استهجنت المملكة العربية السعودية ما أثير من بعض المحللين والنقاد في الإعلام الباكستاني، الذين اتهموا عدداً من دول الخليج العربي ومنها المملكة بدعم الجماعات المتشددة لديهم، وقال وكيل وزارة الخارجية للعلاقات متعددة الأطراف، الأمير تركي بن محمد بن سعود: "هذه أقوال مشبوهة ومغرضة، والسعودية لا تؤيد هذا التطرف والتشدد، بل تدينه". وأضاف في تصريح صحفي أمس عقب ختام المؤتمر الدولي المعني بتعاون الأممالمتحدة مع مراكز مكافحة الإرهاب الذي احتضنته العاصمة الرياض "كيف بنا أن ندعم الإرهاب ونحن تعرضنا له، وسياسة المملكة قائمة على الوسطية والاعتدال وتحقيق الأمن والاستقرار داخلياً وخارجياً، ونشاطاتها وفعالياتها واضحة في هذا المجال من أجل مكافحة الإرهاب؟"، مشيرا إلى أن إنشاء مركز لمكافحة الإرهاب هو أكبر دليل على التصدي لهذه الظاهرة، وتابع "من يقل تلك الاتهامات والأقوال المشبوهة فكلامهم مردود عليهم، وأفعالنا أكبر رد على تلك الشبهات والادعاءات الباطلة". وامتدح الأمير تركي المشاركة الفاعلة من الدول والجهات في المؤتمر، وقال "الحضور كان على مستوى عال والمشاركة بناءة، واحتضان المملكة للمؤتمر وإقامة المركز الذي هو فكرة من أفكار خادم الحرمين الشريفين هو جهد خالص لأجل مكافحة الإرهاب"، مبيناً أن إنشاء المركز كان حلماً وتحقق وأصبح كياناً قائماً. وأشاد بالجهود الدولية في تفعيل المركز لمحاربة هذه الآفة التي تهدِّد الأمن والاستقرار في كافة دول العالم، مؤكداً أن مشاركة الدول والجهات المختصة في المؤتمر أفرزت مداخلات وأفكارا بناءة. إلى ذلك ثمَّن المشاركون في المؤتمر جهود المملكة لإنجاح أعماله، معربين عن شكرهم للقيادة والشعب السعودي على كرم الضيافة وحسن الاستقبال. وأعرب البيان الختامي الذي تلاه ممثل الأمين العام للأمم المتحدة عن شكره للمملكة على الدعم الكامل للأمم المتحدة، مقدراً الالتزام الكامل لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز بإنجاز الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب وعمل الأممالمتحدة في هذا الاتجاه. وأشار البيان إلى أن الأمين العام للمنظمة الدولية، بان كي مون، يولي مكافحة الإرهاب أهمية عظمى، مشيراً إلى أن الدول الأعضاء على استعداد لتقديم دعم دولي وجهود جماعية لمكافحة الإرهاب، والتي ظهرت بقوة في المداولات والمناقشات التي كانت في هذا المؤتمر الناجح في الرياض. وكان رئيس المؤتمر، الأمير تركي بن محمد بن سعود، قد اقترح إقامته كل عام، ولقي المقترح تأييداً من بعض الدول والجهات المختصة المشاركة في المؤتمر. من جانبه أكد عميد مركز الدراسات والبحوث بجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، الدكتور أحسن طالب، أن المملكة العربية السعودية "من الدول الرائدة في محاربة الإرهاب، الذي هو ظاهرة لا يمكن اختزالها في أعراق معينة أو أديان بعينها، لأن العالم بأسره وباختلاف ثقافاته ودياناته تضرر منها، ولاسيما المملكة التي عانت منها كثيراً". وبين أن "هذا المؤتمر يأتي امتداداً لريادتها في كثير من الجوانب، ولعل