عاد رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري إلى بيروت أمس وسط أجواء مشتعلة بين الأكثرية وتيار المستقبل ضد حزب الله وحلفائه. وسارع الحريري إلى الاجتماع بأعضاء كتلة نواب المستقبل لدراسة الأوضاع المأزومة. وعلمت "الوطن" أن أجواء ساخطة سادت الاجتماع وطرحت فيه آراء متعددة كان أكثرها أهمية دعوة الحريري إلى التزام التهدئة وعدم تصعيد الموقف إلا في الحالات القصوى. وقالت المصادر إن المجتمعين اعتبروا أن المستهدف من الهجوم الذي يشنه حزب الله هو الدولة ومقوماتها، والنيل من المحكمة الدولية وقضيتها المركزية كشف حقيقة من اغتال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري. وكشف عضو تكتل "لبنان أولا" النائب عمار حوري "أن الحريري سيوجه كلمة إلى اللبنانيين خلال يومين وعلى جدول أعماله لقاءات مع رئيس مجلس النواب نبيه بري وقيادات قوى 14 آذار. وفي سياق متصل بحث الرئيس ميشال سليمان والحريري أمس الأوضاع والتطورات العامة وآخر المستجدات الراهنة وانعقاد جلسة مجلس الوزراء اليوم والتي توصف بأنها هامة للغاية. في هذه الأجواء تواصل التراشق الناري بالخطابات السياسية والمواقف التصعيدية. ووصل الحد بنواب حزب الله إلى التحذير من تطورات دراماتيكية في لبنان. وقال رئيس كتلة نواب الحزب النائب محمد رعد"نحن نستشعر أننا قادمون على حفلة جنون جديدة في السياسة". كما حذّر عضو كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب حسن فضل الله من "تصاعد الخطاب المذهبي لفريق رئيس الحكومة"، معتبراً أن "هذا الخطاب يشكّل تهديداً جوهرياً لبنية النظام السياسي". وسخر رئيس "اللقاء الديموقراطي" النائب وليد جنبلاط مما آلت إليه أمور الوضع السياسي الراهن، وقال "فعلاً، إن لبنان هو الجنّة على الأرض". في المقابل اتهم النائب في كتلة "لبنان أولا" عقاب صقر أمس المدير العام السابق للأمن العام اللواء جميل السيد بتسريب "فبركات" إلى مجلة "دير شبيجل" الألمانية عام 2009 حول تورط حزب الله في اغتيال الحريري. وأضاف "الحريري قطع رأس الفتنة التي حضرها السيد في دير شبيجل وظل ينفخ في نارها. وعلى الرأي العام أن يعرف الآن من سمم البلد". وكانت "دير شبيجل" قد ذكرت في مايو 2009 أن لدى لجنة التحقيق الدولية خيوطا تقود إلى اتهام حزب الله، ولديها معلومات من "مصادر قريبة من المحكمة تم التحقق منها عبر الاطلاع على وثائق داخلية". وقالت إن "القوات الخاصة التابعة لحزب الله" هي التي "خططت ونفذت" عملية الاغتيال. من جهة أخرى، عبرت مصر أمس عن قلقها من تصاعد الأحداث في لبنان، وما تبعها من تحد للسلطة الشرعية، والارتكان إلى قوة السلاح الخارج عن سيطرة الدولة، فيما رفضت مزايدة من أسمتهم بالمأجورين والحاقدين على مواقفها السياسية. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية السفير حسام زكي "مصر فوجئت بكل أسف أن هناك نكوصا عن الوعود وتجاوزات وتحريضا وترويجا للفتنة وتحديا للسلطة الشرعية، بل مؤخرا الارتكان إلى قوة السلاح الخارج عن سيطرة الدولة اللبنانية". وكان السيد قد زعم أن مصر تحرض على الفتنة الطائفية في لبنان بعقد لقاءات مع مرجعيات سياسية وأمنية مسيحية وسنية وشيعية، الأمر الذي رفضته مصر، واستغربته.