ظلت حياة الجدية والالتزام تغلف الحياة العسكرية، ولكن هذا سيتم التخلي عن بعضه فوق خشبة المسرح، ليتحول أداء السلام العسكري وخطوات "المارش" المستقيمة الثقيلة على الأرض إلى حركات مسرحية خفيفة، تتخللها موسيقى مختلطة، لتمثل الصراع بين الحياة الرومانسية الناعمة بهدوئها، وحياة الجيش الصارمة المحفوفة بالمخاطر ونذر الصراعات والحروب. ذلك ما تقوم به الفرقة المسرحية الموسيقية العسكرية بهولندا التي أطلقت أخيرا صرعة فنية جديدة وفريدة على المجتمع الهولندي، بل وكل المجتمعات الأخرى، فعادة ما تكون الحياة العسكرية "تابو" لا يجب الاقتراب من أسراره أو تعرية ما يدور بداخله، غير أن هذه الفرقة أخذت على عاتقها الاقتراب من عمق هذه الحياة بصورة فنية، لتكرس ثقافة الانتماء الوطني، وتوقظ التاريخ لتحكي البطولات وقصص أفراد الجيش. وسينطلق عمل الفرقة الأول في قاعدة "فالكون برخ" العسكرية، تلك القاعدة التي كانت حتى وقت قريب محرمة على المدنيين، إلا أنها ستكون بمثابة المزار لرواد هذا العمل المسرحي الأول للفرقة، حيث سيتم عرض مسرحية تحمل اسم "الجندي البرتقالي". وأعلن القائمون على الفرقة أنه قد بيع حتى الآن 120 ألف تذكرة لمشاهدة هذه المسرحية، والتي تم استلهام اسمها من اسم الأسرة المالكة "العائلة البرتقالية"، بينما يبحث أكثر من 52 ألف مواطن هولندي عن تذاكر لشرائها وفقا للإحصائيات الرسمية، وهي أعداد قد لا يستوعبها المسرح الذي أقيم خصيصا في هذا المطار العسكري، وستقام المسرحية في مطلع أبريل المقبل، ويتوقع أن تشهدها ملكة البلاد بياتريكس التي التقت أعضاء الفرقة أخيرا وباركت عملهم، وسيحضرها كذلك بعض الساسة والعسكر جنبا إلى جنب مع المواطنين. ويقول مدير الفرقة تيو بومانس: "إن المسرحية تجسد قصة تاريخية واقعية هي الأشهر في تاريخ البطولات الهولندية، وهي قصة بطل هولندا في الحرب العالمية الثانية إريك هازيلهوف، وذلك في قالب فني موسيقي مدهش، وهو عمل يتطلب نهجا صادقا يمزج بين التمثيل والموسيقى ليركضان معا نحو العاطفة القوية لحب الوطن، والذي هو بمثابة حب للحياة والوجود". وإريك كان مجرد شاب عادي يحلم بالحب والحياة ويعيش بين أصدقائه حياة الشباب الحالمة والصاخبة، وعندما قام الألمان بغزو هولندا عام 1940 ، تحولت حياته في تلك اللحظة، ليكتشف أعماق ذاته المحبة لوطنه، ويكتشف معاني جديدة للصداقة والمحبة، حيث يجد نفسه في خيار بين حب بلده وحب نفسه، فيختار بلده من أجل الحرية والكرامة الوطنية، وليدرك أن للتمتع في الحياة معاني أخرى، ويهرب إلى إنجلترا ليبدأ بطولات المقاومة ضد الألمان، من خلال تهريب المعدات العسكرية لرجال المقاومة الهولندية، ويتحول إلى طيار مع شباب آخرين للمشاركة في هجمات على ألمانيا، حتى ذاع صيته، وتلقى فيما بعد وسام وليام للشجاعة من الملكة السابقة لهولندا هيلمينا، وتستمر بطولاته حتى تحرير . هولندا في مايو عام 1945 وسجل الكاتب روتجر هاور هذه البطولة في كتاب عام 1977 ، غير أن فرقة المسرح الموسيقي العسكرية أعدت نصا مسرحيا لهذه القصة، كتبه آدوين دي فريس، فيما أعد الموسيقى توم هاريمان، وسيؤدي دور إريك الممثل ماتيو فان دير جرين، وتشاركه البطولة الممثلة كاترين تي في هوف، ويرد في نص المسرحية "الحرب تقلب كل شيء رأسا على عقب، وتتغير الأنساب بحدة، إذ يجب على الجميع اتخاذ قرارات بأنفسهم، هل تذهب للكفاح من أجل الحرية، من أجل شعبووطن، أم تبقى وتدفن رأسك في الرمال؟ عليك أن تختار بقاءك أو بقاء العدو". وسيكون هذا العمل المسرحي الموسيقي العسكري في طليعة الأعمال التي ستتوالى من الفرقة لاحقا، لتصنع تاريخا جديدا للفن المسرحي الموسيقي العسكري .