في الوقت الذي باشرت فيه لجنة من الشؤون الصحية بجدة تنفيذ قرار وزارة الصحة بإغلاق مستشفى باقدو والدكتور عرفان أمس، بسبب الخطأ الطبي الذي أودى بحياة الطفل صلاح الدين، أكد مساعد مدير الشؤون الصحية بمحافظة جدة للخدمات الطبية الدكتور تركي بن صالح الشريف ل"الوطن"، أن الصحة لن تتهاون في تطبيق الأنظمة الصحية الصارمة على كل من يخالف الإجراءات النظامية في عمل المنشآت الصحية ومزاولة المهنة، وأنه لا يمكن قبول مثل هذه الأخطاء التي تتسبب في وفيات بسبب الإهمال واللامبالاة، كاشفا عن أن إدارته زودت رئيس الهيئة الطبية الشرعية بصورة من قرار الإغلاق للمستشفى لتضمينها ملف القضية لاستكمال التحقيق فيما يتعلق بالحق الخاص لأسرة الطفل المتوفى. ردة فعل من جانبه، قال يوسف عبداللطيف جميل، والد الضحية ل"الوطن" إنه راض بما صدر في حق المستشفى، لأن القرار سيحمي المواطنين من جشع المستشفيات الخاصة ومن تكرار الأخطاء الطبية والإهمال، مؤكدا عدم تنازله عن حق ابنه صلاح الدين. وأضاف أن القضية ما زالت تنظر الحق الخاص، بحيث سيتم تحويل أوراق القضية للجنة الصحية الشرعية الأساسية في جدة للتحقيق مع الأطراف المتسببة في وفاة ابنه، مشيرا إلى أن هناك عددا من الأطراف المشاركة في هذا الخطأ، بدءا من المستشفى والطبيب الذي باشر حالة الطفل وشركة الصيانة التي ادعى المستشفى أنها المتسببة في الخطأ، وأن قضية صلاح الدين والخطأ الطبي الذي ارتكب بحقه قد يكونان سببا لصحوة تصب العقوبات على كل من لا يشعر بحجم المسؤولية الملقاة على عاتقه. مطاردة الطبيب من جهته أوضح رئيس اللجنة الصحية الشرعية سابقا في جدة، عبد الرحمن العجيري ل"الوطن"، أن قضية وفاة الطفل صلاح الدين البالغ 8 أعوام تحمل جانبين، جانبا عاما، وآخر خاصا، ولابد أن يصدر فيهما عقوبات، وفيما يخص إغلاق المستشفى فهذا يعتبر الحق العام، أما فيما يختص بالحق الخاص فلابد أن تتم إحالة أوراق القضية إلى اللجنة الصحية الشرعية للحكم بالدية الشرعية لذوي المتوفى وقدرها 300 ألف ريال، مشيرا إلى أهمية قيام أعضاء اللجنة الصحية الشرعية بالنظر في نسبة وقوع الخطأ الطبي ومدى الخطورة المتسببة في وفاة الطفل واستجواب المتسببين ومالك المستشفى وشركة الصيانة، ويتم إصدار غرامة مالية، بالإضافة إلى سجن الطبيب المتسبب في حدوث الخطأ الطبي، ويتم إحضار الطبيب عن طريق "الإنتربول الدولي" لتطبيق قرار سجنه. أما العقوبات المالية التي تصدر في حق الأطباء المتسببين في الأخطاء الطبية فتقوم بدفعها شركات التأمين، وهذا متعارف عليه. وذكر العجيري أن الأخطاء الطبية المرتكبة في مستشفيات جدة تجاوزت 60%، موكدا أن قرار الإغلاق لمستشفى عرفان سيكون رادعا لكل من يتهاون في أروح المرضى، إلى جانب أن قرار الإغلاق سيساهم بدور كبير في التقليل من الأخطاء الطبية التي تقع في دهاليز المستشفيات الخاصة. وأضاف أن اللجنة الصحية الشرعية سبق أن استقبلت أكثر من 20 قضية خطأ طبي حدث في مستشفى عرفان، وجميعها كانت أخطاء واضحة تتسبب في حالات إعاقة أو حدوث وفاة للمرضى، وصدر في حقها أحكام من قبل اللجنة الصحية الشرعية. مخالفات خطيرة من جهتها، علمت "الوطن" من مصادر مطلعة في الشؤون الصحية بجدة، أن الخطأ الذي ارتكب بحق الطفل تضمن استخدام الطبيب الهارب في غرفة الأشعة غاز النتروجين، وكرر العملية عدة مرات بدلا من إعطاء الطفل غاز الأكسجين، مما أدخل الطفل في حالة من التشنج وارتخاء في عضلة القلب، ثم أعطي جرعة أخرى من غاز النتروجين للطفل ظناً منه أنها أكسجين، وبعد 17 دقيقة اكتشف الخطأ الذي تسبب بموت الطفل دماغياً، إلى جانب أن اللجان التي زارت المستشفى رصدت عدة مخالفات، منها نقص في الأجهزة الطبية وإهمال في مراقبة النواقص والعمل على توفيرها، وتمكين الطبيب المتسبب في هذا الخطأ من الهروب خارج البلاد. منع الصحفيين وكان مستشفى عرفان قد شهد أمس أحداثا درامية دارت بين رجال أمن المستشفى والإعلاميين والمصورين أثناء تطبيق قرار الإغلاق لمدة 60 يوما، حيث تصدى رجال الأمن في المنشأة الصحية لكافة الإعلاميين ومنعوهم من الدخول حتى لا يتم التقاط أحداث تطبيق قرار الإغلاق من قبل اللجنة المكلفة من المديرية العامة للشؤون الصحية بجدة. وكان وزير الصحة الدكتور عبدالله الربيعة أصدر أمس قرارا يقضي بإغلاق مستشفى عرفان بسبب الخطأ الطبي الذي أودى بحياة الطفل صلاح الدين يوسف عبد اللطيف جميل، وعلى الفور توجهت لجنة الإغلاق الفوري بصحة جدة ظهر أمس، برئاسة مدير إدارة الرخص الطبية بصحة جدة الدكتور طارق بنجر وعضوية فريق الإغلاق الفوري من الإمارة والشرطة، لتبدأ الإغلاق التدريجي للمستشفى بدءا بقسم الدخول والعيادات الخارجية وقسم الطوارئ والعمليات الجراحية والأقسام الأخرى ماعدا قسم العمليات الطارئة للمرضى المنومين داخل المستشفى، مع إلزام الإدارة بالنقل الفوري للمرضى المنومين لاستكمال علاجهم في المستشفيات الأخرى.