لم يجرؤ ذوو قاتل أو لص يوما ما على الظهور علنا مطالبين بفك سراح ذلك اللص أو ذاك القاتل. لأن المساس بنزاهة القضاء وإجراءات التحقيق أو رفع دعوى المناصرة لمجرم أو قاتل ما هي إلا محاولة يائسة وفاشلة للتشكيك في الشرعية التي تستمد منها أنظمة القضاء أحكامها، فبالتالي الإقرار ضمنا بنقض ميثاق المواطنة وعقود الموالاة. على الصعيد الشخصي لم أتفاجأ كون أحد منفذي الهجوم الإرهابي على مسجد الإحسان بالأحساء الجمعة الماضية ممن سبق أن أوقفوا في اعتصامات "بريدة" التي كان ظاهرها "المناصرة" كما يقولون للأسرى والموقوفين في قضايا أمنية متعددة، وكان باطنها أبعد من ذلك بكثير! بفضل الجهود الأمنية الاستباقية التي قامت بها الجهات الأمنية التابعة لوزارة الداخلية تم بحمد الله فضّ هذه التجمعات واستئصالها بحكمة وإدارة أمنية حسنة للحدث الذي تكرر غير مرة من ذات الفئة وفي نفس المكان تقريبا. انقضت تماما اعتصامات الشارع ولكنها انتقلت فعليا إلى فضاء أرحب وأوسع، إلى فضاء تويتر وبعض مواقع التواصل الاجتماعي الأخرى. من باب الاهتمام كنتُ قد رصدت خلال الشهرين الماضيين تحركات تحشيدية من قبل نفس الجماعة "فكوا العاني" في هاشتاقات بعينها خاصة بذوي المعتقلين في قضايا أمنية، كانت مليئة بالتحريض والتجنيد والانتقام من الدولة ورجال الأمن وعلمائها، من ضمنها تجمّع لبعض أبناء عائلة منفذ عملية الإحسان الإرهابية في مدينة السلام بالأحساء وغيره ممن شاركوا فعليا في اعتصامات بريدة، يطالبون فيها بضرورة التحرك والانتقام وزعزعة الأمن والتراسل مع منظمات إرهابية خارج البلاد في العراق وسورية، معتمدين في ذلك على تشفير الكلمات والتواصل مع ما يسمونه "رغيف الأخوة". بعد تنفيذ حدّ القتل في الجناة الإرهابيين ال47 المشاركين في عمليات تخريبية من قتل ونسف واغتيالات وتكفير من قبل وزارة الداخلية. 2 يناير 2016 حاولت العودة لتتبع ذات الحسابات لرصد ردات فعل جماعة "فكوا العاني" لما كنت قد قرأته سابقا من تهديد ووعيد بالانتقام إذا ما نفذت أحكام الله في القتلة والمجرمين، ولكن باءت محاولاتي بالفشل، حيث إن تلك المعرفات قد اختف أو استبدلت بأخرى رديفة كعادتهم في التخفي وترميز التحرك الإلكتروني. الواقع أن الأسرى كما يطلقون عليهم والمحكوم عليهم شرعا بسبب أعمالهم وأقوالهم المخلة بالأمن ليسوا أكثر مغالاة من المطالبين بعونهم وفك قيدهم، وما مشروع المناصرة الذي انطلقوا منه إلا لممارسة إحراج الدولة وتمرير أجندات فكرية مغالية، والاستمرار في تمزيق لحمة الوطن والتشكيك في شرعية الدولة ونزاهة القضاء فيها، مستغلين بذلك بعض الدعاة والمحسوبين على التيار المحافظ داخل المملكة وبعض المتعاطفين من العامة. من هنا يجدر بنا جميعا الالتفاف حول قيادتنا والعمل كبناة وسعاة لصناعة وطن آمن مستقر، ومد جسور التعاون مع كافة أجهزتنا الأمنية في الإبلاغ في حال الاشتباه ونصرة الحق بإزالة المُشبَّهين وشبهاتهم.