بينما الناس في سبات عميق؛ الشوارع خالية، المتاجر مغلقة، السكون يعم أرجاء المدينة، استيقظت فئة من الناس تاركين لذيذ نومهم بعد أن سمعوا "الصلاة خير من النوم" توضؤوا متجهين إلى المسجد في ظلمة الليل، وهم في شوق للجوائز الربانية فالقائم لصلاة الفجر محاط بالفضائل، ومبشر بعظيم البشائر.. قال عليه الصلاة والسلام: (بشّر المشائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة). وفي الوقت نفسه نجد هناك فئة أخرى من الناس لا تزال في سباتها العميق، وما أن تنتهي صلاة الفجر ويخرج وقتها، تشرق الشمس، ويبدأ وقت الدوام وإذا بذلك الهدوء يتحول إلى ضجيج. فالشوارع ممتلئة والمتاجر فتحت أبوابها وترى زحمة الداخلين والخارجين منها... وبينما نحن في لحظات التحول السريع لماذا لم نسأل أنفسنا، هل أصبح الدوام أهم من صلاتنا؟ هل صارت الجامعة أو المدرسة التي هي طريق نجاحنا أهم من عمود الإسلام؟ هل أصبحنا نفكر ماذا سيقوله المدير لنا إذا تأخرنا عن أعمالنا ولم نفكر ما هي نظرة الله لنا عندما تأخرنا عن الصلاة؟ لنتأمل معا ماذا يقول الله في كتابه العزيز: (قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين)... هل بلغنا هذه الحالة الموصوفة في الآية أم لا؟ فكم من الأجور والحسنات ضيعناها يوم تساهلنا عن أدائها، لنتأمل معاً الأحاديث التالية عن فضل صلاة الفجر في جماعة، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم (من صلى العشاء في جماعة فكأنما قام نصف الليل ومن صلى الصبح في جماعة فكأنما قام الليل كله) رواه مسلم. وعن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من صلى الصبح في جماعة فهو في ذمة الله) رواه مسلم. سبحان الله مجرد إنك تصلي الفجر في جماعة تدخل في ذمة الله، وتحيط بك حماية ورعاية الله في يومك كله وتشعر بالسعادة والطمأنينة لأنك تحت رعايته سبحانه. فلنحرص أشد الحرص على أدائها، ولنكن من أهل الفجر. قال صلى الله عليه وسلم: ((تعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار ويجتمعون في صلاة الفجر وصلاة العصر، ثم يعرج الذين باتوا فيكم فيسألهم ربهم وهو أعلم بهم: كيف تركتم عبادي؟ فيقولون : تركناهم وهم يصلون، وأتيناهم وهم يصلون).. ألا يكفينا ثناء الملائكة على المصلين جماعة فخرا.