بين أخطاء في تقديرات تكاليف مشاريع الإسكان، وتأخر في اتخاذ القرارات، ما زالت وزارة الإسكان تعيد النظر في حساباتها، وتدرس بدقة خطواتها، لمواجهة أزمة السكن بشكل مباشر، دون أن تقع في أخطاء تزيد من حدة العلاقة المتوترة بينها وبين المواطنين، وسط مطالب قادها مختصون في القطاع بتسريع وتيرة الحلول وتفادي الأخطاء السابقة، والاستفادة من القرارات الأخيرة مثل مشروع فرض رسوم الأراضي البيضاء. "الوطن" ناقشت في عدد الخميس الماضي، الجزء الأول من قضية أزمة السكن، حيث تطرق إلى بداية الأزمة وتطوراتها وأسباب تفاقمها، من وجهة نظر وزير الإسكان المتمثلة في "فكر المواطن وثقافة السكن"، والتي ناقضتها وجهات نظر الخبراء والمواطنين، الذين أكدوا أنها ناتجة عن خلل في الأنظمة ومفهوم خاطئ للمشرعين بتشريعات الإسكان. ونستكمل اليوم الجزء الثاني من التقرير بإلقاء الضوء على بعض العوامل المرتبطة بالإسكان ودور بعض الجهات ذات العلاقة، إضافة إلى الإحصاءات المتعلقة بالإسكان والعقار، وأبرز التوقعات لمستقبل الأزمة ومستقبل قطاعي الإسكان والعقار، كَمَا نستعرض مشروع فرض الرسوم على الأراضي البيضاء والآمال العريضة المتوقعة لتأثيره على الأزمة، كما يشير التقرير إلى بعض تجارب الدول الأخرى الإسكانية. شجاعة القرارات أكد المعماري المهندس ياسر الربيعة أن أزمة الإسكان تحتاج إلى قرارات جريئة وشجاعة في تنفيذ القرارات والابتعاد عن البيروقراطية، لافتا إلى ضرورة شروع وزارة الإسكان بتسريع وتيرة العمل في مشاريعها، والبدء في توزيع الوحدات الجاهزة والأراضي المطورة التي أنجزتها لاحتواء حالة عدم الرضا المتنامي لدى المواطنين عن أدائها. أرقام وتوقعات شهدت المملكة خلال العقود الثلاثة الماضية تغيرات سكانية سريعة، إذ تعتبر المملكة من أعلى الدول على المستوى العالمي بمعدلات النمو السكاني، وتوقعت مؤسسة التنمية الدولية لعام 2002، في نشرتها الصادرة عن البنك الدولي أن يبلغ معدل النمو السكاني السنوي في المملكة للأعوام 2000 - 2015، إلى 9.2%، وهو يعد أعلى من المعدلات العالمية والتي تبلغ 1.1%، كما توقعت أن ترتفع نسبة سكان المملكة عام 2015 بواقع 1.32 مليون نسمة. تعدد الخيارات شدد المهندس الربيعة في تصريح إلى "الوطن" على ضرورة توفير وزارة الإسكان لعدد من الخيارات الإسكانية في منتجاتها، ومراعاة تعدد شرائح المجتمع وترك المجال للمواطن لاختيار السكن المناسب لدخله، والحرص على جودة المنتج ومتابعة عمل المطورين العقاريين بشكل دقيق لضمان عدم التلاعب في تنفيذ المخططات المطورة، منوها بأهمية الاستفادة من تجارب الدول الأخرى في الإسكان. دور قطاع الإنشاءات يؤدي قطاع البناء والتشييد في المملكة العربية السعودية دوراً مهماً في نمو الناتج المحلي، إذ يحتل المرتبة الرابعة بين الأنشطة الاقتصادية الأخرى غير النفطية من حيث معدل النمو وإسهامه في الناتج، ويبلغ متوسط معدل النمو السنوي في إسهام قطاع البناء والتشييد في الناتج المحلى نحو 7.66 % سنويا. الإسكان في خطة التنمية تشير الأرقام المنشورة إلى أن خطة التنمية العاشرة التي تبدأ العام الجاري وتنتهي في 1441، تستهدف بناء 1.2 مليون وحدة سكنية لمواجهة الطلب المتزايد، وعلى الرغم من تحديد آلية ضخ هذه الوحدات على الأرض بتخصيص 700 ألف وحدة للقطاع الخاص والباقي للجهات الحكومية، إلا أن الخطة لم توضح آليات التنفيذ عطفا على التحديات التي برزت في الخطة السابقة التي