لتعاقب الفصول، من شتاء لربيع ثم صيفٍ فخريف، تأثير في صحة الإنسان النفسية والجسدية. في الشتاء يقل التعرض لأشعة الشمس وضوء النهار ويطول الليل، فيُصاب البعض باكتئاب الشتاء، بينما آخرون يستمتعون بالأجواء الشتوية، وتزداد شهيتهم للطعام. في الصيف يرتفع معدل الجرائم عالميًا، لارتفاع درجات الحرارة والتي تجعل الإنسان متوترا وأكثر عصبية وأقل شهية للطعام، وآخرون يزداد نشاطهم في هذا الفصل، لتعرضهم لضوء النهار. ويبقى فصل الربيع الأجمل أثرًا في نفسية الناس وأمزجتهم. السؤال الذي يفرض نفسه، ما علاقة شهيتنا وصحتنا بفصول السنة؟ لماذا تزداد شهية الناس عادة في الشتاء! وتقل صيفًا؟ في الشتاء يحتاج الجسم للدفء، عن طريق استهلاك أطعمة ذات سعرات حرارية عالية كالسكريات والدهون، ويميل الناس إلى تناول الأطعمة الساخنة. هناك من ربط ذلك بالتكوين البيولوجي منذ الزمن القديم، عندما كان الإنسان يحاول تخزين كل السعرات الحرارية التي يمكنها مساعدته في البقاء على قيد الحياة في الأزمات. كذلك مع قلة التعرض للشمس يقل مستوى فيتامين دال، ما يؤدي لخفض مستوى هرمون السعادة (السيروتونين)، فيسعى الجسم لتعويض نقص هذا الهرمون عن طريق زيادة الرغبة في تناول الأطعمة عالية الكربوهيدرات بهدف تحفيز هرمون السعادة وتحسين المزاج. كما يقل نشاط هرمون الإحساس بالشبع (الليبتين) في فصل الشتاء، فتزداد كمية الوجبات، وينتهي الشتاء غالبًا بزيادة في الوزن. في فصل الصيف، تقل الشهية، ففي الأجواء الحارة، يستهلك الجسم سعرات حرارية أقل كوسيلة للتبريد، وعادة ما يأكل الأشخاص في المناطق الأكثر دفئًا سعرات حرارية أقل، لأن تناول سعرات أكثر ينتج عنه حرارة، ويمكن أن تُشعر صاحبها بالاحترار أكثر. قد يكون أيضًا فقد الشهية أحد أعراض ضربات شمس، يصاحبها ارتفاع في درجة حرارة الجسم، وزيادة في معدل ضربات القلب ويشعر الشخص بغثيان ودوار، ووجد أن الإناث أقل تضررا من ارتفاع درجات الحرارة، بينما يفقدن القدرة على تحمل درجات الحرارة المنخفضة لضعف كتلتهنّ العضلية، وقلة معدل الأيض عن الذكور. وجدت دراسة صينية حديثة أن مقابل كل درجة مئوية ارتفاعًا في درجة الحرارة، تقل الشهية للطعام بنسبة 0.11%. حتى مع قلة الطعام يشعر الإنسان بالتخمة والتعب، لذلك أنسب طعام لفصل الصيف هو الفواكه والخضروات التي تنضج في هذا الفصل. ويُنصح بتناول (السلطات الباردة، البطيخ، التوت، الفراولة، المشمش، الطماطم، الخيار، والباذنجان) لترطيب الجسم وتزويده بمغذيات تحافظ على توازن السوائل، مع التقليل من اللحوم والبروتينات الحيوانية والتي تزيد من حرارة الجسم، والإقلال من القهوة والشاي لمنع الجفاف. وعادة يرغب الإنسان في هذا الفصل في المأكولات والمشروبات الباردة عكس الشتاء، وتقل رغبته في تناول المأكولات الساخنة بالذات في الأماكن غير المكيفة. ارتفاع درجات الحرارة يؤثر في كل أجهزة الجسم، حتى أن بعض الدراسات ذكرت أن حجم الدماغ تقلص على مدى الدهور مع ارتفاع درجات الحرارة، وقد حذر الأطباء من التعرض للأجواء شديدة الحرارة، لما لها من أثر في صحة الجلد، العين والأنف والأذن والحنجرة والمخ والأعصاب، نتيجة الإجهاد الحراري. ولاحظت بعض الدراسات زيادة معدل الولادات المبكرة في فصل الصيف مع ارتفاع درجة الحرارة، نتيجة -غالبًا - فقدان السوائل. وتشير الدراسات إلى أن الحرارة المرتفعة لا تؤثر في البالغين فقط، بل تؤثر في الأطفال أيضًا، حتى وإن كانوا يتمتعون بصحة جيدة. الأطفال وكبار السن هم الأكثر تأثرًا بموجات الحر الشديدة، عندما يفقد الجسم السوائل بمقدار 1% من وزن الجسم، يختل النظام الحراري ويسبب العطش، وكلما فقد الجسم نسبة أعلى يشعر الشخص بعدم الراحة وجفاف في الفم وفقدان الشهية. فإذا فقد 4% من السوائل، تنخفض قدرة العمل بنسبة 20-30%، وعندما يفقد أكثر من ذلك يصبح التركيز صعبًا ويُصاب بالصداع والنعاس. ويمكن أن يشكل فقدان 10% من السوائل خطورة على الحياة، لذلك يجب تجنب الأجواء شديدة الحرارة، والإكثار من شرب الماء والسوائل بحيث لا تقل عن 3 لترات في اليوم، لترتوي خلايا الجسم فتؤدي وظائفها البيولوجية بشكل طبيعي.