حينما تحل ليالي رمضان المباركة ، تتجدد ذكريات سكان حي الصحيفة مع برحتهم التي كانت تعرف ببرحة سمبل ، قبل أن تتحول إلى مواقف للسيارات ، وهي التي كانت شاهدة على اجتماعاتهم وحفلاتهم الشعبية ابتهاجا بشهر الصوم ، كما كانت البرحة المتنفس الوحيد للأهالي وأبنائهم ، قبل الإفطار، وبعد صلاة التراويح ، حيث تبدأ الدورات الرياضية ، ومن الرواشين التي تطل على البرحة، يتابع الأهالي أبناءهم، بينما يتجمع بعضهم في حلقات ثقافية ومسابقات رمضانية على جانب آخر من البرحة، وللفائز نصيب من الحلوى الرمضانية، ويستعرض الكبار الفلكلور في لعبة المزمار، أما في ليلة العيد، فيُعِيدُ الأهالي ترتيب (برحتهم) لتتحول إلى (المشهد) مصلى العيد، ثم مهرجانات (للمراجيح) وملاهي العيد الشعبية. بين أربع برحات هي معالم تراثية في جدة، برحة سنبل هي الوحيدة، التي تعرضت للطمس، وأهالي حي الصحيفة، تحولوا منذ خمس سنوات إلى محاربين من أجل استعادتها، ومنع تحويلها إلى مواقف للسيارات والوايتات والشاحنات . يقول فايز منصور علوي، أحد أبناء أهالي الحي: قامت البلدية مشكورة برصف أرضية البرحة، وساعدت الأهالي في تزيينها وتجهيزها لتصبح مناسبة للفعاليات، فوجئنا في أحد الأيام بهدم السور الذي كان يحيط بالبرحة، ما كان يجعلها آمنة للفعاليات، وأقيمت عليها طلعات خرسانية (مطبات)، مما مكن أصحاب الشاحنات والسيارات من الطلوع والنزول ،مما أدى إلى إتلاف أرضيتها، كما أصبحت غير آمنة للفعاليات الشعبية. وأضاف: علمنا فيما بعد أن صاحب المنشأة الصحية المجاورة هو الذي يقف خلف تلك التغييرات وبرغم أنه توجد أمام المستوصف مواقف سيارات، إلا أنه عندما اشترطت عليه البلدية توفير مواقف للسيارات، لتسمح له بالتوسع ، قام بتحويل البرحة دون وجه حق إلى مواقف سيارات، فتقدمنا بشكوى لأمانة جدة، ثم شكوى لإمارة منطقة مكةالمكرمة، ثم شكوى للمجلس البلدي لإنقاذ الموقف. وأكد علوي أن الأمانة كونت لجنة أوصت بإعادة البرحة كما كانت، وتغريم صاحب المنشأة الصحية نفقة الإصلاحات، وكان ذلك في عام 1428ه، ولكنه لم ينفذ التعليمات ولم تتم إعادة بناء سور البرحة، بل قام بسفلتتها ، وتهيئتها على هيئة مواقف ،رغم خطورة ذلك حيث يوجد تحت البرحة صهاريج مياه. رئيس المجلس البلدي بجدة حسين باعقيل بدوره طالب الأمانة بفتح تحقيق حول حقيقة أن أرضية البرحة آمنة، سواء للفعاليات الشعبية أم للتحول إلى مواقف سيارات، ووعد باعقيل بفتح الملف مرة أخرى. وقال: سلم أهالي الصحيفة خطابا للرئيس السابق للمجلس ، ولابد من تجديدها للمجلس الحالي ،ونعدهم بفتح الملف مرة أخرى. وفيما رفضت (أمانة جدة) التعليق على الموضوع، حصلت (الوطن) على نسخة من توصيات اعتمدها الأمين وتفيد بإعادة البرحة كما كانت وعلى نفقة صاحب المنشأة الصحية. ومن جانبه أوضح عمدة حي الصحيفة منصور الشرقي أن الصحيفة والعمارية تعتبر منطقة تراثية وتجارية، وهي تقع في منتصف الأحياء، وفي رمضان يحتفل الأهالي بعمل (موائد الرحمن) بجانب المساجد، ولكن ألعاب العيد الشعبية والمراجيح اندثرت ، وحاليا نقيم في البرحة مصلى العيد، من بداية المستوصف وإلى نهاية البرحة. وأضاف" لا توجد تحت هذه البرحة صهاريج مياه، وقد تحولت إلى مواقف عامة بأمر من أمانة جدة، وتقف فيها غالبا السيارات الكبيرة، والدينات بالإضافة إلى السيارات الصغيرة .