تكشف مؤسسة التراث لأول مرة عن مجموعة من الصور التاريخية لموسم حج 1325ه الموافق 1908م، بعدسة المصور المسلم الدكتور محمد الحسيني الذي كان يعمل نائباً للقنصل البريطاني في جدة، خلال معرض يفتتحه غدا في متحف "باب البنط" محافظ جدة الأمير مشعل بن ماجد، نيابة عن أمير المنطقة الأمير خالد الفيصل. ويستمر المعرض الذي يضم 54 صورة، لمدة عشرة أيام، ويلقي على هامشه رئيس قسم الآثار في معهد الآثار الفرنسي بالقدس الدكتور جينبيير هامبورت محاضرة عن رحلات الحج. وأوضح مدير عام مؤسسة التراث الدكتور زاهر عبدالرحمن، أن صور المعرض من محفوظات معهد الدراسات الشرقية للآدباء الدومينكان في القاهرة، وتكتسب قيمتها من انتمائها لزمن كانت فيه الصور في عمومها نادرة، فضلاً عن كونها تعود إلى فترة سبقت تأسيس المملكة على يد الملك عبدالعزيز (طيب الله ثراه)، وتوضح معالم الأراضي المقدسة في تلك الفترة، قبل التوسعات التي شهدتها في العهد السعودي، بالإضافة إلى كون المصور مسلماً، ويعمل نائباً للقنصل البريطاني في جدة، إذ لا يحتاج إلى التحايل لدخول مكةالمكرمة، كما فعل غيره من المستشرقين. وأشار زاهر إلى أن الصور تتميز بشمولها لرحلة الحج من بدايتها إلى نهايتها، من خلال تغطيتها للأماكن المقدسة، بالإضافة إلى صور لكبار المسؤولين المرافقين للبعثات، والموانئ والحياة على ظهر السفن، وطرق السفر بين جدةومكة، والمحمل، مما يساعد على استخلاص كثير من الحقائق والمعلومات ذات الأبعاد التاريخية، التي تعين على استنباط صورة أقرب إلى واقع الحج في ذلك الزمان، ومراحل رحلته، فالصور تعد مصدراً رئيساً من مصادر التوثيق العلمي والقانوني والتاريخي لحضارات الأمم وثقافتها. من جهته عبّر رئيس مؤسسة التراث الأمير سلطان بن سلمان عن شكره للأمير خالد الفيصل على رعايته المعرض، مشيرا الى أن افتتاح محافظ جدة للمعرض، يعد جزءا من اهتمامه الدائم بخدمة التراث الوطني وسعيه الدؤوب في الحفاظ عليه، كما أن تنظيم المعرض، يأتي انطلاقاً من اهتمام المؤسسة وعنايتها بالتراث الوطني السعودي، الذي يشكل امتداداً للتراث العربي والإسلامي، كما يعبر عن حرص المؤسسة على الشراكة الفعالة، والتعاون المثمر مع مختلف الأطراف ذات الصلة بتنمية التراث والحفاظ عليه. يذكر أن مؤسسة التراث تأسست على يد الأمير سلطان بن سلمان في عام 1417ه، الموافق 1996م كمؤسسة خيرية تتخصص في خدمة التراث بشتى مجالاته، والمحافظة عليه وفق خطط وبرامج علمية حديثة، وتعمل على إحداث نقلة نوعية في مفهوم التعامل مع التراث، وبلورته في أعمال إبداعية حديثة، تتوزع بين مجالات التوثيق التاريخي، والتراث العمراني، وأعمال النشر والإصدارات، وتنظيم الفعاليات والأنشطة والمؤتمرات، بما يتجاوز نطاق التراث الوطني للمملكة إلى التراث العربي والإسلامي بشكل عام.