استهدفت مليون وحدة لم يتحقق منها الكثير. تقديرات خاطئة لفت الربيعة إلى أن الإسكان أخطأت في تقديراتها لتكاليف مشاريع الإسكان إذ بنت خططها لبناء 500 ألف وحدة سكنية، ولم تراع تكاليف تطوير الأراضي البيضاء وتغير أسعار مواد البناء عن السابق، وتسبب ذلك في إرباك الوزارة وإعادة حساباتها في كثير من مشاريعها المستقبلية، وأنه لمس ذلك من خلال قربه من المقاولين والمطورين المتعاملين مع الوزارة. واقترح المهندس الربيعة أن تقوم وزارة الإسكان باستثمار الأراضي التجارية في الأراضي المخصصة لها، سواء ببيعها أو تأجيرها لتغطية تكاليف التطوير وسد النقص في ميزانيات المشاريع الجارية والمستقبلية، إضافة إلى توزيع الأراضي المطورة المنجزة، في المدن الكبيرة ذات القيمة العالية، مقابل التنازل عن القرض. مقارنة الأسعار أشارت تقارير اقتصادية حديثة إلى تراوح سعر الأرض في الرياض عام 2008 ما بين 300 إلى 500 ريال، وفي عام 2014 ارتفع ليصل ما بين 1700 إلى 3 آلاف ريال بنسبة زيادة تبلغ 650%، وبلغ سعر طن الحديد في عام 2008 نحو 1280 ريالا، وفي عام 2014 بلغ 2780 ريالا بنسبة زيادة 117٪، وبلغ سعر كيس الأسمنت عام 2008 نحو 11 ريالا، وفي عام 21014، بلغ 17 ريالا بنسبة زيادة 54٪. دور القطاع المصرفي قدرت التقارير حاجة بناء البنى التحتية حوالى 937 ألف مليون ريال خلال ال20 سنة القادمة، ففي مجال الإسكان مثلاً، يتطلب تمويلاً في حدود 2400 مليار ريال خلال ال20 سنة القادمة، ومن المتوقع أن ينمو القطاع بحوالى 5% سنوياً، وأن يصل عدد الوحدات السكنية المطلوبة لغاية سنة 2025 حوالى 4 ملايين وحدة، ويذكر أن مجمل متطلبات تمويل الإسكان لسنة واحدة قد يصل إلى حوالى 117 ألف مليون ريال. مشروع الرسوم أصبح مشروع فرض رسوم على الأراضي البيضاء حديث الساعة في المملكة، حيث ينتظر الجميع تطبيقه بعد دراسة مجلس الشورى له ورفعه إلى مجلس الوزراء، وفيما يلي إضاءات حول المشروع تم رصدها من خلال ما طرحه الخبراء والمهتمون خلال الفترة الماضية دواعي تطبيق القرار والمأول منه * الارتفاع الجنوني لأسعار الأراضي * تجاوز مؤشر استخدام الأراضي البيضاء 50 % * تحقيق التوازن في سوق المنتجات الإسكانية * يعتبر المشروع من القرارات التي تلامس احتياجات المواطنين * تقليل تكلفة المسكن الملائم لكل مواطن خصوصا ذوي الدخول المحدود * زيادة المعروض من المساكن * تنمية قطاع الخدمات المالية والعقارية * تنويع الاقتصاد الوطني * التوازن في سوق المنتجات الإسكانية * فك الاختناق عن التنمية العمرانية في أطراف المدن * استقطاب المزيد من الاستثمارات لأنشطة التطوير والتمويل * * توصيات لنجاح المشروع * أن تشمل الرسوم جميع مناطق المملكة دون استثناء * أن تشمل جميع الأراضي داخل النطاق العمراني * تطبيق القرار في أسرع وقت * ألا تقل الرسوم عن 100 ريال للمتر * أن يكون المشروع نظاماً متكاملاً لتمكين المواطن من تملك المسكن * تسهيل إجراءات التطوير والبناء وزيادة المعروض * تخطيط المدن لتتجه من النمو الأفقي إلى الرأسي * اكتمال البنية التحتية من كهرباء وطرق ومياه وصرف صحي * إنشاء لجنة أو أمانة للإشراف على تطبيق الرسوم * إعداد الأجهزة الحكومية المختلفة (العدل، البلديات، التجارة، الإسكان) لتطبيق فرض الرسوم بالطريقة الصحيحة والفاعلة * تعديل بعض الأنظمة حتى تتناسب مع فرض الرسوم * عدم التسرع وإعطاء وقت كاف بعد تطبيق المشروع لتقييم تأثيره على سوق العقار