تشكّل عودة الفنان طلال مؤمنة إلى ساحة الفن التشكيلي بعد غياب امتد نحو عشر سنوات إضافة إلى التيار الواقعي الذي كان يحتاج إلى فنان بمثل مهنية مؤمنة ودقة خطوطه التي بقيت في معظمها ذات صبغة مدرسية، على الرغم من محاولات ممتازة تجاوز فيها هذه الصبغة في عدد من اللوحات. المعرض الشخصي للفنان طلال مؤمنة، الذي أقيم في فرع جمعية الثقافة والفنون بجدة، افتتحه مالك قناة جدة التلفزيونية أحمد الحصيني، مساء الأربعاء المنصرم في مركز سيزان للفنون الجميلة، حيث استعرض 50 عملاً من أعمال الفنان المعلقة، بحضور عدد كبير من الفنانين والفنانات والكتاب والإعلاميين. وقال رئيس لجنة الفنون التشكيلية في فرع الجمعية بجدة الفنان عبدالله نواوي "إن معرض مؤمنة يأتي في إطار البرامج التي تعدها لجة الفنون التشكيلية، وقد اخترنا الفنان طلال مؤمنة لأسباب تتعلق باهتمامه في التراث الشعبي وتصوير الحياة اليومية للناس بعاداتها وتقاليدها، كما أن أعماله موظفة بصرياً لنقل بيئة مدينة جدة ببحرها وصياديها ومراكبها وأسواقها التقليدية". وذكر الفنان طلال مؤمنة ل "الوطن": أعود للساحة التشكيلية بعد غياب اختياري احتجاجاً على ضعف الاهتمام بالفنون التشكيلية، لكنني أرى اليوم نهضة فنية واضحة ولذلك كان لابد أن أشارك فيها، مضيفاً: ما أرسمه هو في مجمله توظيف للمفردات البيئية في منطقة مكةالمكرمة، إضافة إلى التقاليد الشعبية التي أحاول أن تحضر دائماً في أعمالي، ويعود ذلك إلى رؤية خاصة مبعثها أن الفنون الجميلة، يجب أن تحتفي بالمكان الذي تولد فيه، وأن هذا الاحتفاء بالبيئة المحلية هو ما يعكس التمايز الفني بين الفنان الشرقي والفنان الغربي. ويقول مؤمنة إن أي مشاهد للأعمال سيعرف أن الفنان الذي رسمها ينتمي إلى بيئة حجازية، وهذا على صعيد التجربة الفنية له مردود حضاري وإنساني، يغيب عن الأعمال التي تتماهى مع أعمال الفنان الغربي وتفقد هويتها المشرقية. العديد من لوحات طلال مؤمنة أثارت اهتمام الحضور، حيث بدت الواقعية قوية في تصويرها للشخصيات، وأبدى فيها الفنان قدرة كبيرة على تجسيدها من الناحية التقنية، لكن المعنيين بالثقافة منهم شدتهم إحدى لوحاته الرمزية، والتي صور فيها ذئباً يقف على تلة من كتب وحجارة، وقال الفنان عن لوحته: صورت رمزياً وضعاً ثقافياً معيناً أردت به إيصال رسالة إلى المشاهد. وتطرح اللوحة موضوعين متضادين، أحدهما يشير إلى دفاع المثقف عن وجوده بشراسة ممثلاً في ذئب يعوي على كومة من كتب، بينما أعطى المعنى الآخر عكس ذلك حيث يبدو المثقف انتهازياً يتسلق سلم وجوده بالثقافة والفكر ثم يتحول إلى ذئب عند القمة، وعند سؤال الفنان عن ذلك، قال "أردت بها شيئاً ورأى الآخرون شيئاً آخر وهذا من حقهم فلم أعد مسؤولا عن المعنى الذي تحيل إليه اللوحة، فمهمة الفنان هي أن يرسم فقط، ولا يهمه بعد ذلك كيف يفسر عمله".