ينزع بعض الآباء إلى استغلال بناتهم ممن التحقن بوظيفة حكومية بمطالبتهن بالاقتراض لسداد الديون أو المساعدة في بناء المنزل أو ما شابه ذلك، لكن أولئك الفتيات يقعن في نهاية المطاف ضحية العاطفة ويدخلن في نفق من الهموم والمعاناة قد تصل ببعضهن إلى دخول السجن بعد عدم القدرة على سداد أقساط القرض الذي تورطن فيه من أجل إرضاء أهلهن. "الوطن" التقت بحالات عديدة سردت قصصها التي تحولت إلى معاناة طويلة أوشكت على وضعهن خلف قضبان السجن، وروت هند خالد، قصتها مع مسلسل القروض وأقساط الإلكترونيات، موضحة أنها تلقت تعليما جامعيا أهلها لتحسين وضع أسرتها المعيشي بحصولها على الوظيفة التعليمية التي انتظرتها عدة سنوات، وتابعت هند: عندما تحسنت ظروفي لم أنس فضل والدي اللذين وهبا حياتهما وكرساها لي ولإخوتي، وطيلة خدمتي في سلك التعليم على امتداد 20 عاما قمت ببناء منزلين في أرض والدي وتكبدت ما يفوق أضعاف راتبي من الديون جراء ذلك البناء، وبعد وفاة والدي قررت الزواج وأنا في سن ال35 عاما لكن إخوتي هددوني بالطرد من المنزل ومنعي من السكن به بحجة أنني سأتزوج برجل غريب، فقررت عدم الزواج. وعندما كبروا تزوجوا وجلبوا نساءهم لمنزلي فما كان لي سوى التزام الصمت من أجل وعدي لوالدي بعدم التخلي عنهم. وفي ذات السياق، قالت غالية محمد إنها أجبرت على شراء سيارتين وتقسيطهما لإخوتها تحقيقا لرغبة والدتها بشرط تكفلهم بمساعدتها في السداد لقلة ما تبقى من مرتبي، مشيرة إلى أنها لم تكن تريد منهم سوى مساعدتها نظرا لتهديد شركة الأقساط لها بالمقاضاة. أما رانيا عبده فتقول: اقترضت ما يقارب 150 ألف ريال لزواج أخي بجانب دفع أقساط مكيفات بكفالة غرامية، والتزم هو بالسداد خلال الأشهر الأولى وعندما استقر في بيته امتنع عن السداد بلا مبرر على الرغم من استطاعته ذلك. وعلى الجانب الآخر، أكدت صاحبة مؤسسة تقسيط الإلكترونيات فاطمة عرب أنها تعاملت مع العديد من السيدات فوجدت البعض ينتظم في السداد والبعض الآخر يسدد فترة ثم ينقطع ويطلب مقاضاته بلا خوف. وقالت: تعاملت مع آلاف النساء معظمهن يقترضن للبناء، والأخريات يقترضن لزواج ولا يهمني غرضهن من الاقتراض، فكل ما أريده ورقة وتوقيعا وبطاقة صرافها وتوقيعا على كمبيالات تضمن حقوق المؤسسة لإثبات المديونية في حال تخلفهن عن السداد. وأوضحت رئيسة القسم النسائي بلجنة تراحم ورعاية السجناء عائشة زكري، أن اللجنة تعرضت لحالات مماثلة من ضحايا الاقتراض من الفتيات جراء ضغوط عائلية باسم الواجب ووجدت أنها قروض بناء أو زواج وظروف أخرى انتهت ببعضهن لدخول السجن لعدم السداد، وأضافت الزكري قائلة: لماذا يحملون المرأة فوق طاقتها ويستغلون عاطفتها وكأن المرأة لا تحاسب قانونيا. وتابعت الزكري: صدمنا عندما قابلنا نساء يجهلن القانون ولا يفرقن بين الحق الخاص والحق العام، وأخبرناهن أن الحق العام تتسامح فيه الدولة بشروط وحسب اللائحة، أما الحق الخاص فلا تسامح فيه، كما وجدنا نساء يغرقن بسب أولياء أمورهن الذين يعتقدون أن المرأة لا تسجن وتخرج بكفالة. واستغربت الزكري من غياب دور رجال الأعمال في إيجاد نظام يحد من إقراض المرأة فوق طاقتها وسقف راتبها، وطالبت بتكثيف التوعية القانونية في المجتمع والمدارس والجامعات لجهل الكثير بها. كما أشارت الزكري إلى أن اللجنة قامت مؤخرا بعمل دورات في التوعية القانونية شملت جميع قضايا النساء والديون التي يصبح مصيرها الحتمي خلف القضبان.