انتشر في الآونة الأخيرة كثير من الأمراض والأوبئة التي يستلزم مواجهتها إعطاء الأمصال اللازمة لها ومن أمثلتها التهاب السحايا أو الحمى الشوكية. ويقول أخصائي الأمراض الباطنية الدكتور عماد محب حماد، "الإصابة بالتهاب الأغشية الدماغية (السحايا) المغلفة للدماغ والحبل الشوكي، تكون عن طريق عدوى (جرثومية، فيروسية، فطرية وطفيلية)، إلا أن هناك عوامل كيميائية وخلايا ورمية قد تسبب ذلك أيضا. وأضاف أن هناك أكثر من نوع بكتيري يسبب التهاب السحايا، من أهمها: المستديمة النزلية وهي تمثل معظم الحالات لدى الأطفال دون الخامسة من العمر، ولكن إضافة اللقاح ضد هذا الميكروب جعلها من أحداث الماضي، حيث ساعد على تقليلها بشكل قوي، فأصبحت حالات الحمى الشوكية بسببها نادرة الحدوث في السعودية. وهناك ميكروب نيسيريا وهو ميكروب يصيب كل الأعمار، وهو شديد العدوى، لذلك يزداد انتشاره في الأماكن المزدحمة "كفترات الحج" ويشكل أوبئة وتوجد في أحيان كثيرة على شكل أزواج حيث تهاجم هذه البكتيريا أغشية الدماغ وتتكاثر في السائل الدماغي داخل هذه الأغشية، وتشبه أعراض هذا المرض في البداية أعراض الرشح العادي. ونيموكوكس، وهو ميكروب يشكل خطورة لدى بعض الفئات كمرضى داء الخلايا المنجلية، وخاصة الذين ليس لديهم طحال. وعن أسباب وأنواع الحمى الشوكية يبين الدكتور عماد أنها مرض معد ومن أكثر الأسباب شيوعا في الإصابة بهذا المرض العدوى البكتيرية التي تبدأ في أي مكان في الجسم ثم تنتشر وتصل إلى المخ أو الحبل الشوكي عن طريق تيار الدم، والعدوى الفيروسية، والتعرض للكيماويات، والإصابة بالأورام. وأضاف أن الحمى الشكوكية تنقسم إلى نوعين رئيسيين، هما الحمى الشوكية البكتيرية وهي من الأمراض الخطيرة جدا، ولذلك لا بد من تقديم العلاج الفوري لأنها تسبب أضرارا ومضاعفات مستديمة. والحمى الشوكية الفيروسية نتيجة عدوى فيروسية وهي تأتي في المرتبة الثانية وأقل في الخطورة، كما أنها أكثر شيوعا من الأولى، وتنتشر الإصابة بها في فصل الشتاء، وتمثل نسبة إصابة الأطفال بها أكثر، خاصة لمن هم دون سن خمس سنوات. وتتشابه الأعراض المبكرة للحمى الشوكية مع أعراض الأنفلونزا العادية إلى حد كبير، لكن تتطور أعراض الحمى الشوكية في خلال فترة قصيرة تتراوح ما بين عدة ساعات إلى يوم واحد أو يومين. ومن أهم أعراض الإصابة بالحمى الشوكية في الأطفال من عمر سنتين فأكثر: الحمى الشديدة، والصداع الشديد، وتصلب العنق، والغثيان والقيء المصحوب بالصداع، وصعوبة التركيز (وفي الأطفال الصغار يظهر ذلك من خلال عدم قدرة الطفل على التواصل البصري مع المحيطين به)، والإصابة بنوبات من التشنجات، والنعاس وصعوبة الاستيقاظ من النوم، والحساسية الشديدة من الضوء، وعدم رغبة الطفل في تناول الأطعمة أو المشروبات، والطفح الجلدي في بعض الحالات. وشدد حماد على أهمية التشخيص المبكر ومعرفة المضاعفات التي ستترتب على التأخر في التشخيص لمرض الحمى الشوكية وهي: أخذ عينة من النخاع وعمل كل من (مزرعة للنخاع وأشعة على الرأس والجيوب الأنفية والصدر وأشعة مقطعية على المخ لاكتشاف أي تورم داخلي أو خارجي). فلا بد من الإسراع بالطفل المصاب بالحمى الشوكية إلى الطبيب المختص، فكلما طالت فترة إصابة الطفل بالمرض دون علاج، أصبح الطفل فريسة سهلة للمضاعفات الخطيرة للمرض، ومنها: حدوث اختلاجات - تشنجات - سواء على المدى البعيد أو على المدى القريب. وإعاقة حركية، قد تؤدي إلى شلل، وإعاقة سمعية بسبب إتلاف العصب السمعي، وتلف الغدة الكظرية المسؤولة عن إفراز هرمون الإدرينالين، قد تؤدي في الحالات المتقدمة إلى الوفاة، وإعاقة ذهنية، والإصابة بالعمى، وتلف الذاكرة، وفقدان النطق، والإصابة بصعوبات التعلم، والمشكلات السلوكية، وتلف المخ، والفشل الكلوي. وللوقاية من الحمى المخية الشوكية ينصح الدكتور عماد بالابتعاد عن المناطق المزدحمة ما أمكن ذلك، لأنها تمثل أحد أبرز الأسباب المؤدية إلى الإصابة بالحمى الشوكية، وتجنب مخالطة المصابين بالحمى الشوكية، والتطعيم ضد المرض عن طريق أخذ لقاح الحمى المخية الشوكية وهو آمن وفعال بإذن الله، ويعطى للأطفال فوق سنتين وللبالغين جرعة واحدة. أما الأطفال عمر 6 أشهر إلى سنتين فيمكن إعطاؤهم جرعتين بفارق 3 أشهر. وأوضح أن اللقاح يوفر مناعة قوية بعد 10 أيام من إعطائه وتستمر المناعة لمدة 3 سنوات على الأقل. كما أن اللقاح متوافر في جميع المرافق الصحية التابعة لوزارة الصحة، وكذلك المرافق الصحية الحكومية الأخرى وبعض المرافق الصحية الخاصة التي تعطى فيها اللقاحات الأساسية للأطفال. قد تحدث بعض الأعراض الجانبية البسيطة عقب أخذ اللقاح مثل احمرار موضع الحقن وارتفاع طفيف في درجة الحرارة، ولكنه آمن وفعال.