يدفع الدوام الليلي بعض الأطباء المناوبين وممرضات وممرضي الطوارئ وحراس الأمن وبعض العاملات بحضانة الأيتام وذوي الاحتياجات الخاصة وموظفي المطارات والطائرات وغيرهم للبحث عن سبل للتغلب على النوم، والاحتفاظ بدرجة مناسبة من الانتباه لتأدية أعمالهم. ويصاب الأشخاص الذين تضطرهم الضرورة العملية للمناوبات الليلية خلال العمل باضطرابات شديدة في النوم بسبب اضطرارهم للسهر في الليل، والنوم في النهار، الأمر الذي يحتاج منهم إلى وقت وتعويد أنفسهم عليه، أو إلى التحايل على النوم بطرق عديدة كي يتمكنوا من إمضاء الليلة العملية مستيقظين. يقول علي الحكمي (ممرض بمستشفى خاص) إنه اضطر لاتخاذ وسائل يتحايل بها على النعاس الذي يصيبه أثناء فترات مناوبته الليلية التي تكون ثلاث مرات في الأسبوع، مبينا أنه استعمل الكثير من الحبوب المنومة في النهار، واستشار بعض الأطباء عن وجود ضرر من أخذها، حيث أكدوا له أنه مضطر، ولا بأس في أخذها بنسب معينة كي ينام فترة النهار، ويستيقظ للمناوبة في الليل. وتقول رنا محمد وهي حاضنة أيتام إن عملها كحاضنة يستوجب عليها تبادل المناوبات مع زميلاتها خلال الليل، ويبدأ الدوام الليلي من التاسعة ليلا حتى السابعة صباحا، وخلال تلك الفترة على الحاضنة أن تقوم برعاية الأطفال الأيتام وتتعامل معهم كالأم تماما. وأضافت أن عملها يستوجب عليها أن تكون مستيقظة، حيث إن البعض منهم صغار في السن ، يحتاجون لتغيير ملابسهم في الليل أو للرضاعة، مبينة أنها عادة ما تصاب بالنعاس الذي يفسد عليها قدرتها على العمل والبقاء حتى الصباح، وتضطر بحسب قولها إلى شرب الكثير من القهوة التركية الثقيلة قبل الدوام الليلي لتتمكن من السهر . وأضاف عبد الله ناصر وهو حارس أمن بأحد المطارات أن حراسة الأمن تتطلب أيضا شفتات أو مناوبات ليلية، حيث إن المطار يعمل لفترة 24 ساعة متواصلة، ولذلك فإنه حين حلول يوم مناوبتي الليلية التي تبدأ من ال11 مساء وتنتهي في الثامنة صباحا أعاني كثيرا من عدم قدرتي على السهر ولكني أظل أقاوم النوم حتى تنتهي المناوبة . ومن جانبه يقول استشاري الطب النفسي الدكتور ماهر بغدادي إن أغلب الاضطرابات النفسية يصاحبها اضطرابات في النوم سواء بنقص أو زيادة النوم ، كما للاضطرابات الاجتماعية أو الوظيفية أو العائلية أوالسلوكية علاقة كبيرة باضطرابات النوم . ولفت الدكتور بغدادي إلى أن من ضمن الأسباب المؤدية لاضطرابات النوم مسألة الدوام الليلي، حيث يسبب التغير في إيقاع النوم، والتغير في الساعة الزمنية للفرد في اضطرابات في النوم، كما أن السفر من الشرق للغرب أو العكس سبب رئيس لاضطرابات النوم، حيث تتغير الأوقات على الشخص بصورة تسبب تغيرا في ساعته الزمنية. ولفت إلى أن "جسم الإنسان يتعود على الإيقاع أيا كان سواء بالسهر أو بالنوم خلال الليل، ولكن بشرط أن تكون المناوبات طويلة تمتد لأسبوعين أو ثلاثة متتالية، وبذلك يتعود المرء، أما إن كانت متقطعة فإن الأشخاص سيعانون من اضطرابات طبيعية في نومهم". وعن أعراض اضطرابات النوم لفت الدكتور بغدادي إلى أنها قد تظهر بصورة أرق أولي، أو زيادة في ساعات النوم، وينجم عن اضطرابات النوم العديد من الأعراض النفسية المصاحبة كالعصبية والشعور بديمومة الإرهاق، وتغير في المزاج والشهية .