تتجه الصناديق السيادية الخليجية نحو أسواق المشاريع التكنولوجية والتجارة الإلكترونية، وهو تحول في استراتيجيات الاستثمار التي ارتكزت لعقود طويلة على الاستثمارات التقليدية المحافظة. وقال خبراء ومطلعون، إن السبب الرئيس وراء هذا الاتجاه يكمن في توافر فرص استثمارية بتلك القطاعات الناشئة وارتفاع عوائدها رغم المخاطر الكبيرة، بعد هبوط أسعار النفط الخام وعدم جدوى توسعة الاستثمارات في الوقت الحالي على الأقل. الصندوق السعودي دخل صندوق الاستثمارات العامة السعودي (الصندوق السيادي للمملكة)، في وقت سابق من هذا الشهر في شراكة مع رجل الأعمال الإماراتي محمد العبار ومستثمرين آخرين لإطلاق منصة للتجارة الإلكترونية باستثمارات مليار دولار، وتبلغ حصة الصندوق 50%. ويعتزم الصندوق، تأسيس صندوق استثماري جديد بالشراكة مع مجموعة "سوفت" اليابانية بقيمة 100 مليار دولار ( 375 مليار ريال) للاستثمار في التكنولوجيا المتقدمة. واستثمر الصندوق السيادي السعودي في يونيو الماضي 3.5 مليارات دولار ( 13 مليار ريال)، لتوفير خدمة "أوبر" الأميركية لخدمات النقل وسيارات الأجرة، وهي أضخم شركة ناشئة غير مدرجة بالبورصة وقيمتها 62.5 مليار دولار (234 مليار ريال). كيانات استثمارية تعد "صناديق الثروة السيادية" هي كيانات استثمارية ضخمة تقدر بتريليونات الدولارات، وهي مكلفة بإدارة الثروات والاحتياطات المالية للدول، وتتكون من أصول متنوعة مثل العقارات والأسهم والسندات وغيرها من الاستثمارات، وتمثل الذراع الاستثمارية للدولة ذات الفوائض المالية. وتاريخياً تعود فكرة إنشاء الصناديق السيادية إلى منطقة الخليج، وتعتبر الهيئة العامة للاستثمار بالكويت أول صندوق للثروة السيادية في العالم، وتم إنشاء الصندوق في عام 1953 لاستثمار فائض العائدات النفطية. وتشير آخر بيانات معهد صناديق الثروات السيادية، إلى أن إجمالي موجودات (أصول) الصناديق الخليجية يبلغ حالياً نحو 2.67 تريليون دولار( 10 تريليونات ريال) أي ما يعادل أكثر من 37% من إجمالي موجودات صناديق الثروات السيادية العالمية. قطر والكويت كان جهاز قطر للاستثمار قد استثمر في "أوبر" وشركة فليبكارت للتجارة الإلكترونية في 2014. فيما يدرس جهاز قطر السيادي في صندوق التكنولوجيا الذي أسسته المجموعة اليابانية وصندوق الاستثمارات السعودي، بحسب ما نشرته وكالة "بلومبيرج" الأميركية الشهر الماضي. بينما قادت الهيئة العامة للاستثمار الكويتية هذا العام، استثماراً مباشراً في شركة "جاوبون" الأميركية المتعثرة المتخصصة في صناعة الأجهزة القابلة للارتداء. توجه جديد قال المدير العام لشركة نماء للاستشارات المالية (خاصة) طه عبدالغني، إن التوجه الجديد من جانب بعض الصناديق السيادية الخليجية يعطي مؤشراً على تبني استراتيجيات غير مسبوقة لاستثمار أموالها في قطاعات ناشئة عالية المخاطر، مع السعي للحصول على عوائد أكبر من الاستثمارات التقليدية. تابع عبدالغني: "بعد هبوط النفط أصبح من الصعب استمرار تلك الصناديق في الاعتماد على تدفق للنقد من الحكومات مما أدى لتحول في استراتيجيات الاستثمار. ولفت عبدالغني إلى أن بعض الصناديق شهدت الكثير من عمليات السحب بسبب انخفاض أسعار النفط، وإعادة الأصول لبعض الأنشطة الجديدة محليا. بيوت الاستثمار العالمية كانت صناديق الثروة السيادية بما فيها الخليجية، سحبت 86.5 مليار دولار (324 مليار ريال) على الأقل من بيوت الاستثمار العالمية خلال العامين الماضيين حتى يونيو الماضي، بحسب بيانات مؤسسة "أي فيستمنت" للأبحاث (خاص).واعتبر الخبير الاقتصادي ومدير الأصول في شركة "المال كابيتال"، ومقرها الإمارات، طارق قاقيش، أن هناك اهتماما متزايدا من جانب صندوق الاستثمارات السعودي على وجه التحديد بالاستثمار في قطاعات التكنولوجيا الحديثة الناشئة، وذلك في ظل الاتجاه العالمي نحو تلك القطاعات. الاستثمارات الناشئة أوضح قاقيش أن الاستثمارات الناشئة ذات نسبة المخاطر المرتفعة، ما تزال تمثل نسبة ضئيلة من إجمالي حجم استثمار الصناديق السيادية الخليجية، في مقابل استمرار استحواذ أدوات الاستثمار التقليدية سواء عقارات أو أدوات الدين وغيرها على الجانب الأكبر. وتوقع قاقيش أن يكون هناك اتجاه أكبر من جانب باقي الصناديق السيادية في الخليج نحو قطاعات التكنولوجيا، بهدف تعظيم أرباحها.