بعد 10 أعوام من انطلاق رؤية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، لإعداد أجيال متميزة لمجتمع معرفي مبني على اقتصاد المعرفة، المتمثلة في برنامج الابتعاث الخارجي، وضع الملك عبدالله اللبنة الثالثة في مسيرة هذا المشروع التنويري الأضخم من نوعه، بإقراره تمديد البرنامج لمرحلة ثالثة تمتد لخمسة أعوام إضافية، ليرتفع بذلك عدد المستفيدين إلى 200 ألف شاب وشابة. وتحقيقاً لرؤية خادم الحرمين الشريفين للوصول إلى مجتمع قائم على المعرفة، أضاف البرنامج بالتزامن مع قرار التمديد، عددا من التخصصات الدقيقة التي ستثري سوق العمل، حيث أشار نائب وزير التعليم العالي الدكتور أحمد السيف في تصريح ل"الوطن"، إلى أن البرنامج يخضع لتقييم شامل، ودراسة متعمقة للتخصصات المطروحة، وفعاليتها في سوق العمل، وبناء عليه سيطرح عددا من التخصصات الإضافية، فيما تقرر التركيز على التخصصات العلمية الدقيقة، ومنها عدة تخصصات في مجال الهندسة البترولية، والملاحة البحرية، والتي ثبت وجود حاجة لها على واقع الممارسة العملي، والاقتصادي. وتأتي هذه الإضافة امتدادا للتخصصات التي يوفرها برنامج خادم الحرمين الشريفين لأبناء المملكة العربية السعودية، عبر إتاحة فرصة الابتعاث للتعليم الجامعي، والعالي في التخصصات التي يحتاجها سوق العمل في القطاع الحكومي، والأهلي. وتشمل تخصص الطب، والعلوم الطبية، والذي يتضمن الطب البشري، وطب الأسنان، والصيدلة، والتمريض، والأشعة، والمختبرات الطبية، والتقنية الطبية، والعلاج الطبيعي، والعلوم الصحية. وإلى جانب ذلك، تخصصات الهندسة، وتتضمن الهندسة المدنية، والمعمارية، والكهربائية، والنووية، والميكانيكية، والصناعية، والكيميائية، والبيئية، والاتصالات، والآلات والمعدات الثقيلة، علاوة على تخصص النقل البحري المشتمل على تخصصات المساحة البحرية، والملاحة البحرية، والموانئ والنقل البحري، والهندسة البحرية. وفي جانب التخصصات التقنية، تتضمن تخصصات الابتعاث، مجال الحاسب الآلي، ويشمل هندسة الحاسب، علوم الحاسب، والشبكات، وتخصصات العلوم الأساسية، التي تتضمن الرياضيات، الفيزياء، الكيمياء، والأحياء، والعلوم الإدارية وتتضمن القانون، المحاسبة، المالية، التأمين، والتسويق، إضافة إلى تخصص تقنية النانو. وعلى صعيد الاستعداد لاستقبال دفعات الخريجين العائدين من دول الابتعاث، بعد نيلهم الشهادات العلمية في مختلف التخصصات العلمية والتطبيقية والنظرية، فإن الوزارة أعدت دراسة لاحتياجات سوق العمل في القطاعين الحكومي، والخاص، والتنسيق بشكل أكبر مع وزارة العمل لتفعيل برنامج "جاهز"، والذي يتيح الربط بين قواعد بيانات المبتعثين، والجهات الوظيفية، ويمثل حلقة وصل بين المبتعث والمنشآت التي تعلن عن وظائف، وفق متطلبات محددة، لتكون الأولوية بذلك لخريجي برنامج الابتعاث الخارجي، فيما يتم بشكل سنوي إجراء عملية تقييم لكافة مراحل الابتعاث والتي بلغت حتى الآن 9 مراحل. وفيما يتعلق بالنتائج التي حققها البرنامج، فإن هذا العام شهد تخريج أضخم دفعة من المبتعثين طوال مسيرة البرنامج الممتدة 