يعد المسرح في الأحساء أحد أبرز الفنون التي تلقى رعاية واهتماماً كبيرين، وقد تجلى هذا الاهتمام في العروض المسرحية التي شهدتها المحافظة خاصة أيام عيد الفطر المبارك، وهي عروض تتميز بتفاعلها مع المجتمع. وقد جسدت مسرحية "العيد في الماضي"، التي عرضت خلال أيام العيد أمام أكثر من ألفي مشاهد ومشاهدة في مهرجان الطفل الثاني الذي نظمته لجنة التنمية الاجتماعية الأهلية في بلدة الكلابية التابعة للمحافظة، ممثلة في مركز الهوايات، وذلك في قصر إبراهيم الأثري بمدينة الهفوف، برعاية من محافظ الأحساء الأمير بدر بن محمد بن جلوي آل سعود، جسدت واقعياً مظاهر العيد قديماً، وأداها مجموعة من الممثلين الشباب من أبناء بلدة الكلابية. ورصدت مشاهد المسرحية، التي استمرت 45 دقيقة متواصلة، تلك المظاهر بحس فني كوميدي، مؤكدة أن الأعياد من أهم المناسبات الاجتماعية في الأحساء، لما يسبقها ويصاحبها من أنشطة متعددة لجميع الفئات العمرية، وبالأخص ترقب الأطفال لقدوم العيد، وحرص الجميع على شراء الملابس الجديدة لأفراد الأسرة من البسطات في الأسواق الشعبية المنتشرة في الأحساء، وتنظيف المنازل والحارات الشعبية. وقد لقيت المشاهد الكوميدية للمسرحية، التي حملت الطابع التاريخي للأحساء، قبولاً كبيراً لدى الجمهور، وصفق الجميع، حينما أدت مجموعة من الأطفال الأهزوجة الشعبية الخاصة بقدوم العيد وهم يرتدون الثوب الجديد: "باكر العيد ونذبح بقرة.. ونادوا مسعود بسيفه وخنجره.. ونلبس ثياب وطواقي مشجرة..."، ويؤدي الجميع صغاراً وكباراً صلاة العيد في الجامع، ثم تبدأ أفواج الأطفال بمجموعات متفرقة بطرق المنازل والسلام على أصحابه وتهنئتهم بالعيد السعيد، والحصول على العيدية النقدية أو بعض الحلوى، فيما يبدأ الرجال بالتزاور لتبادل التهاني بالعيد وتناول القهوة وسط حركة كبيرة تدب بين أبناء الحارة الواحدة. وفي السياق ذاته، شهد المهرجان تنفيذ حزمة من البرامج الترفيهية لجميع الفئات العمرية، منها الألعاب والمسابقات، وأوبريت إنشادي بعنوان "الطفل"، وتقديم 10 وصلات إنشادية بمشاركة فرقتي رؤى وألوان الإنشاديتين بقيادة المنشد فهد العويصي, بالإضافة إلى قصيدة العيد للشاعر مبارك الودعاني، وعرض فيلم وثائقي بعنوان "صقر الجزيرة" حكى فيه مسيرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز, ومشاركة نسائية من خلال عرض مرئي لقصة توعوية تثقيفية بعنوان "أنوس", وكذلك استعراض القوة للرجل آكل الزجاج والوخز بالإبر, كما تم تخصيص ركن للفحص الطبي بمشاركة مستشفى الموسى العام وركن آخر لأخصائي النطق والتخاطب للأطفال, ومعرض تعريفي لمسيرة وإنجازات مركز الهوايات ولجنة التنمية ببلدة الكلابية. بدوره، أشار المدير التنفيذي للمهرجان سعود بن أحمد الشعيبي إلى أن هذا المهرجان شمعة لامعة في سماء الأحساء يخدم أطفال الأحساء الذين هم مستقبلها المشرق، ويجسد الاهتمام بهم فكرا وثقافة وترفيها، مؤكداً نجاح المهرجان، ومعتبراً أن هذه التجربة الناجحة، ستشكل نواة برنامج ترفيهي تربوي مستديم لخدمة أطفال الأحساء وأسرهم. وفي الختام، تم تكريم نائب مدير متحف الأحساء الباحث في الآثار خالد بن أحمد الفريدة