دعا مستثمرون في قطاع محطات الوقود وأعضاء في اللجنة الوطنية لمحطات الوقود بمجلس الغرف السعودية إلى ضرورة إشراك المستثمرين وأعضاء اللجنة في القوانين واللوائح التي تصدرها الجهات الحكومية بشأن تطوير هذا القطاع الحيوي قبل إقرارها. وأشار الأعضاء إلى أهمية السماح للجنتهم بحكم أن أعضاءها يمثلون أكبر مديري للشركات الحالية الوطنية، بالاطلاع على الأنظمة التي تصدر من جميع الجهات الحكومية قبل إقرارها، والتي كان آخرها النظام الذي صدر عن وزارة الشؤون البلدية والقروية. وأكدوا أن الهدف الأساسي الذي نص عليه الأمر الملكي الذي صدر منتصف العام الماضي هو تطوير هذا القطاع الحيوي، ونقله من إطار الفردية إلى إطار المؤسسية، وأن يكون واجهة حضارية تخدم قطاعات أخرى، أهمها قطاعا السياحة والنقل والمواصلات، وهو نفس الهدف الذي تسعى إليه اللجنة الوطنية لمحطات الوقود أيضا. وأبانوا أنه لا يوجد تعارض مصالح بين ما تسعى إليه وزارة الشؤون البلدية التي كلفها المقام السامي بتولي مهمة إصدار مثل هذه اللوائح والقوانين بالتنسيق مع الجهات الحكومية الأخرى وبين ما تسعى إليه اللجنة في هذا الإطار منذ سنوات عديدة. تحديات محطات الوقود من جهته، أكد نائب رئيس اللجنة الوطنية لمحطات الوقود المهندس أحمد الفالح، أن أبرز التحديات التي تواجه قطاع محطات الوقود، تتمثل في غياب العمل المؤسسي القائم على المهنية، نتيجة سيطرة الأفراد على هذا القطاع الحيوي الذي يعد واجهة للبلد، ويخدم شريحة واسعة من المواطنين والمقيمين. وأشار الفالح إلى أن ذلك ينعكس على سوء الخدمات المقدمة، وتدني مستوى المرافق بشكل يثير العديد من الشكاوى من المسافرين على الطرقات السريعة والإقليمية بين المدن. من جهة أخرى، طالب رئيس اللجنة الوطنية لمحطات الوقود بمجلس الغرف السعودية رياض المالك، بضرورة الإسراع بإصدار تنظيم جديد لعمل المحطات داخل المدن على غرار التنظيم الذي صدر أخيرا للمحطات على الطرق السريعة. وقال: أعتقد أن ما تم إنجازه من تنظيم بشأن المحطات في الطرق السريعة يعد عملا مقدرا، ونأمل أن يتم الاستعجال في تنظيم عمل المحطات داخل المدن، حيث نلاحظ الفوضى في المحطات داخل المدن، وهي ليست أقل أهمية عن المحطات على الطرق السريعة. وبالعودة للفالح، أوضح أن التحديات التي تواجه قطاع محطات الوقود يمكن أن تتمثل في أمر واحد، وهو عدم وجود المهنية، حيث إن المهنية ترتبط بالقطاع من جميع النواحي لأن تولي الأفراد بنسبة 90% إدارة هذه المحطات وبهذا الحجم الكبير وإدارتها بهذه الطريقة لا ترتقي بمهنية القطاع بأي حال من الأحوال. وشدد الفالح على أن انتقال المهنية من الأفراد إلى الشركات أو المؤسسات سيحول العمل في قطاع المحطات من عمل عشوائي إلى عمل منظم ومؤسسي مما يتيح للوزارات الاجتماع والتخاطب معها لوضع استراتيجية طويلة الأمد. ويرى أن هذا يعد عنصرا أساسيا لا أن يتم الاقتصار في مسمى شركة على إصدار سجل تجاري أو مؤسسة بمحطة