فؤاد يوسف البخل العاطفي استشرى في مجتمعنا وأصبح يشكل حاجزا بين الوالد وأبنائه، وبين الأم وبناتها إلا من رحم ربك. أقصد بالبخل العاطفي السكوت المخيف وعدم التواصل بين أفراد العائلة ولو كلامياً، صمت مرعب تعيشه بعض العائلات، وكأنه فعلاً ذلك الصمت الذي يسبق العاصفة أو الكارثة، نعم كارثة قد تنتج عن هذا الصمت وقد يتجه الأبناء إلى آخرين لا يعرفونهم فقط ليتحدثوا معهم عن أمور حياتهم البسيطة، ولا يدرون من هو الطرف الآخر ذلك المجهول الذي يؤدي دور الأب ودور الأم الغائبين إلا جسدياً. بعض الأسر تعيش هذا الصمت وقد تأقلمت وتكيفت معه وسلّمت بأن التواصل مع بعضهم البعض أصبح شبه مستحيل إلا في حالات بسيطة. في هذا الزمن الذي نعيشه قد يتحول الشخص بين عشية وضحاها إلى إرهابي، لأنه لم يجد من يسمعه أو يتحدث إليه إلا ذلك الغريب على الإنترنت. قد طُرح هذا الموضوع كثيراً ولكن سبب كتابتي عنه وإعادة طرحه هو استمرار المشكلة، واستمرار انحراف بعض الشباب والشابات لانشغال الكثير من الآباء والأمهات عن أولادهم، وافتقار الوالدين لإدراك مدى أهمية العاطفة والتواصل بين أفراد الأسرة وكيفية الاقتراب من الأبناء والاستماع إليهم والتحدث والتحاور معهم ومحاولة حل مشاكلهم. هذه المشكلة ليست محصورة بين الأبناء وذويهم، ولكنها منتشرة حتى بين بعض المعلمين وطلابهم والطالبات وأساتذتهم. مقولة جميلة وبسيطة سمعتها قديما تقول :"الهرج ببلاش"، والهرج باللهجة العامية يعني الكلام. يا أخي الهرج ببلاش، تكلم.. عبر.. حاور طفلك وتلميذك واستمع له، وأنتِ ِتكلمي أيتها الفتاة مع أمك عن مشاكلك، ويا معلمة يا فاضلة تواصلي مع طالباتك وكوني قريبة منهن. يا جماعة الخير الهرج ببلاش.