"النثيرة" عادة سكان المنطقة الغربية بالمملكة للاحتفاء بموسم الحج، وتعتبر من العادات الاجتماعية القديمة التي حافظ عليها النساء الجدوايات باعتبارها وسيلة شعبية للاحتفال بعودة الحجاج بعد أداء مناسك الفريضة، وقد تعود أصولها للعهود التركية، وفيها تقوم السيدات أو الرجال بإلقاء و"نثر" الحلوى على الحجاج بعد عودتهم من الحج. وقد أصبحت النثيرة حاليا تقدم بطرق مميزة مواكبة للعصر، فاستخدمت في تعبئتها الأكياس المنظمة المبتكرة بطرق جديدة وألوان زاهية، مع وضع النثيرة بداخلها. يقول بائع حلويات الحمصية في باب شريف بجدة أحمد الزودي "النثيرة من أهم مطالب السيدات الجدوايات، حيث نشهد إقبالا عليها في موسم الحج، كما يحرص على شرائها العديد من الحجاج لتقديمها للأهل والأصدقاء كهدايا بعد انتهاء رحلة الحج والعودة إلى بلادهم، كما انها تعتبر عادة حجازية قديمة يحرص عليها سكان مكةوجدةوالمدينة. ويضيف "يتردد علي العديد من الحجاج طلبا للنثيرة، خاصة من السعوديين واليمنيين، حيث إن شراء هذه الحلويات له أوقات معينة، قبل الوقوف بعرفة وبعد العيد بخمسة أيام، ويبدأ الحجاج بالتردد على المحل لأخذ كميات كبيرة من هذه الحلويات، وفئة كبيرة من زبائننا يأخذونها كهدايا تقدم للأقارب خاصة من قبل الحجاج خارج المملكة، باعتبار أن هذه الحلويات من الأراضي المقدسة هدية مميزة، أما الحجاج السعوديون فيأتون من جميع مناطق المملكة ويقومون بشرائها لطعمها الخاص"، مشيرا إلى أن هذه الأنواع من الحلويات لها طابع خاص ومذاق مميز، وذات أشكال وألوان زاهية. وعن أشهر أنواع الحلوى المستخدمة في النثيرة قال الزودي إن "من أشهر الأنواع التي تباع في الحج، وتؤخذ كهدايا الحمصية وحمص الحلوة وحمص ملبس، والقضامة، وحمص الجوهري، وفول سوداني، والخروم، وجميعها تخلط مع بعضها بشكل منسق، وتغلف بطرق مبتكرة حسب طلب الحاج" . وذكر أن هناك العديد من الأسر السعودية تقوم بشراء هذه الحلويات بالاسم، وهي تعتبر من الحلويات الموسمية التي لا تباع إلا في موسم الحج، باعتبار ذلك من العادات والتقاليد التي مازال يتمسك بها أهل الحجاز وخاصة جدةومكةوالمدينةالمنورة. وعن الاستعدادات التي يقومون بها لتلبية الطلب على هذه النواع من الحلوى قال الزودي "نقوم كل عام قبل الحج بفترة مناسبة بتوفير ما يقارب من 50 كيسا بحجم كبير من الحمص، ويوضع في صوان كبيرة كذلك 30 كيسا من الحلوى و30 كيسا من الخروم و60 كيسا من الحمص الجوهري وغيره، ويتم عرض هذه الأنواع خلال الأيام الخمسة من الحج وقبل عرفة وبعد الحج بخمسة أيام. ويضيف أن بعض الأسر تقوم حاليا بإحياء عادات قديمة قد اندثرت، ومنها عادة النثيرة، وفيها تستخدم هذا النوع من الحلويات لرشها على الحاج القادم من مكة بعد أداء فريضة الحج، وتمثل هذه العادة شكلا من أشكال الترحيب بقدوم الحاج وعودته لدياره. من جهة أخرى تسرد فاطمة عامر (56 عاما) قصة "النثيرة" قائلة "النثيرة عبارة عن حفلة تقليدية كانت تقام في أرجاء منطقة الحجاز قديما، وهي تخصص للاحتفال بالقدوم من الحج، وكان يطلق على العائد من الحج للمرة الأولى"السرارة "، وكانت طريقة الاحتفال أن يركب الحاج على ناقة أو خيل، ويدار به المدينة أو جدة في موكب حافل، ويرمي عليه السيدات والأطفال من النوافذ والشبابيك حلويات الملبس التي تعرف بالنثيرة". وأكدت فاطمة أن النثيرة عبارة عن مجموعة من الحلويات تقوم الأسر بشرائها قبل الحج بفترة، وعندما يعود الحجاج الذين قاموا بأداء مناسك الحج ، يستقبلون بالأهازيج ورش النثيرة، وذلك للتعبير عن فرحة أقاربهم وأهاليهم لأدائهم فريضة الحج ورجوعهم سالمين إلى منازلهم. ويشير محمد رقام إلى أن عادة النثيرة قديمة وهي من العادات التي اندثرت على مر السنوات، ولم يبق منها إلا القليل عند البعض الذين يعرفون قيمتها ، مشيرا إلى أن هذه العادات والتقاليد ترجع أصولها إلى الأتراك، حيث إنهم أول من بدؤوا هذه العادة، حيث كانت "النثيرة" تستخدم في الاحتفال بمن يحج لأول مرة، أو يزور المدينة للمرة الأولى.