الإرهاب ومحاربته أبرزها، فهي دولة أولت جميع السبل التي من شأنها تجفيف منابعه كل الاهتمام، فعنايتها بالبحوث والدراسات المتناولة للظاهرة منذ زمن طويل جزءٌ من عملٍ جليل قدمته ولا تزال تقدمه". ولفت إلى أن استعراض المملكة تجاربها الأمنية في محاربة الإرهاب لن يكفي في هذا الموقف، حيث كانت أنموذجاً أمنياً يحتذى به في مكافحة ومحاربة الإرهاب. كما تميزت عن دول العالم أجمع بافتتاح مركز الأمير محمد بن نايف للمناصحة والرعاية، الذي سجل سابقة في التعاطي بشكلٍ مختلف مع الظاهرة، مؤكداً أن النتائج الإيجابية التي حققها المركز منذ تأسيسه أضفت إلى تميزه امتيازاً، لقي معها الإشادة من جميع بلدان العالم. وأثنى على توقيت المؤتمر، واصفاً إياه بالمناسب جداً، لأن العالم في هذا التوقيت بالذات بات مؤمناً بأن الإسلام ليس له علاقة بالإرهاب، وأن الدول الإسلامية كغيرها من الدول التي عانت منه كثيراً، مبيناً أنه لا توجد مجتمعات محصنة ضده. وشدد على ضرورة تعريف العالم أجمع بجهود الدول العربية بشكل عام والمملكة على وجه الخصوص في هذا الاتجاه، مثنياً على الخبرات الحاضرة ضمن المؤتمرين وقال: "الفائدة كبيرة جداً هنا، وأتوقع نتائج جيدة من شأنها التقدم للأمام خطوات كبيرة في مواجهة الإرهاب ومحاربته، ولاسيما في ظل وجود هذا الكم الكبير من الدول المهمة والمراكز الفاعلة والخبرات الكبيرة على مستوى العالم". الأممالمتحدة تثمن دور خادم الحرمين قدم ممثل الأمين العام للأمم المتحدة شكر المنظمة الدولية لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، ووزير الخارجية الأمير سعود الفيصل، وحكومة المملكة العربية السعودية على كرم الضيافة الذي حظي به المشاركون في المؤتمر خلال اليومين الماضين، والذي تميز بلقاءات مكثفة. كما تقدم بالشكر لوكيل وزارة الخارجية للعلاقات متعددة الأطراف، الأمير تركي بن محمد بن سعود الكبير لترؤسه هذا المؤتمر الدولي المهم، ولرئيس البعثة الدائمة للمملكة في الأممالمتحدة، السفير عبد الله المعلمي، على دعمهم الرائع لإنجاح عمل المنظمة الدولية. وقال إن بان كي مون يقدر وبشكل كبير التزام خادم الحرمين الشريفين وحكومته بجهود مكافحة الإرهاب عبر العالم، ولما تقوم به الأممالمتحدة من أعمال في هذا المجال، مؤكداً ثقته أنه بعد هذا المؤتمر المثمر، إضافة إلى المؤتمر الدولي الذي عقد مؤخرا في العاصمة الكولومبية بوغوتا عن استراتيجيات مكافحة الإرهاب الداخلي والإقليمي، والعديد من مشاريع التعاون المثمرة بين المراكز المختلفة "سوف تدعم جهودنا الجماعية في مكافحة الإرهاب". وأبان أن جلسات ومداولات المؤتمر على مدى يومين أظهرت أن الأركان الأربعة للاستراتيجية العالمية تقدم إرشادات شاملة، ليس فقط للدول الأعضاء، ولكن أيضاً لمراكز مكافحة الإرهاب الحكومية وغير الحكومية، كما أن العلاقات المتواصلة لاستراتيجية المكافحة هي دليل ذاتي، وترتكز على مبادئ الجهود المشتركة القوية بواسطة المجتمع الدولي بشكل عام، مؤكدا أنه لا يمكن لأي دولة أن تكون قادرة وحدها على التصدي لهذا التهديد دون تعاون دولي.