ما يحصل الآن في السوق من تذبذب في أسعار السلع بأنواعها، وارتفاعها بشكل جنوني في وقت قياسي من حين لآخر يدل على أن هناك حاجة ماسة إلى إعادة النظر في الأنظمة التجارية المعمول بها حاليا، ووضع استراتيجية جديدة للحد من التلاعب بالأسعار. إن من المفارقات إن الجهة المسؤولة عن محاربة غلاء الأسعار هي الغرف التجارية، وأن الغرف التجارية مشكلة من أعضاء هم في الأصل رجال أعمال، وهؤلاء هم تجار ويملكون شركات تجارية, فهل سيقوم مالك شركة منتجة بمحاربة بضاعته في السوق؟ طبعا لا.الدولة قدمت لهؤلاء التجار مساعدات بمليارات الريالات كقروض من أجل بناء الشركات والمؤسسات التجارية، وذلك من أجل تشجيع الإنتاج الوطني، ووضعت حماية لهذه الشركات من غزو الصناعات الأجنبية ولكن في المقابل فإن كثيرا من هؤلاء التجار لم يقدر مساعدة الدولة له ولم يجعل للوطنية أي اعتبار ولم يكتف بالكسب المعقول بل أصابه الجشع والطمع واستغل حماية الدولة لبضاعته وأخذ يزيد في سعر بضاعته أضعافا مضاعفة فبعض السلع لم يكلف إنتاجها 20% من سعر العرض. فعندما يزداد سعر سلعة ما في السوق, مثلا سعر الحديد نجد أن جميع السلع الأخرى من مواد بناء ومواد غذائية وغيرها تزداد، مع أنه لا توجد علاقة بين الحديد وكثير من السلع الأخرى حتى عندما ازدادت رواتب الموظفين في الفترة السابقة نجد أن أسعار السلع ازدادت بشكل خيالي. إن النداءات الخجولة والتعليمات الصادرة من وزارة التجارة بخصوص المحافظة على الأسعار ما هي إلا حبر على ورق، وأنها لا تجد طريقها إلى التنفيذ لأنها تجد مقاومة من كثير من أعضائها الذين من المفترض أنهم هم من يطبق القانون ولكن القانون يتعارض مع مصالحهم الشخصية، فهم يقدمون المصالح الشخصية على المصالح الوطنية. إن فقدان السيطرة على السوق شيء مخيف لأن هذه السلع تعتبر أساسية في حياة المستهلكين من مواطنين ومقيمين وإن ظهور هيمنة أخرى على السوق تعتبر كارثة لأن حياة ومعيشة المستهلكين ستكون رهينة بأيدي أصحاب المصالح الشخصية فالدولة هي صمام الأمان للجميع وهي الجهة الوحيدة التي تحفظ حقوق الجميع من مستهلكين ومنتجين، وأنا أعتقد أن أفضل سيطرة للدولة على السوق تكون عن طريق المنافسة وليس عن طريق الأوامر والتعليمات وهي أن تقوم الدولة بإنشاء شركات استثمارية منتجة للمواد الغذائية ومواد البناء والمواد الطبية والمواد الاستهلاكية الأخرى وأن تشمل أيضا شركات استيراد وتصدير وأن تكون تحت إدارة واحدة على غرار شركات سابك وأن تكون شركات مساهمة بشرط أن تحتفظ الدولة بحصة الأسد وأن يتم تحديد نسبة ربح ثابتة علاوة على تكلفة الإنتاج وأيضا يكون لهذه الشركات فروع ومحلات تجارية في جميع المدن تبيع منتجاتها إلى المستهلكين مباشرة وبأسعار معقولة.