تضعضعت علاقة تونس الراسخة تقليدياً مع الغرب على مدى السنوات القليلة الماضية، لكن على مستوى آخر، تستمر الشراكة بين تونس والغرب على قدم وساق. فقد قادت إيطاليا، على وجه الخصوص، الجهود نيابة عن الاتحاد الأوروبي لإشراك تونس في المسائل المتعلقة بالهجرة على وجه التحديد ولكن أيضاً في إطار «نهج من 360 درجة» للمساعدة في تنمية أفريقيا يُعرف باسم «خطة ماتي». وقد أثارت مذكرة التفاهم الموقعة بين الاتحاد الأوروبي وتونس في يوليو 2023 انتقادات (بما في ذلك من داخل البرلمان الأوروبي) بالإضافة إلى الارتباك عندما أعادت تونس دفعة أولية بقيمة 60 مليون يورو إلى بروكسل. وفي الواقع أدت هذه السلسلة من الأحداث في النهاية إلى إنفاق الاتحاد الأوروبي مبلغ 150 مليون يورو لدعم الميزانية. وفي غضون ذلك، توجَّب على الولاياتالمتحدة أن تتوخى الحذر منذ السابع من أكتوبر نظراً لدعمها الثابت لإسرائيل. لكن الحكومة الأمريكية، بشكل عام، وجدت أن شركاء المجتمع المدني التونسي، لا سيما الشركاء المحليين، ومن بينهم المؤسسات الصغيرة، لا يريدون تفويت فرصة الحصول على التمويل الأمريكي. ويبدو أن المبدأ العام بين الجهات الفاعلة الغربية هو الحفاظ على الانخراط، حتى لو كان ذلك صعباً. ووفقاً لهذا المنطق، فإن مثل هذا السلوك العملي سيساعد في نهاية المطاف العلاقة على تجاوز الأوقات الصعبة ويمنع تونس من الدخول بشكل كامل في دائرة النفوذ الروسي والصيني على المدى الطويل. تقلق إيطاليا بشكل خاص بشأن استقرار تونس. فالبَلدان يتشاركان تاريخاً متداخلاً ولا يفصل بينهما سوى 322 كيلومتراً. وفي الآونة الأخيرة، انطلقت أعداد كبيرة من المهاجرين، سواء من أصل تونسي أو من بلدان أخرى في القارة الأفريقية، من تونس ووصلت إلى الشواطئ الإيطالية. ومع ذلك، ففي الأشهر الأخيرة، انخفض عدد الوافدين إلى إيطاليا عبر هذا المسار بفضل تعاون إيطالياوتونس في مراقبة الحدود. لكن نظراً لغياب التدابير التي تهدف صراحةً إلى معالجة حقوق المهاجرين وحمايتهم، يُنظر إلى إيطاليا - التي أبرمت اتفاقيات مماثلة مع مصر وليبيا وألبانيا وموريتانيا - على أنها متواطئة في انتهاكات حقوق المهاجرين. فضلاً عن ذلك، تواصل الولاياتالمتحدة العمل بشكل وثيق مع الجيش التونسي، الأمر الذي يشكل علاقة مربحة للجانبين. وتَعتبر واشنطنتونس شريكاً أمنياً قيّماً في القارة الأفريقية، حيث يشكل النشاط الجهادي المتزايد وضعف النفوذ الغربي في منطقة الساحل المجاورة مصدر قلق متزايد. وفي الوقت نفسه، يقدر الجيش التونسي التدريب والمعدات التي يتلقاها من الولاياتالمتحدة وسيعاني مادياً بدونها. ومن الناحية العملية، يواصل الغرب تعاونه مع تونس. ويشمل ذلك تحسناً ملحوظاً في الكفاءة المهنية لقوات الأمن وأنشطة مثل إصلاح العدالة الجنائية. كما تقود إيطاليا، باستثمارات من ألمانيا والاتحاد الأوروبي و«البنك الدولي»، مشروع «الربط الكهربائي بين تونسوإيطاليا (الماد)» الذي ينطوي على مد كابل كهرباء تحت الماء في البحر المتوسط في إطار التحول العالمي بعيداً عن النفط والغاز. لكن قدرة الغرب على التأثير في مستقبل تونس تظل غير واضحة إلى حد كبير. * معهد واشنطن