10 أعوام، حيث ستشهد العاصمة الأميركية واشنطن بعد أيام أكبر حفل للخريجين، بواقع 8 آلاف طالب، في مختلف المراحل التعليمية، من البكالوريوس، والماجستير، والدكتوراه، والزمالة الطبية. تمديد برنامج الابتعاث خمسة أعوام إضافية، يؤكد نظرة بعيدة المدى، ورؤية استراتيجية ثاقبة، حيث تجاوز عدد المستفيدين من البرنامج نحو 150 ألف مبتعث، فيما بلغ إجمالي عدد المبتعثين مع المرافقين من أسرهم نحو 300 ألف، وهو ما يضع المملكة في موضع الصدارة في ابتعاث أبنائها وبناتها الطلاب والطالبات، والذي انعكست آثاره الإيجابية على كافة الأسر السعودية. ولم تقتصر حصيلة الإنجازات التي حققها المبتعثون على إنجاز مراحل الدراسة، حيث شهدت سجلات الدارسين إنجازات علمية على المستوى العالمي، منها ما أنجزه المبتعث ممدوح القثامي في ابتكار طريقة جديدة لزيادة قوة الأشعة المستخدمة في علاج السرطان باستخدام جزيئات نانو الذهب وذلك باستخدام جهاز تم ابتكاره لهذا الغرض من الفريق البحثي المشارك، وأطلق على هذا الجهاز اسم (dosimeter SMART) وهذا الجهاز يعمل على توضيح مدى تقبل الجسم لامتصاص الأشعة وتوزيعها بشكل ثلاثي الأبعاد، وجاء ذلك بالتعاون مع "المعهد البريطاني لأبحاث السرطان" في لندن و"قسم الهندسة الكيميائية بجامعة ملبورن" و"الهيئة الأسترالية للحماية من الأشعة وسلامة الطاقة النووية". كذلك حصل المبتعث عبدالله خلف العنزي المتخصص في الكيمياء الفيزيائية والمواد المتناهية الصغر بجامعة نيوانجلاند الأسترالية على فرصة تمثيل الطلبة الدوليين بالجامعة في فعاليات "المؤتمر الدولي الثاني للطلاب الدوليين" والذي عقد بمدينة برزبن الأسترالية في يوليو من هذا العام، في الوقت الذي حقق المبتعث وسام الصبان إنجازه الثاني بعد ابتكاره طائرة "الصقر الأخضر"، والتي حصلت على عدد من الجوائز محليا وعالميا، حيث تمكن من إجراء تجربة عملية على غواصة مائية ذكية تعمل بنظام التحكم الذاتي وتستخدم لأهداف البحث العلمي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية لإدارة أبحاث الملاحة الجوية والفضاء (NASA ) ومعهد كاليفورينا للتقنية. المبتعث في الولاياتالمتحدة مصطفى سلمان الخلف شارك في أهم المؤتمرات الطبية العالمية في كل من أميركا وأوروبا وآسيا، وهو أحد المؤتمرات الطبية المتخصصة في العناية المركزة الطبية وأمراض الصدر، والذي يعقد في بنسلفينيا بولاية فلادلفيا، بأميركا خلال الشهر الجاري، فيما يقدم ورقة علمية، تم مؤخرا قبولها للنشر في المجلة الأميركية لأمراض الجهاز التنفسي والحالات الحرجة، والتي تحتل المركز الأول في تخصص العناية المركزة الطبية بالعالم، إضافة إلى مشاركته في تقييم عدد من البحوث الطبية ومراجعتها قبل نشرها في الدوريات الطبية المحكمة عالميا، وقدم المبتعث أحمد المتروك ورقة حول أفضل الطرق للوقاية من الزلزال؛ وذلك إثر موجات التسونامي والزلازل التي تتعرض لها اليابان أخيرا، مشيرا إلى أن الزلازل تؤدي إلى العديد من الكوارث الثانوية، وقد تؤدي إلى تشقق الأرض ونضوب الينابيع أو ظهور الينابيع الجديدة.