انتهى عصر النقد الفني التقليدي الذي يقتصر ظهوره على الصحف وعدد ضئيل من البرامج الثقافية أو الفنية "النقدية"، وذلك في زمن مواقع التواصل الاجتماعي مثل "تويتر"، و"فيسبوك"، حيث أصبحت برامج رمضان تخضع للتقييم الفوري واليومي من قبل المشاهدين. في البداية رفض الفنان والكاتب محسن الشهري التقييم الفوري للأعمال الفنية والذي يصدر من بعض المشاهدين عبر مواقع التواصل، وقال إن "أي عمل أو مسلسل درامي هو سيناريو يضعه الكاتب، ويتكون من البداية، ثم العقدة، فالنهاية، فكيف يحكم المشاهد على عمل لم يكتمل؟ إنني أستغرب الاستعجال في الحكم على أي عمل درامي قبل انتهائه، لذا أتمنى ألا يصدر الحكم من قبل المشاهد مع أول حلقة تعرض عبر الفضائيات". أما الفنانة أفنان فؤاد فتؤيد التقييم الفوري من قبل المشاهد للأعمال الدرامية عبر "تويتر"، و"فيسبوك"، وتقول: "أصبح كل ما يعرض في الفضائيات يخضع للتقييم الفوري واليومي، وهذا شيء إيجابي، فأنا أشاهد ردة فعل الناس على أعمالي بعد انتهاء عرض الحلقة مباشرة، وهذه ميزة التقنية. ومن جانبي أحرص على متابعة هذه المواقع دائماً لأكون قريبة من جمهوري، وأعرف آراءهم، وردود أفعالهم على ما قدمت، وأحاول أن آخذ الملاحظات الجادة بعين الاعتبار". ويرى الفنان إبراهيم الحساوي أن هذا التفاعل جميل، ويقول: "مواقع التواصل بمختلف أنواعها أصبحت الحكم الأول على الأعمال الدرامية المقدمة، فهي التي تقيم ما يطرح من برامج في رمضان أو غيره، ولكن الأهم بالنسبة لنا كفنانين أن يأتي التقييم من ذوي الخبرة، وألا يكون مجرد نقد انطباعي". وأضاف "لا نستطيع أن ننكر أن مواقع التواصل سهلت مهمة سماع الرأي الآخر البعيد عنا، لذا لابد من الاستعداد لمواجهة المشاهد عبر هذه المواقع، ولكنني أطالب بتفاعل المشاهد طوال العام مع ما يطرح من برامج ثقافية، وفنية، ودرامية، وغيرها، وليس أعمال رمضان فقط"، فيما يخالفهم الرأي الفنان هاني ناظر، ويقول: "لا أنظر إلى التقييمات الخاصة بمسلسلات رمضان التي تظهر في الصحف أو البرامحج وحتى مواقع التواصل، لأنها تقييمات مصنوعة من قبل شركات متخصصة تعمل لصالح بعض القنوات التي تخصص مبالغ مالية كبيرة للتسويق، فتدعي أن هذا المسلسل الأول، وهذا الأفضل، وهذا الفنان هو الكوميدي الأبرز. وجميعها بيانات غير صحيحة، حيث يعد الاستفتاء أحياناً من قبل أشخاص مدفوع لهم". وأضاف أن "النجاح الحقيقي برأيي هو ما أسمعه من الجمهور في الشارع والمقاهي والأماكن العامة، وعادة ما يكون ذلك مناقضا تماماً لما تقدمه استفتاءات مواقع التواصل الاجتماعي والمجلات والصحف". الفنان محمد بخش يعتقد أن برامج التواصل الاجتماعي أسرع في إظهار رأي المشاهد، "حيث تظهر النتائج فور عرض البرامج والمواد، وخصوصا التي لا تخضع لأي رقابة. فبعض جمهور هذه المواقع لا يبحث عن المضمون بقدر ما يبحث عن الإثارة في الخبر، والطرح، ويكره البرامج التي تخضع للرقابة والتقييم والروتين". أما الباحث والناقد صالح الورثان فيقول: "رأيي على محورين، علمي ومنطقي. ففي البداية أرى أن التقييم والانتقاد في هذه المواقع ينقسم إلى قسمين: الأول لنقاد مختصين في مجال الإعلام والإنتاج والدراما بمختلف تخصصاته، وذلك تقييم يعتد به، لأنه يصدر من خبراء يملكون الدراية والتمرس، لكن تلك الآراء تبقى ناقصةً إن هي اتجهت إلى حلقة أو حلقتين دون نقد علمي شامل لمجمل العمل المنتج، وهنا يمكن تسميتها إشارات نقدية منفصلة، وليست نقداً كاملاً يرتكز على أسس ومعايير النقد الموضوعي والعلمي". ويضيف "أما القسم الآخر فهو تقييم الرأي العام من مشاهدين يسجلون انطباعات متسرعة لا يمكن أن تسمى في عرف النقاد نقداً، فثمة بون شاسع بين النقد والانطباع، أو الرأي المبني على تفاعل عاطفي سريع يتعلق بحلقة درامية أو كوميدية مثلا. وبين الرأيين يمكن للناقد المتخصص أن يستفيد من وجهات النظر مجتمعةً لصهرها في نقد شمولي محترف". أما الفنانة لمار فتؤيد تقييم المواقع الاجتماعية للأعمال الدرامية، وتقول: "بالنسبة لي كفنانة، شيء جميل أن أعرف رأي جمهوري فور عرض العمل، حيث يمكن للتقييم الفوري والمباشر والسريع أن يساعدني على تجنب الأخطاء التي تكون غائبة عني".