على جهوده في خدمة تراث الأحساء، كما تم تكريم طفل لتعلقه بالمساجد والصف الأول وخدمة بيت الله وهو ابن ثلاث سنوات، كما تم تكريم عبدالعزيز الدقيل لجهوده التطوعية في خدمة أطفال التوحد من ذوي الاحتياجات الخاصة. حضر المهرجان المدير التنفيذي لجهاز التنمية السياحية والآثار في الأحساء علي الحاجي، ومدير مكتب رعاية الشباب في الأحساء سابقاً عبدالعزيز الشعيبي، ورئيس لجنة التنمية الاجتماعية في الكلابية حمد بن راشد الرشيد، ورئيس مركز الهوايات في لجنة التنمية في الكلابية عبدالرحمن الخضير. من جانب آخر، حملت مشاهد مسرحية الأطفال "كسر الأنامل"، التي تم عرضها مساء الأحد المنصرم، على خشبة مسرح الراحل عبدالرحمن المريخي في مقر جمعية الثقافة والفنون في الأحساء، ضمن فعاليات ملتقى مسرح الطفل الخامس، مضمون مناهضة العنف الأسري بكافة أشكاله، والتأكيد على ضرورة التفاهم والانسجام بين كافة أفراد الأسرة الواحدة فيما بينهم، وبين أفراد المجتمع الواحد فيما بينهم، بأسلوب تصوير مشوق للأطفال والكبار. وشارك في تجسيد مشاهدها مجموعة من الأطفال والكبار، من بينهم فهد المحسن، معاذ الخميس، فارس الخميس. ورصدت أحداث المسرحية، التي شاهدها أكثر من 420 متفرجا، وألفها المسرحي إبراهيم الخميس، وأخرجها خالد الخميس، جملة من الممارسات التي تنضوي تحت مسمى العنف الأسري من الأب، وزوجة الأب الثانية، في حق أبنائه من الزوجة المطلقة الأولى، ولجوء الأب وزوجته لأبشع أساليب التعذيب في حق أبناء الزوجة المطلقة، وتسبب ذلك العنف في وفاة أحد الأبناء، وإصابة شقيقه بصدمة نفسية كبيرة أثرت سلباً على حياته. وركزت المسرحية على ضرورة إتاحة الفرصة للطفل للتعبير عن رأيه بكل حرية دون تدخل، والتشديد بمنع الضرب داخل المدارس وتبيان مساوئه. ودارت أحداث المسرحية حول موت الطفلة "بيان" بسبب العنف الأسري من زوجة الأب، وتحريضها للأب على التعامل بقسوة مع أبنائه حتى وافت الطفلة "بيان" المنية، وإصابة شقيقها "ريان" بصدمة نفسية كبيرة من هول مصيبة وفاة شقيقتها، ولم يتمكن جميع الأطباء النفسيين من علاج "ريان" من هذه الصدمة، وكانت الوسيلة الوحيدة لعلاج "ريان" من صدمتها هي إشراكه كعنصر فاعل داخل مجتمع الأطفال في بيئته من خلال صعود الأطفال الحاضرين لمشاهدة المسرحية واللعب مع "ريان" وإدخال البهجة والفرحة عليه، ومحاولة بث روح الألفة والمحبة في نفسه من خلال أقرانه الأطفال، وإعطائه كامل الحرية في إبداء رأيه، من خلال رؤية مسرحية تستجيب لمتطلبات الطفل للعيش بسلام. وقد حضر وكيل محافظ الأحساء خالد بن عبدالعزيز البراك الحفل الرسمي الأول لأهالي الأحساء بالعيد، وذلك في الساحة العامة شمال مدينة الأمير عبدالله بن جلوي الرياضية بحي المعلمين بمدينة الهفوف. وأشاد خلال كلمته في الحفل، بالدور الذي قام به أعضاء فرقة الفنون الشعبية في إحياء ليالي العيد بالأهازيج الشعبية، شاكراً كافة الداعمين، بعد ذلك قدم مجموعة من الشعراء من بينهم عضو مجلس إدارة النادي الشاعر محمد الجلواح، والشاعر عبداللطيف الوحيمد مجموعة من القصائد الوطنية، فيما أدت فرقة الفنون الشعبية مجموعة من الوصلات الفلكلورية.