واحدة، وعدم وجود الخبرة الكافية بمجال العمل، وانعدام المهنية أو الشريك المهني من الخارج أو الداخل. التنظيم الجديد وأبان رئيس اللجنة الوطنية لمحطات الوقود بمجلس الغرف السعودية أن ما ينطبق على المحطات على الطرق السريعة لا ينطبق بالضرورة على المحطات داخل المدن، فكل مجال له متطلباته بحسب نوعية الخدمة التي يحتاجها العميل. ودعا المالك إلى تلافي السلبيات التي حصلت لدى إصدار التنظيم الخاص بالمحطات على الطرق السريعة وعدم تهميش اللجنة الوطنية لمحطات الوقود بوصفها طرفا أساسيا في هذا القطاع والتعاون معها وأخذ توصياتها قبل صدور التنظيم الجديد. أما الفالح فقد أشاد في هذا الصدد بالتنظيم الجديد الذي أصدرته وزارة الشؤون البلدية من ناحية دعمه للعمل المؤسسي ومنحه مهلة عامين لأصحاب المحطات لتصحيح أوضاعهم، لكنه لفت من ناحية أخرى إلى غياب التنسيق مع الجهة الوحيدة التي تمثل المحطات وهي اللجنة الوطنية لشركات محطات الوقود بمجلس الغرف وعدم إشراكها كطرف أساسي في وضع التنظيم الجديد. وحول أبرز الاشتراطات التي ينبغي تطبيقها على المحطات داخل المدن في التنظيم الجديد، أعرب المالك، عن أمله بإعادة النظر في الخدمات ومساحات البناء والارتدادات والمداخل والمخارج واللوحات الإعلانية التي رأى أن لا داعي لمبررات تقييدها بهذا الحجم، بالرغم من أنها من احتياجات المستهلك أولا وأخيرا وبدون تضييق على المشغل في الدخل الذي بكل تأكيد سوف يساعده على تخصيص جزء منه لخدمة المحطة والمرافق. وأشار المالك إلى أن اللجنة كثيرا ما تجد الفوضى في محطات المدن في إطار محاولات لتقليل التكاليف وعدم الإنفاق فيها بسبب عدم الجدوى الاقتصادية من واقع الضغوطات التنظيمية التي تختزل الدخل للمشغل. في حين أكد الفالح أن توجه البلديات إلى تقنين عمل محطات الوقود في الطرقات السريعة يعد أمراً ايجابياً، لكنه استدرك بالقول إن اللجنة كانت لديها بعض الملاحظات على الآلية التنظيمية حيث لم تشرك كافة الأطراف وهي المشرع والمشغل والمستهلك خلال وضع التنظيم الجديد، وإنما اقتصرت الجهات الحكومية على نفسها بديلا للأطراف الثلاثة. ولفت المالك في هذا الصدد إلى أن محطات الوقود داخل المدن تحتاج إلى الاهتمام، لأن التغييرات التي طرأت عليها هي تغييرات إنشائية شكلية ولم تمتد إلى النواحي التشغيلية، مشدداً على وجوب تغيير القطاع من عمل فردي إلى عمل مؤسسي، كون العمل الفردي كثيراً ما يؤدي إلى الفوضى، وأن الأفراد غالباً لا يلتزمون بالقواعد النظامية فتنتشر حالات التستر، وعدم تشغيل عمالة على كفالتهم في هذه المحطات داخل المدن. وأكد الملك أنه إذا تم وضع التنظيم واللوائح الجديدة بصورة معقولة ومهنية قابلة للتطبيق وبشكل تدريجي، خصوصاً في المحطات القائمة، فإن ذلك سوف يحقق تطوراً ملحوظاً يرتقي إلى ما يتطلع إليه الجميع بالقطاع، مبيناً أن محطات الوقود مثلها مثل كافة القطاعات غير المهنية تعمها الفوضى العارمة بسبب سوء التنظيم وغياب