بحر ذو مياه زرقاء ضاربة إلى الخضرة ومواقع أثرية ومزارع برتقال ومشمش.. يُعد الساحل الجنوبي التركي مقصداً محبباً للسياح على البحر المتوسط، لاسيما في المنطقة الممتدة من أنطاليا وحتى مدينة ألانيا. وسواء كان السائح على ظهر سفينة سياحية أو في الماء أو يتنزه أو يستلقي على كرسي الشاطئ تحت مظلة الشمس تقع عيناه على شواهد من العصور القديمة والعصور الوسطى في أماكن كثيرة. وحتى في الشواطئ البعيدة نسبياً يمكن للسائح على سبيل المثال رؤية حصن ألانيا الشهير بأسواره المنيعة والقلعة الموجودة به. تستعر أشعة الشمس لدرجة أن القميص يلتصق بالجسم من شدة العرق، ومع ذلك يرد أحد السياح على سائق السيارة الأجرة قائلاً :"لا، شكراً، أفضل السير". وأثناء سيره في طريق متعرج يصف السائح الصعود إلى القلعة بالرحلة المرهقة. وصحيح أن هذه الرحلة التي تستغرق ساعة واحدة شاقة بعض الشيء، إلا أنها في نفس الوقت رحلة ساحرة بشكل يفوق الوصف. ويمكن أن تمتد الرحلة لساعتين مشوقتين في حال أخذ فترات راحة من وقت لآخر لالتقاط بعض الصور الفوتوغرافية أو لتناول الآيس كريم والليمونادة. وخلف كل درج حجري ونخلة ومطعم وحديقة منزلية غناء تنتظر السائح إطلالة جديدة على جوامع وأسوار وأبراج والبحر وميناء ألانيا. كما يمكن أيضاً رؤية البرج الأحمر «Kizil Kale» الذي تزهو به الكثير من البطاقات السياحية التي تروج لمدينة ألانيا. ومن فوق الحصن تقع عين السائح على صخور متهدمة شديدة الانحدار من جهة، وعلى أسوار وشواطىء ساطعة تزخر بكراسي لا حصر لها وذات حياة نباتية قليلة من جهة أخرى، لدرجة أن مَن يتنزه على شاطىء كليوباترا مروراً بأكشاك البارات يجد أشجار نخيل زينة بلاستيكية مزروعة في الرمال، غير أن هذا الأمر قلما يثير ضجر السياح، لأنهم يجدون هناك كرم ضيافة وحفاوة كبيرة، كما أن البحر يتمتع بالنظافة والأسعار تكون في الغالب معقولة. وهنا تصطف الفنادق الصغيرة نسبياً المكونة من ستة وسبعة طوابق جنباً إلى جنب، وهي تشتمل على 40 أو 50 غرفة وتوفر أيضاً جواً أسرياً. وتقول يلديز ساكير باروكوغلو، إحدى ملاك فندق «Balik Hotel»: "لدينا نزلاء يزوروننا منذ أكثر من عشرين سنة، ويعتبر كل فرد منهم صديقاً لنا". وتعرب ماين أردوغان العاملة في مقهى «Sand Café» عن أمانيها وتقول :"آمل ألا تمتد موجة All-Inclusive المنتشرة في الشواطئ الواقعة غرباً إلى ألانيا، حيث إنها ستغير وجه الحياة هنا بالكامل وستتسبب في مشاكل كثيرة للمطاعم". وبالأسفل تتلألأ أولى الأضواء في سماء ألانيا بعد غروب الشمس. ومن عند الشارع المنحدر الزاخر بالمحال السياحية والميناء حتى القلعة كان هناك قبل ثلاثة عقود مطعم أو اثنين يدعوان السياح لأخذ قسط من الراحة والتقاط الأنفاس، أما اليوم فيزيد عدد المطاعم المنتشرة في هذا الطريق على 30 مطعماً. ويؤكد عثمان سيتين النادل بمطعم «Dizdar Garden» الذي يمكن أن تجلب فيه الأسر طعامها الخاص معها، أن جميع المطاعم الموجودة بهذه المنطقة تجني أرباحاً جيدة. وأين يأكل الأتراك؟ وللإجابة على هذا السؤال يشير أليد أغورلو، مدير فندق «Sunpark Beach» بشاطئ كليوباترا، باتجاه وسط البلد ويقول :"من يستكشف المنطقة، يتعرف على حياة أهل البلد". وهناك يقابل السياح بترحاب وحفاوة شديدتين ومن لا يفهم منهم أصناف قائمة الطعام، يسمح له بإلقاء نظرة على الأواني أو يستعين بأحد الجيران. وعلى بُعد حوالي 130 كيلومترا غرباً يتجول السياح أيضاً بين أسوار المدينة والمباني التي تعود إلى عصر الرومان والسلاجقة. ويتسم منظر الميناء من هناك بالروعة والجمال شأنه في ذلك شأن منظر المدينة القديمة بأسوارها المنيعة. ويبدو المنظر أكثر سحراً وجاذبية من شرفة مقهى «Hisar». ومن يقضي عطلته في مدينة «سيده» الإغريقية القديمة أو في المنطقة المحيطة بها، فسيجد أطلال العصور القديمة في كل مكان يذهب إليه. فعلى أطراف شبه الجزيرة يمكن مثلاً رؤية أطلال معبد أبوللو. كما تصطف هنا الكثير من الفنادق بمحاذاة الشواطئ المحيطة بمدينة «سيده» القديمة التي تقع بين أنطاليا وألانيا. وليس ببعيد توجد أيضاً بعض الآثار الرومانية التي تجذب السياح مثل المسرح الروماني في مدينة أسبندوس وأعمال التنقيب في مدينة برجا القديمة. ويرغب غالبية السياح الذين يقضون عطلاتهم على الساحل الجنوبي بتركيا في الإقامة بغرفة تطل على البحر، ولكن من يحب أن يكون أمام غرفته طريق سريع يثير الأعصاب؟!. ونظراً لأن كثير من الشواطئ تعج بالمنتجعات السياحية الكبيرة غالباً أو تكون ضيقة للغاية، يتجه غالبية مستثمري الفنادق إلى البناء خلف الطريق السريع الذي يفصل الساحل عن المناطق السياحية الجديدة. ويمكن ألا تقدم مكاتب السياحة والكتالوجات أو حتى مواقع الإنترنت وصفاً دقيقا للموقع، لذا ينصح قبل الحجز بالاتصال بالفندق المراد الإقامة به وطرح السؤال الهام التالي: "هل يمكنني الذهاب إلى الشاطئ مباشرة أم يتعين علي السير عبر نفق؟". ويرجع ذلك إلى وجود عدد من ممرات المشاة تحت الأرض في الساحل الجنوبي.