تكتسب زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، الحالية إلى تركيا أهمية استثنائية وسط موجة من التحولات السياسية والعسكرية في المنطقة، بدءا من التطورات الحاسمة في الملفين السوري واليمني، حيث بدأ وقف إطلاق النار في اليمن منتصف ليل أول من أمس، فيما تستأنف مفاوضات جنيف بشأن سورية غدا، بعد تأجيلها ليومين، فيما تنعقد قمة منظمة التعاون الإسلامي في يومي الخميس والجمعة المقبلين بإسطنبول. وتتقدم القضية الفلسطينية قائمة الملفات التي ستناقشها القمة، حيث يترقب المتابعون أن يصدر عنها قرار سياسي يرسم تحرك المنظمة وقادة دولها في المحافل الدولية لنصرة الحقوق الفلسطينية، دعما لجهود دولية سابقة لإطلاق عملية سياسية وفق جدول زمني محدد، بهدف إنهاء الاحتلال الإسرائيلي. كما ستبحث القمة دعم عقد مؤتمر دولي للسلام لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وتشكيل فريق وزاري مختص بالقدس الشريف، واعتماد الخطة الإستراتيجية لتنمية المدينة المقدسة. وذكر بيان صادر عن رئاسة الجمهورية التركية، الخميس الماضي، أن زيارة العاهل السعودي لأنقرة ستمتد ثلاثة أيام من 11 إلى 13 أبريل، قبل انتقاله إلى إسطنبول للمشاركة في القمة الإسلامية، مشيرا إلى أن الزعيمين السعودي والتركي سيتناولان في مباحثاتهما العلاقات الثنائية وقضايا إقليمية ودولية. وحسب البروتوكول، ستترأس أنقرة الدورة الحالية للقمة، ما يعني تسلم الرئاسة من رئيس الدورة السابقة، الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي. وكانت التحضيرات النهائية للقمة وضعت لمساتها الأخيرة خلال اليومين الماضيين، على أن تنطلق اليوم اجتماعات وزراء خارجية دول المنظمة تحضيرا لاجتماع 30 رئيس دولة وحكومة، إلى جانب رؤساء برلمانات ووزراء خارجية الدول الأعضاء في منظمة التعاون. العلاقات الثنائية تعد هذه القمة هي الثالثة بين زعيمي البلدين خلال ستة أشهر، والرابعة خلال 13 شهرا، بعد المباحثات التي جمعت بينهما في الرياض خلال ديسمبر الماضي، سبقها لقاء على هامش زيارة الملك سلمان إلى مدينة أنطاليا التركية في نوفمبر الماضي، وقمة جمعتهما خلال زيارة الرئيس التركي إلى الرياض في مارس 2015. وكانت زيارة الرئيس التركي الأخيرة للرياض قد توجت باتفاق الدولتين على إنشاء مجلس للتعاون الإستراتيجي، حيث يركز المجلس على مشاريع التعاون المشترك في عدة مجالات، في مقدمتها المجالات الأمنية، والعسكرية، والسياسية، والاقتصادية، والتجارية، والاستثمارية، والطاقة، والتعليم، والشؤون الثقافية، والطب. كما تدعم تركيا بقوة المواقف السعودية في الشأن السوري، حيث تتطابق رؤية البلدين لحتمية رحيل نظام الأسد، والتأكيد على الحل السياسي للقضية، مع المحافظة على سيادة ووحدة سورية. كما تدعم تركيا التحالف الذي تقوده السعودية لدعم الشرعية في اليمن. وعلى صعيد التعاون العسكري، شهدت العلاقات تعاونا متناميا، بعد أن وقعت شركة "أسيلسان" التركية للصناعات العسكرية الإلكترونية، والشركة السعودية للتنمية والاستثمار التقني الحكومية "تقنية"، في 21 فبراير الماضي، اتفاقا لتأسيس شركة للصناعات الدفاعية الإلكترونية المتطورة في المملكة. واتفقت الشركتان على المساهمة بنسبة 50 % لكل منهما في تأسيس شركة للصناعات الدفاعية الإلكترونية المتطورة في المملكة، لصناعة وتصميم وتطوير الرادارات، ومعدات الحرب الإلكترونية، والرؤية البصرية، وسد احتياجات المملكة والمنطقة من هذه المعدات. كما شاركت تركيا في مناورات "رعد الشمال"، التي أجريت بالسعودية خلال الفترة من 27 فبراير - 11 مارس الماضي، ووُصفت بأنها من أكبر التمارين العسكرية في العالم. وفي إطار تعاون البلدين في مجال مكافحة الإرهاب، تستضيف قاعدة إنجرليك الجوية بولاية أضنة مقاتلات سعودية، منذ فبراير الماضي، في إطار التحالف الدولي لمحاربة داعش.