حاتم المشهدي سنبدأ المقالة بالحديث عن الزيارة المكوكية التي قام بها (كبار مسؤولي وزارة العمل) لمطاعم كشري يعمل فيها شباب سعوديون من حملة الشهادات وحاصدي الدبلومات. تتوج هذه الزيارة التشجيعية نجاحات مكتب العمل في توطين حراس الأمن وموظفى الكاونترات ومحلات السندوتشات والكافيهات... ثم نستطرد بسؤال منطقي: لماذا لم يتم توطين وسعودة آلاف الوظائف الوسطى (الإدارية والتسويقية) في مئات الشركات والوكالات (أسوة بدول الاتحاد الأوروبي) التي تمنع العمل في تلك الوظائف وتقصرها على المواطنين فقط. أعتقد أن (زهد) مكتب العمل في توطين مئات (الوظائف الإدارية في كبرى الشركات التجارية) يرجع إلى حذر من غضبة (هوامير الغرف التجارية وأصحاب المناعة والنفوذ)، لأنها ستجبرهم على دفع سلسلة من النفقات المرتفعة لتدريب الشباب، ثم دفع رواتب تتناسب مع تكلفة المعيشة تسمح لهم بفتح بيت وتكوين أسرة... خلافا لما تعودوا عليه من أرباح خيالية نتيجة (توظيف إخوتنا المقيمين ذوي المرتبات الضعيفة والولاء الوظيفي نتيجة نظام الكفالة). إضافة إلى ذلك (غياب) نظام ضريبي على مدخولات الشركات التجارية يحد من نفوذهم... ويسمح بخلق طبقة منافسة من أصحاب المشاريع الصغيرة من أبنائنا الشباب! ومما زاد الطين بلة هو مساواة الشركات الكبيرة والمؤسسات الصغيرة بنفس الرسوم الحكومية (تجديد الإقامات، والتأمينات الطبية والاجتماعية وكروت العمل والخروج والعودة إلخ) بما لم أر له مثيلا في اقتصادات الدول المتقدمة التي تحافظ على نسب نمو ثابتة ومعدلات بطالة محدودة نتيجة تشريعات تساعد الصغار وتحد من نفوذ الكبار. كان الله في عون أصحاب المشاريع الصغيرة من الشباب، منتهى أحلامهم تخفيض المكوس وإعطاؤهم تأشيرات مهن خدمية أسوة (بالنظام الغربي) الذي سمح باستقدام الأتراك في ألمانيا، والهنود في بريطانيا، واليوغسلاف في إيطاليا، لتمكين (المشاريع الخدمية الصغيرة كالمطاعم، والمخابز، ومؤسسات اللياسة، والسباكة والكهرباء النظامية الصغيرة) الذي يسهم نجاحها في خفض أسعار الخدمات الأساسية لمصلحة المواطن، ورفع معدلات النمو المحلي. ثم نتساءل بكل سذاجة: لماذا لا توجد لدينا مؤسسات سباكة وكهرباء وبناء صغيرة ناجحة ومستدامة.. بعد أن تم رميها بشتى المكوس والرسوم التي خلقت سوقا سوداء أسست وبنت 99 % من بيوت السعوديين بدلاً من المؤسسات النظامية التي تئن تحت وطأة نطاقات وتجارب مكتب العمل!