المهنية. وشدد الفالح على أن حل المشاكل التي تواجه أي قطاع يجب أن تراعي متطلبات جميع الجهات ذات العلاقة، خصوصاً العاملين في هذا القطاع، بحيث لا يتم تناول هذه المشاكل من زاوية واحدة وهي ما يرغب به المشرع دون معرفة العوائق التي تعترض طريق المشغل من كافة النواحي التي تتعلق بتشغيل المحطات، سواء بلدية أو دفاع مدني أو مكتب عمل أو خلافه. الاستعانة بالأطراف الثلاثة وأوضح نائب رئيس اللجنة، أن صدور أي نظام يتطلب توافر ثلاثة أطراف وهي المشرع ومقدم الخدمة والمستفيد من الخدمة، وأن هذه الأطراف الثلاثة يجب الاستماع إليها، لأن لكل طرف حاجته، كون المشغل له حاجته والإدارات الحكومية لديها أمور تنظيمية ترغب في التغلب عليها، والمستخدم لديه حاجته لدى المشغل ويجب أن يطرح مشكلته. وأردف الفالح قائلاً: "ليس من المعقول أن تجتمع الجهات الحكومية فقط وتقوم بسن القوانين متجاهلة بقية الأطراف.. لأنها في هذه الحالة تنظر في النواحي التشريعية فقط، ولا تنظر في النواحي الخاصة بالمستخدم أو المشغل ولا يجوز للجهات الحكومية أن تشرع ثم تضع المسؤولية فقط على مقدم الخدمة والمستفيد من الخدمة". من جهته، أقر المالك بوجود شكاوى عديدة من المواطنين والمقيمين من تدهور حالة العديد من المرافق الملحقة بالمحطات مثل المطاعم والاستراحات والبقالات ودورات المياه، كونها لا تؤدي دورها المطلوب، مستدركا بالقول: "لو تناولنا المضخات نرى أن الزبون لا يتلقى الخدمة مباشرة بل قد يقف منتظراً حتى يفرغ العامل من خدمة زبون آخر وربما يستخدم منبه السيارة لاستدعاء العامل بسبب نقص القوة العاملة بالمحطة". وأشار المالك إلى أن السبب يعود إلى عدم الوفرة في العمالة، لهذا من المستحيل أن تلتزم المحطات بتقديم خدمات مقنعة على أي صعيد، مضيفاً "إذا كنا لا نملك العامل لخدمة زبائن الوقود، فكيف نتوقع القيام بخدمة بقية المرافق التي تعد مطلباً أساسياً بالمحطة؟". وبالعودة للفالح، أعرب عن أسفه حيال تجاهل الجهات الثلاث، مبيناً أن الجهة الحكومية أصبحت هي المسؤولة عن هذه الأطراف الثلاثة، مضيفاً "هذا ما حدث حيث اجتمعنا مع الجهات الحكومية لساعتين فقط، وفي نهاية المطاف أصدرت تلك الجهات الحكومية اللوائح التنظيمية حسب رغبتها دون معرفة مشاكل الأطراف الأخرى في القطاع من أهل القطاع، لأن المشرع والإدارات الحكومية والموظفين فيها لم يسبق لهم الممارسة على أرض الواقع ولا يعانون مشاكل القطاع ولم يعايشوا مشاكل محطات الوقود". كما أعرب عن أمله بألا يتم إصدار التقارير والتعاميم والتنظيمات إلا بمشاركة الأطراف الثلاثة، وأن يتم اختيار الأشخاص ذوي الكفاءة من جميع الأطراف ذات العلاقة بالقطاع الذين يجيدون التعامل والحديث عن مشاكل القطاع ويفهمون مشاكل محطات الوقود، بما في ذلك المستهلك. وأشار الفالح إلى أن التنظيم الجديد سمح للمستثمر بالعمل في قطاع المحطات إذا كان يمتلك محطة واحدة في حين تغاضى التنظيم عن شروط أساسية، منها التأهيل