جاءت الرؤية 2030 عملاقة وطموحة لتلبية تطلعات وآمال الوطن المملكة العربية السعودية، وقد حمل لواء هندستها ونقلها إلى حيز الواقع ولي عهدنا الشاب الطموح الأمير محمد بن سلمان، حفظه الله، وأجمل ما في الرؤية أنها تحمل سمة التكامل الشامل سواء من حيث تغطيتها لكافة شرائح وفئات البنية الاجتماعية للشعب، أو شموليتها لكافة مناطق ومدن المملكة العربية السعودية. لقد أدرك الأمير الشاب أن أغلبية المشاريع الحيوية التنموية التي قامت في البلدان النامية لم تصل أو تبلغ المستوى المأمول منها لدى الشعوب بسبب غياب الرؤية المستقبلية، أو انعدام الإرادة الطموحة والقوية في تحقيق تلك المشاريع، ومن هنا جاء تكليف خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، حفظه الله لولي عهده بهذه المهمة الجسيمة لما يتمتع به من حيوية الشباب، ووجود الرؤية المستقبلية لديه، وتوفر العزيمة القوية والإرادة الصلبة في تحقيق وبلوغ الأهداف المنشودة. إننا نملك في وطننا حضارة سعودية حديثة لها الحضور المؤثر القوي في الإطار الشرق الأوسطي أو العالمي، وتمتلك جميع مؤشرات التقدم والنمو الحضاري المتسارع، فنحن وبفضل الله على مستوى عال من التفاعل الثقافي والتقدم العلمي والحذق التكنولوجي والتنوع الصناعي، بالإضافة إلى أهم عنصر حضاري، وهو الاستقرار السياسي والاقتصادي بالرغم من التقلبات العنيفة المحيطة بالوطن، وذلك يعود إلى الحكمة والاتزان لدى القيادة السعودية في صناعة القرار. إن التقدم الحضاري والتنموي كما يقول علماء الحضارة يتأسس على مجموعة من الاحتياجات الأساسية للتنمية، مثل التنمية البشرية وتأمين مشاركة فاعلة للمرأة وتطوير الثقافة الاجتماعية والقضاء على الفساد وبناء مراكز تهتم بالمواهب والمبدعين، وكل هذه الاحتياجات الحضارية بدأت تتحقق بفعالية على أرض الواقع بفضل الإرادة القوية في تحقيق الأهداف المنشودة للرؤية 2030. إننا نملك مقومات الحضارة لدرجة تصل إلى حال متقدمة من القدرة على الاتصال والتأثير مع العالم المتقدم، ولدينا القدرة على الوصول إلى درجة الإبهار وبثها بقوة في نفس المتلقي الغربي أو الشرقي، وهذه إحدى النعم الإلهية التي منّ الله بها على بلادنا المباركة منذ عهد المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبد الرحمن آل سعود وحتى العهد الميمون عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، أيده الله. كما أن إطلاق الرؤية 2030 دلالة على السمو الحضاري الذي تشهده المملكة العربية السعودية اليوم وعلى كافة الأصعدة، ولا سيما الاتجاه العلمي، فكما هو معروف أن الدول المتقدمة والمجتمعات الراقية تتأسس ثقافاتها وعقليات أبنائها على العلوم الحديثة والعصرية، وتطبيقها كمبدأ أساسي في الحياة، وبالتالي فحصّتها وغنيمتها كبيرة في الوضع الاقتصادي العالمي، ومن هنا بدأت الجامعات السعودية – الحكومية والأهلية – تسارعها الزمني تطبيقاً لأجندات الرؤية 2030 في الإسهام الفعلي في التحول الوطني من خلال تقديم العلم والمعرفة كجانب تطبيقي في المجتمع وتقديم الإسهام البحثي بما يقدمه من حلول وابتكارات للعوائق التي تقف عثرات أمام تحقيق الطموحات الشعبية. إن أعداد الخريجين المتزايدة كضخ قوي من الجامعات لسوق العمل يواجه صعوبة في مسألة العرض والطلب، ومن هنا يأتي دور وأهمية الأبحاث والأوراق العلمية الجادة التي تقدمها عقول ناضجة وشابة في توجيه وإعادة بوصلة التخصصات الجامعية، وتأسيس ثقافة جديدة وحيوية في عقول الطلائع الجدد في التوجه نحو القطاع الخاص كحلول مثمرة في رسم مستقبل جديد وباهر، ومن هنا تؤتي ثمرة يانعة من ثمرات الرؤية 2030 بما يتناسب مع الحضارة السعودية الجديدة.