قال الإمام فيصل عبدالرؤوف، المشرف على مشروع تشييد المركز الإسلامي المثير للجدل بالقرب من موقع اعتداءات 11 سبتمبر 2001 المعروفة ب"جراوند زيرو": إن المعركة الحقيقية هي بين الاعتدال والتطرف وليس بين المسلمين وغير المسلمين. ودعا عبدالرؤوف في تصريحات نشرتها وكالة أنباء الإمارات أول من أمس "إلى تعزيز التفاهم بين أتباع كل الأديان في العالم لمواجهة التطرف". ويقوم عبدالرؤوف بجولة في منطقة الخليج للقاء منظمات المجتمع المدني وعرض صورة عن واقع المسلمين في الولاياتالمتحدة وتعزيز العلاقات بين المسلمين والغرب. وقال عبدالرؤوف "هناك تهديد مشترك هو التطرف الموجود في كل الأديان معتبراً المعركة الحقيقية ليست بين المسلمين وغير المسلمين بل بين المعتدلين والمتطرفين من كل الأديان". معتبراً أنه يتعين "على المسلمين لعب دور فعال يتسم بالمبادرة لتصحيح النظرة السلبية تجاههم والتي سادت في الغرب بعد أحداث 11 سبتمبر". وقد أصبح مشروع إقامة مركز ثقافي إسلامي يضم مسجداً على أرض خاصة على بعد خطوتين من الموقع الرمزي للاعتداء الإرهابي في الولاياتالمتحدة موضع جدل في الأسابيع الأخيرة. ويؤيد عمدة نيويورك مايكل بلومبرغ هذا المشروع الذي أقره مجلس البلدية والذي برر الرئيس باراك أوباما دعمه له بحرية العقيدة التي يكفلها الدستور. إلاّ أن 61% من سكان المدينة يعارضونه الأمر الذي لم تتوان المعارضة الجمهورية عن استغلاله. وتبدي الكثير من الجمعيات التي تمثل المسلمين الأميركيين قلقها إزاء شعور "متنام بالعداء للإسلام" مع اقتراب ذكرى 11 سبتمبر، التي تتزامن هذه السنة مع عيد الفطر. وطلبت من الشرطة الأميركية تشديد تدابيرها الأمنية لتفادي أي أعمال عدائية ضد المسلمين في هذه المناسبة. ويؤكد أنصار المشروع أن "بيت قرطبة"، وهو اسم المركز المزمع إنشاؤه، سيساعد على تجاوز الأفكار النمطية المسبقة التي ما زال المسلمون في المدينة يعانون منها منذ اعتداءات 11 سبتمبر. في المقابل يرى معارضو المشروع أن بناء مسجد بالقرب من "جراوند زيرو" يشكل إهانة لذكرى ضحايا هذه الاعتداءات. لكن الائتلاف الجديد المسمى "جيران نيويورك من أجل القيم الأميركية" المؤلف مما يزيد على 40 جمعية دينية ومدنية، كان قد أعلن أن هذا الجدل يبث الخوف والفرقة وأنه سيناضل لحماية الحريات التي كفلها الدستور الأميركي. وقالت المدير التنفيذي لاتحاد الحريات المدنية في نيويورك دونا ليبرمان في مؤتمر صحفي لتدشين الائتلاف الجديد: نرفض مقولة "حرية العقيدة نعم لكن ليس في فنائي". وقالت المتحدثة باسم جمعية "عائلات 11 سبتمبر من أجل غد سلمي" دونا أوكونور، والتي قتلت ابنتها الحامل في الاعتداء على مركز التجارة العالمي: "لم يكن العالم الإسلامي من هاجمنا... نحن نؤيد المركز الثقافي الإسلامي في مدينة نيويورك تأييداً كاملاً مئة في المئة". وقال مدير مركز "شالوم" الحاخام آرثر واسكو: "ليس فقط أن لمركز قرطبة حقاً دستورياً في بناء مركز ثقافي في منهاتن، إنه حق له، ومن الحكمة فعل ذلك، فعبر ذلك، يرفع اسم نيويورك كمنارة، وكذلك أميركا والعالم... منارة للإسلام الذي يبحث عن السلام وعن الحوار بين الأديان". وقالت مديرة شؤون المجتمع بمجلس العلاقات الاسلامية- الامريكية فايزة علي: "من مخاوفنا الرئيسية أيضا أن مسلمين استهدفوا في ذلك اليوم. أنا نيويوركية الولادة وأتذكر ذلك اليوم كأي إنسان آخر. أن يعامل الأميركيون المسلمون كمواطنين من الدرجة الثانية هو أمر مرفوض". وكشفت استطلاعات للرأي عن أن ما لا يقل عن 60% من الأميركيين يعارضون بناء المركز الإسلامي بالقرب من موقع مركز التجارة العالمي. وتقضي الخطة بإقامة مبنى مؤلف من 13 طابقا يحوي قاعة كبرى للاحتفالات والمناسبات وحمام سباحة وغرف اجتماعات ومساحة للصلاة. وسيكون البناء خاليا من الزخارف وسيخلو تصميمه المعماري من أي مآذن أو قباب أو أي أشكال أخرى مما يرتبط عادة بالمساجد. ويستخدم المبنى القائم حاليا على أرض المشروع كمكان للصلاة بالفعل. يذكر أن زهاء 800 ألف مسلم يعيشون في نيويورك يمثلون 10% من سكانها، وهناك نحو 100 مسجد تنتشر في الأقسام الإدارية الخمسة بالمدينة. واتخذ بعض المعارضين للمشروع إجراء قانونيا في مسعى لإبطال حكم سيسمح بانطلاق البناء فيما تعهد بعض العمال بعدم العمل في الموقع.