فتح نادي الرياض الأدبي أفقا جديدا للأندية الأدبية في مسار المسؤولية الاجتماعية للمؤسسات الثقافية، ودشن بالشراكة مع جمعية "كفيف" مشروع نشر كتب مطبوعة مترجمة للغة برايل الموجهة للمكفوفين، بإصداره خمسة كتب إبداعية تزامنت مع انطلاق المعرض الدولي للكتاب. وتمثل هذه الخطوة المرحلة الأولى من مشروع وطني كبير خطط لأن يعمم على مستوى الأندية الأدبية كافة مستقبلا، طبقا لممثل النادي في المشروع، عضو مجلس الإدارة هاني الحجي الذي أوضح ل"الوطن" أن هذه المرحلة شهدت ترجمة خمسة أعمال إبداعية، في طور التجربة للمشروع، وبشكل سريع للحاق بالمشاركة في معرض الرياض، وهي "على حافة الوعي لأحمد الحقيل، ورواية سلطان سلطانة لعبدالله باخشوين، ومن سحر المشرق وفن المغرب لعلي الغريبي، الثوب الحنبصي لمحمد ربيع الغامدي، وأضغاث أحلام لحسن حجاب الحازمي". وعن معايير اختيار هذه الكتب التي طبعت 20 نسخة من كل منها، قال الحجي "من أهم المعايير سهولة اللغة في مستواها التعبيري وألا تتجاوز المئة صفحة". وكان رئيس نادي الرياض الأدبي الدكتور عبدالله الحيدري وقع نهاية العام الماضي، اتفاقا مع جمعية المكفوفين الخيرية بمنطقة الرياض (كفيف)، لترجمة بعض إصدارات النادي في مختلف الفنون الإبداعية للغة (برايل) للمكفوفين، وتضمن الاتفاق إشراك المبدعين من جمعية (كفيف) في مختلف فعاليات النادي المتنوعة عبر لجانه. وفي الوقت الذي استثمر فيه أدبي الرياض هذا الاتفاق واستفاد من مطبعة "كفيف" الخاصة التي يديرها، ممثل الجمعية في المشروع صالح الغامدي، في نشر كتب إبداعية بلغة برايل لأول مرة في السعودية، لم يبد متخصصون في قضايا المكفوفين، حماسا كبيرا لهذه الخطوة، واصفين إياها بأنها جاءت متأخرة، في ظل التطور الهائل لتقنيات الاتصال، وسطوة برامج الكتاب الصوتي، إضافة إلى السبب الرئيس، وهو محدودية أعداد قراء لغة برايل. وقال مدير جمعية إبصار في جدة توفيق بلو الذي كانت له تجارب سابقة في النشر "لا أقلل من أهمية الخطوة، لكني أتساءل، كم بلغت كلفة هذا المشروع؟ وألم يكن الأجدى إنشاء مراكز إعادة تأهيل وتدريب ذوي الإعاقة البصرية على تنمية حواسهم التعويضية؟ لأنك إذا صقلت قدرات الكفيف يمكن أن تخرج للمجتمع شخصا مبدعا. ويلفت بلو في تحفظه إلى مسألة جوهرية، تتمثل في أن الشريحة المحتاجة للغة برايل محدودة جدا، ويضيف "غالبية المكفوفين في المملكة، فقدوا أبصارهم في مرحلة منتصف العمر، ولا يعرفون لغة برايل، فبالتالي تعليمهم هذه اللغة يستهلك جزءا كبيرا من الوقت، وهي لغة تحتاج إلى تعلمها في سن مبكرة". ويتفق الكاتب الروائي ماجد الجارد "صاحب جائزة حائل للرواية في نسختها الأخيرة" وهو أحد المعتمدين على الكتاب الصوتي نظرا لفقدانه البصر، مع بلو في الذهاب إلى القول بمحدودية المستفيدين من هذا المشروع، ويقول "على مستوى العالم قراء برايل، مقارنة بمن يعتمد على التقنيات، أقل، وهنا أرى أن "الكتاب الصوتي" تجربة تستفيد منها شرائح أكبر من قراء برايل، فإضافة إلى الكفيف هناك، كبار السن الذين ضعف بصرهم وتتعبهم القراءة والأطفال، وكنت أتمنى لو أن مشروع نادي الرياض، جاء مدروسا بعناية، وأتمنى ألا يتحول إلى فقاعة إعلامية". وينطلق الجارد في رؤيته من تجربة ذاتية ذاكرا أنه كان قبل سنوات عضوا في الهيئة الاستشارية بالمكتبة المركزية الناطقة بوازرة التعليم، وطرح حينها مشروعا كهذا لكنه آثر الانسحاب، لتغييب الكتاب الإبداعي والتركيز على كتب بعينها كان هناك تشددا في نشرها، وقال "لكنني منذ فترة قريبة شاركت شبانا من مختلف أنحاء العالم العربي في موقع "الكتاب الصوتي" عبر شبكة الإنترنت، وهو موقع ما يزال تحت التأسيس، يقدم خدمات ثقافية جمة للمكفوفين عن طريق الصوت سواء كتب أو محاضرات أو حوارات وهكذا". ويلفت الجارد الانتباه إلى برنامج "القارئ المتجول"، مؤكدا أنه خطوة بناء من جمعية كفيف، في تعزيز البعد الثقافي لحياة الكفيف، فخدمة "القارئ المتجول" تساعد المعاقين بصرياً من التسوق في المعرض وحضور الفعاليات المصاحبة للمعرض بمساعدة كادر من المتطوعين الذين تم تدريبهم وإعدادهم لتقديم هذه الخدمة. يذكر أن ترجمة الكتب للغة برايل، تظل محدودة جدا في العالم العربي، ولا تتوفر كتب إلا بلغات أجنبية، على عكس ما هو سائد في مجتمعات اليابان وكوريا ودول أوروبا وأميركا، ويقول توفيق بلو في هذا السياق "واحدة من مشكلات المكفوفين في المملكة عدم وجود مؤسسات لتعليم لغة برايل، بل إن المكفوفين عموماً ليست لديهم على مستوى المملكة كافة سوى ثلاث جمعيات خيرية هي: كفيف في الرياض، والعوق البصري في بريدة، وإبصار في جدة، بينما مناطق كبرى وبها أعداد كبيرة من المكفوفين كالمنطقة الشرقية والجنوبية، لا توجد بها أي جمعيات تقدم خدمات للمكفوفين، وهنا يتساءل بلو، فكيف يمكن تعميم تجربة ترجمة الأعمال الإبداعية للغة برايل على مستوى المملكة، وعدد العارفين بهذه اللغة محدود كما نرى؟!. يلتقط الحجي كل التساؤلات، ويؤكد ل"الوطن" "إصدار خمسة الكتب الأولى ما هي إلا تجربة نرصد من خلالها كل الآراء والملاحظات، من أجل دراسة المشروع بشكل أعمق فهو مشروع قابل للتطوير، وأهدافها بالدرجة الأولى تأكيد المسؤولية الاجتماعية للمؤسسات الثقافية".