بعد أسابيع من مطالبات الخبراء المحليين له بالظهور إعلاميا، للتعرف على تداعيات انخفاض سعر البترول على الموقع النفطي للمملكة، خرج وزير البترول والثروة المعدنية المهندس علي النعيمي، بتصريحات بدا متفائلا فيها، ومؤكدا في الوقت نفسه معرفته التامة بما يجري في السوق، عازيا ذلك إلى سببين رئيسين: الأول، تباطؤ نمو الاقتصاد العالمي بشكل كبير. والثاني، زيادة الإمدادات البترولية من مناطق عدة وبالذات من المناطق ذات التكلفة العالية من خارج منظمة "أوبك". وفيما وصف النعيمي ما يجري في السوق بأنه مشكلة طارئة، نفى وجود أي توجه لتخفيض المملكة حصتها في السوق البترولية. بدوره، قلل المستشار السابق في التخطيط الاستراتيجي بشركة أرامكو الخبير النفطي برجس البرجس، من تأثير تصريحات الوزير النعيمي على الوضع بشكل عام، وقال ل"الوطن"، "الوزير لم يقل شيئا مفيدا، ولن تؤثر تصريحاته على السوق ولو حتى بريال واحد" على حد تعبيره.
في الوقت الذي خرج فيه وزير البترول والثروة المعدنية المهندس علي النعيمي للإعلام بتصريح أمس أكد من خلاله أن ما تمرُّ به السوق البترولية والدولية الآن هو مشكلة طارئة، سببها تضافر عوامل عدة في وقت واحد، وأنه متفائل، أشار متخصصون في حديثهم ل"الوطن" إلى أن حديث الوزير جاء متأخرا ولن يؤثر في الأسعار، مؤكدين أن تصريحات النعيمي لن تؤثر على السوق المحلي. وأبان النعيمي أنه متفائل ويعرف ما تمر به السوق في وقت يتباطأ نمو الطلب العالمي على البترول بشكل أكبر، مما كان متوقعاً". وعن إمكانية قيام دول الأوبك والمملكة العربية السعودية بشكل خاص بعمل ما، من شأنه إعادة التوازن للسوق، أجاب: "إن حصة الأوبك، وكذلك المملكة العربية السعودية في السوق العالمية لم تتغير منذ سنوات عدة، وهي في حدود 30 مليون برميل يوميا للأوبك منها حوالي 9.6 ملايين برميل يومياً إنتاج المملكة، بينما يزداد إنتاج الآخرين من خارج الأوبك باستمرار". وأضاف: "من الصعب، إن لم يكن من المستحيل، قيام المملكة أو الأوبك بأي إجراء قد ينجم عنه خفض حصتها في السوق وزيادة حصص الآخرين، في وقت تصعب فيه السيطرة على الأسعار، فنخسر السوق، ونخسر الأسعار معاً". وحول تأثر المملكة بالانخفاض الحالي للأسعار، قال النعيمي "المملكة لديها اقتصاد متين، وسمعة عالمية ممتازة، وصناعة بترولية متطورة، وعملاء يصل عددهم نحو ثمانين شركة، في غالبية دول العالم، واحتياطات مالية ضخمة. كما أن المملكة قامت بمشاريع ضخمة في البنية التحتية، وبتطوير الصناعات البترولية، والتعدينية والبتروكيمائية وغيرها، بشكل متين، خلال السنوات العشر الماضية، مما يجعل الاقتصاد والصناعة السعودية قادرين على تحمل تذبذبات موقتة في دخل المملكة من البترول، خصوصاً أن تذبذب الأسعار في أسواق السلع، ومن ضمنها البترول، هو أمر طبيعي". وأضاف "هناك معلومات وتحليلات غير صحيحة يتم تداولها بين الحين والآخر، مثل ربط القرارات البترولية بأهداف سياسية، هذه التحليلات الخاطئة سوف تنكشف ويتضح خطؤها، مما يساعد على عودة التوازن إلى السوق". واستطرد النعيمي: "يجب ألا ننسى الدور السلبي الذي يقوم به المضاربون في السوق البترولية الدولية، حيث يدفعون الأسعار إلى هذا الاتجاه أو ذاك، لتحقيق عوائد مالية، مما أسهم في تذبذب الأسعار بشكل حاد". من جانبه، انتقد المستشار السابق في التخطيط الاستراتيجي في شركة أرامكو الخبير النفطي برجس البرجس في حديثه إلى "الوطن" تصريح الوزير النعيمي، مبيناً أن حديثه لن يؤثر حتى ب"ريال" واحد فقط على السوق كونه لم يقل شيئاً مفيداً، مشيراً إلى أن الوزير ألمح خلال تصريحه بأن وزارته تفضل العمل بصمت وهذه عليها علامات استفهام كثيرة، لأن الجميع يترقب بما ستشهده السوق خلال الفترة المقبلة وهل من الممكن أن يرتفع النفط إلى 90 دولارا. وأشار البرجس إلى أن الدول الأخرى لا تقبل بمثل هذه التصريحات كونها متلهفة لمعرفة كافة التفاصيل، قائلاً: "أنا أرى بأن هناك تصادما ما بين المالية والبترول كون المالية يهمها الاقتصاد المحلي وأسواقنا متأثرة بالأسواق الأميركية المتأثرة بأسعار النفط وذلك الهبوط يؤثر على اقتصاد المملكة ومن الممكن أن تكون هذه سياسة حكيمة في التعامل مع أسواق النفط العالمية، ولكن عدم الإفصاح عنها يؤثر بشكل سلبي ولذلك هناك حاجة لتغيير السياسة بالكامل لكي لا يتأثر السوق المحلي". ونفى المستشار السابق في التخطيط الاستراتيجي في شركة أرامكو السعودية بأن يكون هبوط أسعار النفط له مغازٍ سياسية المقصد منها الإضرار بروسيا وإيران، مضيفاً أن هذه التصريحات ليس لها أساس من الصحة، والمشكلة الرئيسة بأن المملكة تدور حول الشركات الخاسرة التي سوف تعود مجدداً ولكن منافس الدولة تحت الأرض وهو النفط وليس الشركات وهل من الممكن أن تتم محاربة الشركات بهذه الطريقة وهنا تكمن المشكلة".