المهني وضرورة توافر الخبرة السابقة في العمل بهذا المجال، الأمر الذي أعاد القطاع لنقطة الصفر، حيث خلت اللائحة من خلق تصنيفات للشركات من حيث الحجم والقدرة على التشغيل والاستحواذ من ناحية عدد المحطات، إذ اقتصرت على محطة لمدة سنة ومن ثم يتم فتح الباب على مصراعيه، وفي المقابل فإن اللائحة اشترطت على الشركات الأجنبية المتخصصة الراغبة في العمل بهذا القطاع، أن يكون لديها سابق خبرة تصل على الأقل إلى 10 سنوات، الأمر الذي يعد مستغربا جدا. ولفت المالك إلى أنه لا يمكن المقارنة بين محطة مساحتها 2000 متر مربع وأخرى مساحتها 48 ألف متر مربع، ويتم التعامل معها بشكل متساو، أو باسم المحطة فقط، مبيناً أن المعايير الخدمية تختلف من حيث الخدمات ونوعيتها وكميتها، لذا يجب على المسؤولين أن يتفهموا الوضع، مشيراً إلى أن المحطات الكبيرة تحتاج إلى عمالة كثيرة وخدمات متعددة من أجل تقديم خدماتها طوال 24 ساعة. من الفردية للمؤسسية وتحدث المالك عن فوائد تحويل إدارة المحطات من الفردية إلى المؤسسية عبر شركات متخصصة في هذا المجال، قائلا "عندما تتحول إدارة المحطات إلى عملية مهنية وتديرها شركات ذات خبرة، نستطيع أن نلزم العامل بوقت العمل، وتقديم الخدمات المطلوبة، وتتسابق الشركات على خدمة العملاء لكسب رضاهم لأن رضا العميل هو الأساس في المنافسة بسبب انعدام المنافسة في أسعار الوقود. كما أن الشركة سوف تحرص على العمل لتوفير البديل النظامي، وبالتالي يتم تقديم الخدمة على الوجه المطلوب. كما أنه يسهل الأمر على الجهات الحكومية في مراقبتها ومتابعتها بشكل منظم وتقليل أعباء المتابعة ل10 آلاف مشغل في حال اقتصر التشغيل على 20 أو 30 مشغلاً محترفاً بخبرات وقدرات مادية قادرة على التطوير، ولكن للأسف ما زالت جميع القطاعات العاملة داخل محطات الوقود تتصف بالفوضى والاجتهادات الفردية". وبالعودة للفالح فقد أوضح أن بعض الشركات دخلت إلى السوق واستحوذت على عدد كبير من المحطات بلغ عددها خلال سنتين نحو 150 محطة، وبسبب سوء التعامل انهارت تلك الشركات فجأة، مخلفة وراءها العديد من المشاكل والقضايا نتيجة للتسرع في الاستحواذ على المحطات دون دراسة صحيحة، تتلاءم مع القدرة الاستيعابية للمشغل من كافة النواحي المالية والتشغيلية والتنظيمية. وأضاف "بدلاً من أن يصب ذلك في اقتصاد الوطن، فإنه يخلق المشاكل ويشغل الجهات الرسمية في حل هذه المشكلات". وأشار المالك إلى أن بعض المحطات التي تعمل تحت إدارة شركات معروفة تظهر بشكل رائع نتيجة حرص الشركات على سمعتها واسمها، حيث نجدها تهتم بسرعة تقديم الخدمة، ومن ثم نجد إقبال الزبائن عليها، بالرغم من المنافسة غير العادلة بين الشركات والأفراد. وقال إن هذا يعود إلى التزام الشركات بتقديم الخدمة بمهنية، عكس تلك المحطات التي تعمل بشكل فردي والتي يهمها فقط الكسب السريع، مشيراً إلى أن بعض تلك المحطات للأسف منها من يلجأ إلى ممارسة الغش التجاري لتغطية التكاليف.