة المنخفضة جدا لإنتاج النفط السعودي. إن التكاليف الفعلية تكاليف شبه فعلية، وهي من بين الأشد انخفاضا. ففي العالم الذي يكون فيها احتياج النفط مرجحا للثبات والتراجع في العقود القادمة، فإن قطاع النفط السعودي هو المرجح إلى الاحتفاظ بربحيته حتى نهاية عصر النفط. إن قطاع النفط الأميركي قد حقق تكاليف إنتاج متراجعة عن طريق المنافسة الشديدة وضبط أسعار النفط المنخفضة، ولكن موارد النفط الصخري التي عززّت ازدهار الإنتاج الأميركي هي موارد أكثر تكلفة مقارنة بتلك في السعودية. دور السعودية الفريد بالرغم من أن الولاياتالمتحدة قد أصبحت مصدرا أساسيا لإنتاج النفط والغاز، إلا أن أرامكو السعودية ستستمر في لعب دور فريد في أسواق النفط العالمية، والفضل في ذلك يعود إلى حجمها الضخم وتأثيرها وتكاليفها المنخفضة في الإنتاج. السؤال المثير للاهتمام الذي ستتم ملاحظته في السنوات القادمة سيكون: كيف ستكون ردة فعل أرامكو تجاه اجتماع المعروض الفائض ونهاية نمو الاحتياج، بالرغم من أن ذلك سيكون بعيدا جدا بسنوات، إلا أننا بدأنا نقترب منه. ففي الوقت الراهن قد ركز السعوديون على إدارة الأسعار وضمان استمرار المخزونات بشكل جيد في المستقبل. ولكن مع وجود احتمالية لانتهاء نمو الاحتياج، فإنهم سيغيرون إستراتيجيتهم في المنافسة بشكل أقوى في السوق من ناحية السعر، هل سيتصرفون بشكل مشابه للمنتجين الأميركيين؟ الوقت وحده هو من سيطلعنا على الإجابة. نجاح أوبك بعد وصول أسعار النفط إلى أكثر من 110 دولارات لكل برميل في 2014، انهار سعر النفط الخام بحوالي 30 دولارا لكل برميل في بدايات 2016. تجاوبا مع ذلك، تعاونت أوبك مع روسيا في خفض إنتاج النفط، بهدف رفع الأسعار وخفض مخزونات النفط. صفقة تقليل الإنتاج ب1.8 مليون برميل في اليوم تم عقدها في أواخر نوفمبر 2016 وتم تمديدها حتى 2018. وحقق السعوديون النسبة الأكبر من تقليل المعروض، حيث تجاوزت الحصة المتفق عليها تقليل ب486000 برميل في اليوم. وارتفعت أسعار النفط منذ خفض الإنتاج بحوالي 25 دولارا لكل برميل. تبدو هذه النتيجة بالتأكيد كنجاح لأوبك. ولكن نظرا لوجود تغيرات في سوق النفط العالمي، فإن مكاسب أوبك تبدو مكاسب مؤقتة. النفط الصخري نمو النفط الصخري الذي يهيمن على إنتاج الولاياتالمتحدة يقدم النفط بشكل أسرع وبتكاليف مقدمة أقل مقارنة بالنفط والغاز التقليديين. وهذا يسمح لإنتاج الولاياتالمتحدة بأن يكون سريع الاستجابة لتقلبات الأسعار مقابل تلك التي قامت بها أوبك في العام الماضي. هذا الإنتاج سريع الاستجابة يبطل مفعول خفض الإنتاج الذي قامت به أوبك. في الواقع تتوقع الوكالة الدولية للطاقة بأن إنتاج النفط الأميركي وحده سيعوّض خفض أوبك بحلول نهاية عام 2018. هذا الزيادة السريعة في إنتاج النفط الأميركي تجعل من أوبك في موقف صعب. وكشفت أوبك عن قدرتها على فرض خفض الإنتاج على أعضائها ورفع أسعار النفط، ولكن على حساب خسارة الحصة السوقية، حيث إن الإنتاج الأميركي قد نما كردة فعل للأسعار المرتفعة. خسارة الحصة السوقية هذه قد تكون حتى أكثر ضررا على أوبك في زمن وفرة الطاقة بالعالم اليوم. أرامكو السعودية قال التقرير إن إنتاج النفط السعودي يتم من قبل كيان واحد -أرامكو السعودية- التي تمتلكها وتشغلها الحكومة السعودية. أرامكو السعودية لا تشتغل بحافز ربحي بسيط مثل أي شركة ربحية. وتخطط أرامكو على بيع الأسهم التي تساوي 5% من قيمتها في الطرح العام الأولي في النصف الثاني من هذه السنة، ولكن الهيكل الأساس واتخاذ القرارات في الشركة سيبقى تحت سيطرة الحكومة. في حين أن قطاع النفط في الولاياتالمتحدة مكون من عشرات الشركات التي تقوم باستثمارات فردية وتتخذ قرارات إنتاج فردية، بناء على تكاليفهم وأوضاعهم المالية ورغبتهم في المخاطرة. ولن يعمل قطاع النفط الأميركي ككيان واحد لإدارة السوق أو رفع الأسعار. نقطة متعلقة بهذا الأمر هي أن جميع المنتجين الأفراد الأميركيين خاضعون للأسعار، أي أنهم لا يمتلكون القدرة على التأثير على أسعار النفط العالميين عن طريق إجراءاتهم، ولكن أرامكو السعودية كبيرة بالشكل الكافي الذي يجعل من قراراتها الإنتاجية مؤثرة على أسعار النفط العالمية. بالإضافة إلى أن تقليل الإنتاج بهدف رفع الأسعار، كما يحدث الآن، فإن السعودية قادرة على أن تزيد الإنتاج بشكل سريع كي تحل مشاكل اضطرابات معروض النفط. فالسعودية هي الدولة الإنتاجية الوحيدة ذات قدرة إنتاجية ضخمة. وقدّرت إدارة معلومات الطاقة الأميركية بأن السعودية تحتفظ ب1.5 إلى مليوني برميل في اليوم من سعة الإنتاج في الادخار، وهذه إستراتيجية لن تكون منطقية بالنسبة لشركة ربحية.